السبت 23 أغسطس 2025 01:32 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : استرداد مصر التنظيم الاقليمي و القانوني علي قناة السويس

النهار نيوز

إثر العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 ، وتعطل الملاحة في المجري العالمي عامي 1956-1957 ، وقيام منظمة الأمم المتحدة بجهود ضخمة لتأهيل المجري للملاحة ثانية ، قامت مصر بإعلان انفرادي خياري للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة عام 1957، ويطلب إليه تسجيله في المنظمة .

تضمن البيان عشرة أسس قانونية لتنظيم المركز القانوني لقناة السويس من جهة ، ولحسم ما قد ينشأ من منازعات في خصوص تفسير و تنفيذ أحكام اتفاقية القسطنطينية عام 1888، ولتشغيل القناة و إدارتها .

أكد البيان الانفرادي المصري في البند الأول أن سياسة الحكومة المصرية الثابتة و هدفها الأكيد ، هو احترام اتفاقية القسطنطينية عام 1888، وما ينشأ عنها من حقوق وواجبات نصا وروحا ، وأن الحكومة المصرية ستظل تحترم الاتفاقية وتعمل علي مراعاتها وتنفيذها ، وقرنت الحكومة المصرية احترامها لاتفاقية القسطينطينة بيقينها بأن بقية الموقعين علي الاتفاقية المذكورة ، وجميع الآخرين المعنيين بالأمر، ستحدوهم الروح ذاتها ، و جاء هذا الربط فى البند الثاني من بنود التصريح.

والربط بين ما جاء بالبند الأول وما جاء بالبند الثاني من بنود التصريح الانفرادي له دلالة خاصة يجب عدم التهوين من شأنها ، فالتاريخ الطويل لقناة السويس يثبت أن كثيرا من الدول الموقعة على اتفاقية القسطنطينية ومن الدول غير الموقعة عليها قد خرقت أحكام هذه الاتفاقية مرات متعددة . وأن إحداها على الأقل - وهى المملكة المتحدة - قد ظلت تخالف أحكامها طيلة سبعين سنة مستمرة ، وأنها اعتدت على القناة فى سنة ١٩٥٦ هى وفرنسا مما يشكل خرقا صارخا لأحكام الاتفاقية ولأحكام ميثاق الأمم المتحدة ، كما أن فريق دول الحلفاء قد خالف روح اتفاقية القسطنطينية في الحربين العالميتين الأولى والثانية ، وذلك بمنع حرية الملاحة فى القناة من الجهة العملية ، كما أن فريق الدول المعادية للحلفاء فى الحرب العالمية الأولى قد حاول الاعتداء على القناة برا .

وفى خلال هذه الفترة الطويلة كانت حقوق مصر - الدولة صاحبة القناة وصاحبة الولاية الاقليمية عليها - كانت حقوقها موقوفة أو غير محترمة ولا يبالي بها أحد ؛ لذلك فان الربط بين عزم مصر الأكيد على احترام اتفاقية ۱۸۸۸ نصا وروحا وبين يقينها بأن الموقعين على الاتفاقية وجميع الآخرين المعنيين بالأمر ستحدوهم الروح ذاتها ، معناه الواضح أن مصر سوف تعمل دائما أن تكون موازين حقوق مصر والتزاماتها من جهة وحقوق الدول الأخرى والتزاماتها من جهة أخرى موازين متكافئة متعادلة .

وألا يكون الغرم فى جانب مصر والغنم في الجانب الآخر ويضاف الى هذين البندين ما جاء فى الفقرة (أ) من البند الثالث وهو اعلان مصر لتصميمها بوجه خاص على ايجاد ملاحة حرة مستمرة وعلى الاحتفاظ بها لجميع الأمم فى حدود اتفاقية القسطنطينية ووفقا لأحكامها .

وعملا مبادئ هذه الاتفاقية، فقد فرض البيان على هيئة قناة السويس التزاما بألا تسمح بأية حال لأية سفينة أو شركة أو طرف من الأطراف أي امتياز أو رعاية لا تمنح للسفن أو الشركات أو الأطراف الأخرى فى ظروف مشابهة . وقد جاء هذا الالتزام فى الفقرة (أ) من البند السابع من بيان الحكومة المصرية .

ثانيا - وسائل تسوية المنازعات أو الخلافات : أشار البيان الانفرادي الذي أصدرته الحكومة المصرية فى ٢٤ من أبريل سنة ١٩٥٧ فى خصوص قناة السويس الى نوعين من الخلافات أو المنازعات التي يحتمل أن تنشأ جراء تطبيق مبادئ اتفاقية ۱۸۸۸ أو من جراء تفسير أحكام هذه الاتفاقية. فأما النوع الأول فهو تلك الخلافات التي قد تنشأ بين دول ليست كلها أو بعضها من الموقعين على اتفاقية ۱۸۸۸ ، ويكون موضوعها متعلقا باتفاقية ۱۸۸۸ أو بما جاء ببيان الحكومة المصرية الصادر فى ٢٤ من ابريل سنة ١٩٥٧ ؛ فاذا نشأ نزاع أو خلاف هذا من النوع فإنه يسوى طبقا لميثاق يسوى طبقا لميثاق الأمم المتحدة وما ذكره الميثاق من وسائل فى البابين السادس والسابع منه أي الوسائل السلمية أو وسائل القمع - وهذا ما نصت عليه الفقرة (أ) من البند التاسع من بنود البيان المصري .

أما الفقرة (ب) من البند التاسع من البيان المصري فتشير إلي الخلافات الناشئة بين أطراف اتفاقية القسطنطينية - أي بين الموقعين عليها والتي يكون موضوعها تفسير نصوص اتفاقية ۱۸۸۸ أو تطبيقها فتحال إلى محكمة العدل الدولية إذا لم تحل بوسيلة أخرى ؛ وقد قبلت مصر الولاية الجبرية لمحكمة العدل الدولية فى حدود هذه الفقرة فى ١٨ من يوليو عام ١٩٥٧ ؛ وغنى عن البيان أن أية دولة ليست طرفا في اتفاقية ۱۸۸۸ - إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية - لا يجوز لها أن تستفيد من أحكام هذه الفقرة.

هذا هو التنظيم الذي وضعته مصر بإرادتها الانفرادية لقنـاة السويس بوصفها صاحبة السيادة الاقليمية عليها ، وقد استقر هذا التنظيم واستقام . وقد حاولت بعض الدول أن تنازع فيه أثر صدور البيان الخاص به ، وعرضت الأمر على مجلس الأمن في ٢٦ من أبريل سنة ١٩٥٧ على أساس أن التصريح الانفرادي ليس له قوة الزامية قانونية دولية ؛ ولكن المجلس لم يصدر فى هذا الشأن أي قرار ؛ وبهذا يمكن التقرير بأن مصر استردت سيادتها الاقليمية والتنظيمية لقناة السويس استردادا كاملا.