الخميس 20 نوفمبر 2025 06:56 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

جودة أبو النور يكتب: مدحت شلبي… أيقونة التعليق الرياضي وصوت الملايين

النهار نيوز

دخل الكابتن مدحت شلبي قلوب الجماهير بصوته الفريد وخفة ظله من خلف الشاشات، ليصبح أيقونة في التعليق الرياضي على مدار تاريخ الساحرة المستديرة في مصر، التي شهدت ميلاد العديد من نجوم التعليق، مازالت أسماؤهم محفورة بحروف من ذهب في ذاكرة المشاهدين.

ويعتبر شلبي امتدادًا طبيعيًا للجيل الذهبي من المعلقين الرياضيين، حيث يتميز بأسلوبه الخاص الذي يجمع بين العفوية والتلقائية، وقد صاغ بتعليقاته على المباريات الكبرى “إفيهات كروية” مازالت تتردد حتى اليوم، خاصة في مباريات الأهلي والزمالك، وأصبحت جزءًا من التراث اللغوي للكرة المصرية.

من الملاعب إلى الشرطة ثم إلى الإعلام

بدأ مدحت شلبي حياته كلاعب كرة قدم في نادي الشرطة، ثم انتقل إلى نادي الشمس، حيث لم يقتصر دوره على اللعب فحسب، بل تولى تدريب الفريق بعد رحيل المدرب، وتمكن من صعود الفريق من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الأولى، كما وصل بالفريق إلى نصف نهائي كأس مصر قبل الخروج أمام الإسماعيلي بركلات الترجيح.

تزامنت حياته الرياضية مع مسيرته المهنية في الشرطة، حيث التحق بكلية الشرطة وتخرج فيها، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى منصب مساعد رئيس قطاع الأحوال المدنية، ثم تقاعد برتبة لواء، ما أكسبه شخصية انضباطية قوية وهدوءًا في التعامل مع المواقف الصعبة.

رحلة إعلامية متميزة

دخل شلبي عالم الإعلام في التسعينيات، مقدمًا برامج متنوعة مثل “سباق القمة” و**“ضحك ولعب وجد”، قبل أن يتفرغ بالكامل للإعلام الرياضي، حيث أصبح معلقًا للعديد من مباريات كرة القدم، ومديرًا إعلاميًا ومتحدثًا رسميًا لاتحاد الكرة لمدة 10 سنوات.

ولا يمكن نسيان تعليقاته الأسطورية التي رسخت في أذهان الجماهير، مثل تصريحه في مباراة مصر وغانا في تصفيات كأس العالم: “لا رحماني بابا ولا ماما” و*“أرقد في الدرة ورا واخطف واحدة واجري”*.

وكذلك تعليقه في مباراة مصر وأوغندا في برج العرب عندما وصف منتخب الأوناش بـ*“الدبة الباندا”. كما اشتهرت عباراته الفكاهية والمميزة مثل:“من جاور السعيد يسعد.. شوفلي شقة جنبك يا سعيد”، و“ما بين قربك وخوفي عليك من فضلك أقفل رجليك”*، وعبارات أخرى فكاهية وحماسية مثل:“رونالدو ورانا شوية مجانص .. ولا الشحات مبروك عضلات في الصدر و10 في الرقبة وبؤه كوم تاني سيرك ريال مدريد اتفتح .. حاجاتك والنبي حاجاتك”

ومن أبرز تعليقاته التي لا تزال تتردد على الألسنة:“بيبو وبشير.. بيبو والجون” التي رددها ثلاث مرات أثناء تسجيل خالد بيبو نجم الأهلي لهدفه التاريخي في شباك الزمالك يوم 16 مايو 2002، ضمن مباراة انتهت بفوز الأهلي 6-1.

ظاهرة إعلامية عربية

ليس غريبًا أن يتصدر شلبي الاستفتاءات السنوية في مصر والوطن العربي، فهو واحد من القلة الذين تتوحد حولهم الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج. ومع كل انتقال له إلى قناة فضائية، تزحف الجماهير إليه من كل أقطار الوطن العربي، مؤكدين أن حضوره ليس مجرد مشاهدة، بل تجربة مليئة بالحياة والمرح والمعرفة.

صوته الفريد لحناً خالداً ومتفرّدًا، أثرى لغة التعليق الرياضي بعشرات المفردات والعبارات التي أصبحت جزءًا من التراث الرياضي والثقافة الجماهيرية، تستخدمها الصحف في عناوينها، وتتناقلها الجماهير بين الناس مجرى الأمثال.

تكريم مستحق

ومع هذه المسيرة الحافلة، أصبح تكريم الكابتن مدحت شلبي منطقيًا وحتميًا وواجبا ، إذا أردنا أن نفكر خارج الصندوق ونكسر عادة أن نكتشف قيمة الشخصيات المؤثرة فقط بعد رحيلها. فشلبي حاضر بيننا، مؤثر وملهم، وصوته وأسلوبه يعيشان ويؤثران مباشرة على الجماهير، ولا يحتاج الانتظار لنقول: “فلان الذي كان”.

الكابتن مدحت شلبي ليس مجرد إعلامي أو معلق، بل صوت… ولحن… ورمز… وتجربة حية. من الملاعب إلى الشاشة، ومن مصر إلى الوطن العربي كله، سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة كرة القدم، وصوته لحناً خالدًا يرافق الجماهير، ومسيرته مثالًا حيًا على الاحتراف والشغف والابتكار في عالم الإعلام الرياضي.