شرين عصام تكتب: حين انتصر الصندوق على النفوذ… وإرادة الشعب على النتائج

شهدت الانتخابات البرلمانية الأخيرة واحدة من أكثر اللحظات السياسية حساسية في المشهد المصري خلال السنوات الماضية. فلم تكن المنافسة مجرد سباق انتخابي روتيني، بل تحوّلت إلى اختبار حقيقي لإرادة الناخب، بين من يراهن على نزاهة الصندوق، ومن يتكئ على أدوات النفوذ والمال والضغط لفرض نتائج لا تعبّر عن الواقع.

ومع توالي الشكاوى وحديث المواطنين عن اختلاف في أرقام الفرز ووجود تجاوزات في بعض الدوائر، باتت الدولة أمام مفترق طرق: إما تجاهل ما جرى، أو اتخاذ موقف حاسم يعيد الاعتبار لحق الناس في اختيار ممثليهم. وجاء القرار هذه المرة مختلفًا؛ فصوت المواطن ارتفع فوق كل اعتبارات أخرى، ليعيد التأكيد أن الشرعية تأتي من الصندوق وحده، لا من النفوذ.

خطوة إعادة الانتخابات — أو إلغاء نتائج دوائر كاملة — لم تكن مألوفة في الحياة السياسية المصرية في السنوات الأخيرة، لكنها شكّلت رسالة واضحة مفادها أن المقعد البرلماني لم يعد مكافأة تُمنح، بل استحقاق يُنتزع بثقة الناخبين. ومن ثم، فإن تصحيح المسار ليس فضيحة كما يصوره البعض، بل الفضيحة الحقيقية هي أن يُسمح للتجاوزات بالمرور دون حساب. فإعادة التصويت تعني ببساطة: من لم يحترم صوت الناس، لا مكان له تحت قبة البرلمان.

هذه اللحظة قد تكون نقطة تحول فارقة. فإذا تم تطبيق الخطوات بشفافية كاملة، فإنها ستعيد بناء الثقة بين المواطن وصنّاع القرار، وستثبت أن الصندوق ليس مجرد ديكور سياسي، بل أداة حكم حقيقية. أما إذا تحوّلت الإجراءات إلى خطوة شكلية بلا وضوح، فسوف تترك أثرًا سلبيًا يهدم ما تبقى من جسور الثقة.

المواطن لا يخاف من إعادة الانتخابات؛

المواطن يخاف من أن تُسرق الحقيقة باسمه.

يبقى البرلمان — في النهاية — انعكاسًا لصوت الأمة، لا انعكاسًا لقوة الأفراد. فإذا تحرّر المقعد البرلماني من سطوة النفوذ، واحتكمت العملية الانتخابية فقط إلى إرادة الشعب، عندها فقط يمكن القول إن الديمقراطية قد انتصرت حقًا.

تحية لكل مصري نزل إلى لجان الاقتراع بإيمان ومسؤولية. فالانتخابات ليست مجرد تنافس بين مرشحين، بل هي معركة بين الحق والظلم… وأنتم دائمًا أهل للحق.