د.محمود ابوعميرة يكتب فرح : فتاة اماراتية من الارتباك إلى الأرقام القياسية.


فرح فتاة اماراتية جميلة وطموحة، اسمها وحده كفيل بأن يزرع البهجة في القلب قبل أن يُنطق به اللسان، وكأن الحروف حين تجتمع لتقول فَــرَح، تصبح موسيقى خفيفة تُسمع قبل أن تُقرأ، وروحًا مشرقة تُحسّ قبل أن تُرى، فكأن فيها شيء من اسمها الجميل، بل ربما اسمها مستمد من شيء فيها، فهي ليستِ فقط “فرحًا” كاسم، بل فرحٌ وسعادة تمشي، وتتنفس، وتبتسم.
جمالها ليس جمال الوجوه فقط، بل جمال الحضور، جمال الهدوء، جمال الطاقة التي تجعل المكان من حولها أكثر دفئًا وروعة، ويكفيها تلك اللمعة التي لا تشبه أحدًا، وحضورها الذي لا يحتاج إلى كلمات؛ فمجرّد وقوفها يترك أثرًا لا يمحوه الوقت.
نعم فرح فتاة جميلة، ليس لأن ملامحها جميلة فقط، بل لأن روحها تشبه اشعة الشمس الذهبية وضوء الصباح، الناعم، الصادق، الدافئ، الذي يبعث فيمن يراها إحساسًا بالروح والحياة.
ويا لروعة اسمها، وكأنه دعاء دائم بأن يبقى قلبها مبتهجًا، وأن تبقى خطواتها مليئة بما يليق بها من روعة وجمال، نعم اسمها وحده قصيدة شعرية جميلة، وكل حرف فيه يكتب معنى مختلفًا لعالم الجمال، ووجودها مقطوعة ومعزوفة موسيقية لعالم اخر من النغم والطرب الاصيل يعكس واقعا أكثر سحرا وجمالا .
كانت فرح، الفتاة اماراتية الجميلة، في الثانية والعشرين من عمرها، عندما بدأت رحلتها في لعبة القوى البدنية عندما كانت في التاسعة عشرة، ومنذ الخطوة الأولى داخل صالة التدريب، كانت تشعر بأنها غريبة تمامًا عن هذا العالم، فلم تكن تعرف أسماء المعدات، ولا طريقة استخدامها، ولا حتى أبسط أساسيات اللعبة، فكل شيء لديها كان جديدًا، غريبًا، ومربكًا.
ومع ذلك، وبصبر وبرغبة داخلية في اكتشاف الذات، بدأت فرح تتعلم فنون اللعبة تدريجيًا، والتحقت بفريق القوى البدنية في جامعة زايد، وهناك حصلت على أول دعم حقيقي من المدربين والزميلات.
وبعد شهرين فقط من التمرين، فاجأها مدربها بقرار تسجيلها للمشاركة في بطولة، وبالنسبة لفرح كان هذا الخبر أشبه بصدمة، لانها ما زالت مبتدئة ولا تمتلك خبرة، ولا تعرف الكثير عن قواعد البطولات.
فلم يمضي أكثر من شهرين فقط! حتى دخلت يوم البطولة وهي في قمة التوتر، فكانت تشعر بالاختناق من شدة القلق وكان يدور في ذهنها فكرة واحدة وهي: هذه اللعبة ليست لي، لماذا أنا هنا أصلاً؟" لدرجة إنها قبل البطولة كانت قد اتخذت قرارًا بأن تخبر مدربها بأنها ستترك الفريق.
وكانت المفاجأة واللحظة التي غيّرت كل شيء عندما دخلت القاعة لأول مرة وشاهدت المتسابقات فتغير كل شيء لديها حيث رأت فتيات يرفعن أوزانًا لم تكن تتخيل يومًا أن امرأة تستطيع رفعها: فشاهدت فتاة ترفع 180 كجم في رفعة الديدلفت، وأخرى ترفع 140 كجم في السكوات، فكانت هذه الأرقام صادمة بالنسبة لها، فهي في تلك الفترة كانت ترفع: 60 كجم في السكوات، و27 كجم في البنش برس، و70 كجم في الديدلفت.
ومع ذلك عندما رأت تلك القوة أمامها، لم تستسلم أو تشعر بالإحباط، بل على العكس اشتعل الحماس داخلها، وقالت لنفسها باللهجة الاماراتية إذا هن قدروا ليش أنا ما أقدر؟"
فكانت نقطة التحول في حياتها على مستوى ممارسة اللعبة الشاقة، فمن هدف صغير إلى إنجاز ضخم لم تكن فرح تتصوره، حيث وضعت هدفًا بسيطًا وقالت لنفسها: أريد أن أصل إلى 100 كيلو في الديدلفت، ثم وصلت، فقالت لنفسها: خلني أكمل للـ120، ثم وصلت ثم قالت: بكمل لين أوصل 140.
واليوم وبعد سنوات من المثابرة والالتزام أصبحت فرح بطلة تحمل أرقامًا قياسية في فنون اللعبة، وأصبحت تحمل الرقم القياسي الإماراتي لفئة الناشئين: في رفعة الديدلفت، وفي رفعة السكوات ولفئة وزن أقل من 84 كجم على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، وكل هذا بدأ من فتاة لم تكن تعرف حتى أسماء المعدات.
وهنا يجب ان يستوعب من يحيا في هذا العالم وكل الرياضيين حقيقة هامة ومثيرة من رحلة فرح تلك الفتاة الاماراتية الرائعة، وهي أن الحياة ليست بطول البقاء بل بقدر العطاء، نعم كانت فرح رائعة وطموحة على قدر عطاءها وبقدر ما قدمته من اجتهاد وما كان لديها من ارادة قوية وعزيمة تفل الحديد جعلتها تتفوق على نفسها وعلى العالم من حولها، فأصبحت بطلة رياضية محليا وعالميا.
كما تؤكد رحلة فرح أن الرياضة حينما تصنع إنسانًا جديدًا أن القوة ليست فقط فيما نستطيع رفعه بأجسادنا، بل فيما نستطيع تجاوزه من مخاوفنا وشكوكنا الداخلية، فلم تكن هذه الفتاة تبحث عن لعبة جديدة، بل كانت تبحث عن ذاتها، ووجدت قوة لم تكن تعرف أنها موجودة بداخلها.
وهنا ندرك أن قصص النجاح في هذا العالم ليس بالضرورة أن تبدأ بخطة مدروسة، أو رغبة عميقة، أو موهبة واضحة، بل أحيانًا تبدأ الحكايات الكبرى من لحظة عابرة، من خطوة خجولة، من تجربة لم يكن صاحبها يتوقع أنها ستغيّر حياته بالكامل.
وعلى ذلك فقصة البطلة الرياضية فرح قصة إنسانية خالصة، تحمل في طياتها رسائل عميقة عن الإصرار، وإعادة تشكيل الهوية، وبناء الثقة بالنفس، لانها تعلمنا أن القوة ليست في العضلات فقط، بل في العقل والانضباط والتحمّل، كما تعلمنا أن التدريب ليس مجرد حركة جسدية، بل هو رحلة يومية نحو نسخة أفضل من الذات.
كان التحول الأعمق عندما ادركت فرح أن القوى البدنية لا تعطِ عضلات فقط، بل تمنح: الثقة بالنفس والقوة الداخلية والانضباطًا اليومي والشعور بالإنجاز، والهدف الذي تستيقظ من أجله كل صباح، بعد أن تعلّمت أن القوة لا تأتي فجأة، بل تُبنى ببطء، مثل الجدار الذي تضع فيه حجرًا كل يوم.
ولعل أهم شيء اكتسبته البطلة فرح هو شعورها بأنها تنتمي، تنتمي لهذا المكان، تنتمي لهذه الرياضة، تنتمي لهذا المجتمع القوي والاصيل والداعم لها ولكل ابناء الوطن العزيز، فيما يعد ما وصلت اليه إنجازا يجعلها من أبرز الوجوه الشبابية في دولة الإمارات في مجال القوى البدنية، ويمثل نموذجًا ملهمًا لكل فتاة تبحث عن شغفها أو تحاول اكتشاف قوتها الداخلية.
فالقوة الحقيقية في تجربة فرح كانت في: تجاوز خوفها والاستمرار رغم الشك، والوقوف أمام المجتمع الرياضي بثقة، والانتقال من المجهول إلى التميز، والإيمان بأنها تستحق المكان الذي وصلت إليه.
إن قصة فرح تذكرنا بأن كل إنجاز يبدأ بفكرة صغيرة، وأن كل بطل كان يومًا مبتدئًا لا يعرف شيئًا، وأن القوة ليست هبة، بل تُصنع بصبر وإصرار وروح لا تعرف الاستسلام.
وها هي فرح اليوم تلك الفتاة الاماراتية الرائعة لم تعد مجرد لاعبة قوى بدنية، بل هي قصة تلهم كل فتاة بأن القوة ليست حكرًا على أحد، وأن الطريق إلى الإنجاز يبدأ بخطوة صغيرة، كما تعلمنا أن القوى البدنية ليست مجرد لعبة في حياتنا، بل أسلوب حياة، ورحلة اكتشاف، ودليلًا على أن القوة تُبنى، ولا تُمنح.
وأقولها ويردد معي من يقرأ مقالي احتفاءا واحتفالا بفرح الفتاة الاماراتية الجميلة والطموحة، رائعة الزمان والمكان، دمتي يا فرح صانعة السعادة ونموذجا للإرادة والتحدى وتحقيق النجاح، دمتى فخرا لكل المجتمع العربي ولكل ابناء جيلك من الشباب والفتيات، دمتى رائعة بروعة الحياة ما دامت حية ورائعة في صفحة الزمان.



















سقوط عنصرين اجراميين شديدين الخطورة بالقليوبية
عاجل..سوهاج.. انهيار كوبري مشاة خارج الخدمة بقرية العتامنة بمركز طما
عاجل.. مصرع مواطن بقرية إدفا بمحافظة سوهاج
مصدر أمني : مصرع ثلاثة عناصر جنائية شديدة الخطورة بسوهاج
بالتعاون بين وزارة الاتصالات ومحافظة الفيوم: ختام فعاليات البرنامج التطبيقي على أساسيات...
وزارة الصحة تكرم قيادات الصحة باسيوط للجهود المبذولة للارتقاء بمستوى الخدمات الطبية...
بازار ”أيادي مصر” بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا لدعم وتسويق المنتجات الحرفية والتراثية...