أيمن سلامة: إبادة الفلسطينيين بالغباء الاصطناعي والقنابل الغبية


قال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض الأميركي في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الخميس إن الولايات المتحدة تراجع تقريرا إعلاميا يفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد الأهداف التي يقصفها في غزة.
وأوضح كيربي أن الولايات المتحدة لم تتحقق من محتوى التقرير الذي نشرته مواقع إلكترونية أول أمس الأربعاء والذي أفاد بأن مسؤولي مخابرات إسرائيليين يستخدمون برنامجا يعرف باسم "لافندر" في قصف الأهداف داخل القطاع.
وجاء في التقرير الإعلامي أن الجيش الإسرائيلي صنف عشرات الآلاف من سكان غزة كمشتبه بهم باستخدام نظام الذكاء الاصطناعي ودون مراجعة بشرية، بينما نفى جيش الاحتلال في تصريحات لوسائل إعلام استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف ومواقع المشتبه بهم قبل قصفهم.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية نقلت من جانبها عن مصادر استخباراتية مطلعة أن إسرائيل اعتمدت في قصفها لغزة على قاعدة بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي حددت 37 ألف هدف محتمل.
وأشارت الصحيفة إلى استخدام إسرائيل لنظام الذكاء الاصطناعي المسمى "لافندر" الذي سمح للمسؤولين العسكريين الإسرائيليين بقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، لا سيما خلال الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب.
وأكدت الشهادات أن "لافندر" لعب دورا مركزيا في الحرب، حيث قام بمعالجة كميات كبيرة من البيانات لتحديد أهداف محتملة من "صغار المقاتلين" لاستهدافهم بسرعة، وأوضح 4 ممن أدلوا بشهادتهم أنه في مرحلة مبكرة من الحرب وضع "لافندر" قائمة تضم 37 ألف رجل فلسطيني زعم انتماءهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو حركة الجهاد الإسلامي.
ما فتئت التطبيقات المعاصرة للجرائم الناتجة عن الذكاء الاصطناعي تمثل الطائفة الكبرى من جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، وتكاد تكون الحرب غير الشرعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة المثال الصارخ لمدى الانتهاكات الخارقة للقانون الدولي الإنساني .
جلي أن خطر الأسلحة المستقلة يكمن في عدم مراعاتها المبادئ القانون الدولي الإنساني بصفة عامة، وهي التي تتعلق بالتناسب والتمييز بين العسكري والمدني وعشوائية الضرر وغيرها، بالإضافة إلى الجانب الأخلاقي الذي يكمن في ترك الآلة تقرر من تقتل وكيف تقتل، ما يثير قلق ورعب المجتمع الدولي .
يعد مبدأ التناسب الركيزة الأساسية التي توفر الحماية الدولية لضحايا النزاعات المسلحة عامة وللمدنيين والأعيان المدنية بشكل خاص من كل استهداف قد يحدث من قبل أطراف النزاع، فهذا المبدأ له من الاهمية البالغة في إطار القانون الدولي الإنساني، فقد تم النص على هذا المبدأ في القاعدة رقم (١٤) من القواعد العرفية في القانون الدولي الإنساني، والتي نصت علـى أنـه "يحظر الهجوم الذي قد يتوقع منه أن يتسبب بصورة عارضة خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم أو أضرار بالأعيان المدنية، أو مجموعة من هذه الخسائر والأضرار ويكون مفرطا في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة".
يقصد بهذا المبدأ مراعاة التناسب بين الضرر الذي قد يلحق بالخصم والمزايا العسكرية الممكن تحقيقها نتيجة لاستخدام القوة أثناء سير العمليات العسكرية، ولقد ورد هذا المبدأ في المادة 51 من البروتكول الإضافي الأول لاتفاقيات جينيف عام 1977 ، وتكرر في المادة 57 منه، وكذلك في البروتكول الإضافي الثاني عام 1977، كما نص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
يمكن القول أنه يجب على المقاتلين أن يقوموا بتحديد الأضرار الجانبية والمحتملة التي قد تصيب المدنيين والأعيان المدنية في أي هجوم على أي هدف عسكري، وفي حال لا يوجد هنالك مدنيين أو أعيان مدنية فليست هنالك حاجة لتحليل مبدأ التناسب، وهذا ما يطلق عليه بـ (معيار القائد المعقول أو معقولية القائد العسكري)، والذي يعني أنه يجب على المرء أن ينظر إلى الموقف كما يراه القائد في ضوء جميع الظروف المعروفة .
ويطرح مبدأ التناسب أيضاً مشكلة كيفية برمجة السلاح ذاتي التشغيل من أجل يتوافق مع مبدأ التناسب، ومن خلال هذه البرمجة تقوم تلقاء نفسها هذه الأسلحة بتحليل مبدأ التناسب، لكن يمكن القول أنه من الناحية العملية إذا كان البشر أنفسهم غير قادرين في بعض الأحيان على تقدير إذا كان الهجوم متناسب أم لا، فكيف يستطيع المبرمجون إعداد أسلحة ذاتية تقوم من تلقاء نفسها بتقدير ومراعاة مبدأ التناسب في الهجوم العسكري .
مما تقدم يمكن القول أن مبدأ التناسب يعد من المبادئ التي تواجه صعوبة في تحقيقها عند استخدام الأسلحة ذاتية التشغيل، إلا ان ربط استخدام هذه الاسلحة بالعنصر البشري بوساطة الإنترنت من شأنه أن يخفف من صعوبات تحقيق هذا المبدأ عند استخدام الأسلحة ذاتية التشغيل، لكن مع تقدم التكنولوجيا من الممكن الاستغناء عن العنصر البشري، ولاسيما في المناطق التي لا يوجد فيها مدنيون مما يحقق متطلبات مبدأ التناسب.
التناسب مبدأ توجيهي، بمعني أنه لا يفرض قاعدة سلوك معينة، ولكنه يوضح النهج الذي ينبغي اتباعه، ويقوم علي الموازنة بين الآثار المتوقعة من استعمال سلاح ما، وبين تحقيق النصر العسكري المنشود، وبعبارة أخري، طرح هذه الموازنة أمام القادة السياسيين والعسكريين، قبل إقدامهم على استعمال السلاح، أي فيما إذا كان الثمن الإنساني أكبر من ثمن النصر والظفر بالمعركة.
صفوة القول : تنعقد المسؤولية الدولية المدنية علي إسرائيل حال ارتكابها أي من الجرائم الدولية أثناء النزاع المسلح ، كما تنعقد المسؤولية الدولية الجنائية عن الإسرائيليين المرتكبين لهذه الجرائم .