الخميس 7 أغسطس 2025 10:08 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب : الربابة”صهيل الفرس”..الآلة الموسيقية الوحيدة التي تعبر عن أمزجة البشر،

النهار نيوز

الربابة التي تعد من أقدم وأشهر الآلات الموسيقية التي ما زال لها حضور قوي في أفراحنا في صعيد مصر عامة وقنا خاصة ، آلة ليست كأي آلة وترية في الاسرة النغمية، والتي جاء اسمها من كلمة (رباب)، بفتح الراء، بمعنى السحاب الأبيض، الذي يتشكَّل على هيئة نُتَف القُطن، تحت السحاب المُتجمِّع،
(. وتتميز أنغام الربابة بالشجن ، والقرب من الأنين، والدوي المتتابع لأصواتها في صورتها البسيطة يتوافق مع أزيز الريح ودوي الرعد في مسارات قنا التاريخية (قبل اقتطاع جزء عزيز منها تحت مسمى محافظة الأقصر) والتي يحتضنها النيل عن سائر المحافظات المصرية بحميمية بامتدادها شمالا وجنوبا و شرقا وغربا من ابوتشت إلى اسنا ومن ملامسة البحر الحمر إلى الغوص في اعماق الصحراء الغربية ، وهو ما يتسق مع طبيعتها المكللة بالصمت والسكون الذي لا نهاية له.
(. ومنذ القدم تستعمل الربابة في قنا خاصة والوجه القلبي من الجيزة إلى أسوان على نحو مُقارب لما كانت القيثارة تستخدم عليه في الزمن القديم، وعلى غرار ما كان الإغريق يستخدِمون تلك الآلة الموسيقية التي كانوا يطلقون عليها اسم الفوناسكوس، أو النوثاريون، أي المُنغَّمة
(، ورغم انها ثابتة الأصل والشكل إلا أن مسميتها اختلفت في بعض الدول بعد خروجها من مصر حيث تعرف في العراق باسم (الجوزة)، ويُطلِق عليها السودانيون اسم (أم كيكي)، وتشتهر عند قبائل الطوارق باسم (إيمزاد)، ولدي قوميات الامهرا والتغراي في أثيوبيا يُطلقون عليها (الماسنقوف) وفي الدول الاوربية التي انتقلت اليها إبان الفتح العربي للأندلس وصقلية. ومنها فرنسا حيث تسمى رابلا، وفي إيطاليا ريباك وفي إسبانياتسمى أربيل.
(. ولم يقتصر على الاسم فقط بل وصل إلى الشكل حيث أطلق على أشكال الربابة أسماء مختلفة، لم يُفقدها أصالة السِمات والخصائص مثل.: المُربَّع والمُدوَّر و القارب والكُمثري والنِصف كروي (المٌقبب) والطنبوري والصندوق المكشوف
(. من أهم أسرار استمرار هذه الآلة العريقة، القادمة من عُمق التاريخ، والتي يفوح منها عبق الحضارة الإنسانية، والتي يقال ان منشأها وأصلها ينسب إلى المصريين القُُدماء، مُستندين على رسومات بدائية لها، على جُدران بعض المقابر والمعابد في المناطق الأثرية ومنها دندرة غرب نيل قنا و وميت رهينة وأبو سمبل ودهشور انها الآلة الوترية الوحيدة، التي يُمكن أن يستمر صوتها، مادام القوس يجُر أوتارها، مُقابل تلاشي أصوات الآلات الوترية الأخرى ما بين النغم والشجن حيث تُتيح لعازفها، التعبير الصادق عن أحزانه وآلامه، وأفراحه أيضًا، "
(. ولذلك لا عجب أن توصف إنها الة أمزجة البشر، وشبه خبراء الموسيقى صوتها ب"صهيل الفرس"، بسبب تميز نغماتها عن باقي الآلات الموسيقية الحديثة منها والقديمة.واذلك حازت على النصيب الأوفر من كل الالات الموسيقية في رواية الحكايات والملاحم الشعبية، التي يعشقها الكثيرون عبر أنغامها ، كقِصة عنترة بن شداد، وأسطورة الزير سالم، وبطولات أبو زيد الهلالي.
(. وإذا كان للربابة وتر ثابت فيها، وآخر مُتحرِّك في يد العازف، كما الصوت البشري على حبلين صوتيين، فإن حركة اليد، وتضافرها مع الصوت، يُصعِّد لُغة الجسد مع اللغة الطبيعية، ومن ثم يتحفَّز العازف وتنشط قُدراته على التعبير، وتُصبح الربابة وكأنها تتكلَّم وتتحرَّك معه وجُزءًا عضويًا في عملية الفِعل الإبداعي،
(. والربابة هي الالة الموسيقية الوحيدة التي تغنَّت بها المُطرِبة الجزائرية وردة، رحمها الله، في إحدى أغانيها الوطنية الشهيرة، عندما قالت: "وأنا على الربابة بغني".