الإثنين 11 أغسطس 2025 08:54 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الثانوية العامة أسطورة صنعتها العقول

بقلم: شيرين عصام
بقلم: شيرين عصام

الكاتبة الصحفية شيرين عصام

"وهم الثانوية العامة" هو واحد من أخطر الأفكار التي تسيطر على عقول الطلاب وأهاليهم في مصر، وكأنه بوابة الحياة الوحيدة للنجاح أو الفشل.
المشكلة أن المجتمع رسّخ لسنوات فكرة أن المجموع هو المقياس الوحيد لمستقبل الإنسان، وأن من لا يدخل كلية معينة قد انتهى أمره، بينما الواقع مختلف تمامًا.

في الحقيقة:

الثانوية العامة مجرد مرحلة، وليست نهاية المطاف.

كثيرون حصلوا على مجاميع ضعيفة وصنعوا نجاحات ضخمة في مجالات لم تخطر على بالهم.

سوق العمل اليوم يعتمد أكثر على المهارات، والابتكار، والتطور الشخصي، وليس فقط على الشهادة الجامعية.

الضغط النفسي المبالغ فيه يؤدي أحيانًا لانهيار الطلاب أو فقدان الشغف، وهذا أخطر بكثير من أي رقم في شهادة.


الوهم الأكبر أن الدرجات تحدد قيمة الشخص، بينما الحقيقة أن الإرادة، الشغف، والتعلم المستمر هي ما تصنع الفارق.
المجتمع يحتاج لتغيير نظرته: فكل مهنة شريفة مهمة، وكل طريق نجاح له قيمة.


فمنذ عقود، تحوّلت الثانوية العامة في مصر إلى كابوس يطارد الطلاب وأسرهم، حتى غدت الامتحانات مجرد معركة حاسمة يظن الجميع أن نتيجتها تحدد مصير الحياة بأكملها. سنوات من الضغط النفسي والمبالغ الطائلة في الدروس الخصوصية، وأعصاب مشدودة طوال العام، كل ذلك من أجل رقم على ورقة، وكأن النجاح والفشل يُقاسان فقط بعدد الدرجات.

الحقيقة التي يتغافل عنها الكثيرون أن الثانوية العامة ليست سوى مرحلة، وليست نهاية المطاف. التاريخ مليء بأسماء شخصيات فشلت في الحصول على مجاميع مرتفعة، لكنها تفوقت في حياتها العملية، وابتكرت، وحققت ثروات، بل وأصبحت قدوة لغيرها.

سوق العمل اليوم يثبت أن المهارة والإبداع والانضباط أهم بكثير من مجرد شهادة. فالعالم تغيّر، والوظائف لم تعد حكرًا على حملة شهادات بعينها، بل على من يمتلك القدرة على التطوير والتعلم المستمر.

الخطير في وهم الثانوية العامة ليس الامتحان نفسه، بل الصورة الذهنية التي صنعها المجتمع: أن القبول في كلية القمة هو بوابة الجنة، وأن من يدخل تخصصًا آخر قد كتب عليه الفشل. هذه النظرة تقتل الإبداع، وتزرع الإحباط في نفوس شبابنا.

حان الوقت لأن نحرر أبناءنا من هذا الوهم، وأن نغرس فيهم حقيقة أن النجاح رحلة طويلة، تبدأ بالشغف، وتنمو بالعمل الجاد، وتزدهر بالتجربة والخطأ.

فالمستقبل لا تصنعه الدرجات، بل تصنعه العقول الحرة التي تؤمن بأن التعليم أوسع من قاعة امتحان، وأعمق من ورقة نتائج.


-

الثانوية/العامة