السبت 23 أغسطس 2025 06:39 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : هل سيحسم الهجوم البري الإسرائيلي المعركة في قطاع غزة ؟

النهار نيوز

لا يجمع الشراح و الخبراء علي تعريف حصري لمفهوم حرب العصابات ، ولم يُسبر المصطلح حتي الآن السبر المطلوب ، لكن السائد بين الفقهاء أن المصطلح " حرب العصابات " كلمة مشتقة من اللغة الإسبانية "الحرب الصغيرة"، و تتوافق في مضمونها في اللغتين الفرنسية و الإنجليزية المستخدمتين في القرن الثامن عشر " الحرب الصغيرة " ، وفي اللغة الألمانية " المعركة السرية" ، وفي اللغة الروسية "حرب التخريب "

في المقابل ، تظهر بعض الخصائص المحددة جيدًا لحرب العصابات من بين هذه الخصائص : الكفاح المسلح لمجموعات صغيرة جدًا تحارب العدو الأكثر تسليحا و تنظيما و عتادا ، مع استقلالية تكتيكية معينة لمن يخوضون هذه الحروب الخاصة غير النمطية .

حروب العصابات تشنها وحدات صغيرة ومنفصلة تشكل تعمل مجموعات حرب تقاوم العدو باستقلالية ملحوظة ، وتتبع هذه المجموعات القتالية الخاصة تكتيكات القتال الخاصة لهذه المجموعات أو الوحدات الصغيرة ، والتي تتميز بأقصى قدر من الحركة والسرعة ، من خلال اتصالها السريع بالعدو بسرعة البرق من خلال هجمات سريعة مباغتة تبخت العد ،و تشل إرادته و تفكيره .

لا يقتصر شن حروب العصابات علي المهارات و الخصائص العسكرية العالية للعناصر التي تخوض مثل هذا النوع من الحروب ، و لكن الإيمان الراسخ بعدالة القضية التي يحارب من أجلها هؤلاء يمثل حجر الأساس بل عمود الرحي الذي تتمحور حوله المفاهيم و المحددات و عوامل نجاح حروب العصابات .

في ذات السياق ، يجب توضيح مفهوم حرب العصابات من خلال المعرفة النقدية لمختلف الحالات الملموسة ، مع الأخذ في الاعتبار ، من بين أمور أخرى ، نوع الدافع الكامن وراءها ، حتي يسهل التمييز بوضوح بين حرب العصابات والإرهاب أو اللصوصية أو أية أفعال جرمية حقيقية، لذلك لا يمكن فصل حرب العصابات من الناحية المفاهيمية عن المبادئ السياسية أو الأخلاقية أو الأيديولوجية لمن يمارسونها، فهي ليست تقنية أو مهنية ، ولا يمكن اختزالها في الاستخدام العشوائي للعنف.

أحيانا ما تقود حروب العصابات الناجحة ضد المحتل إلي أن يتحول المجتمع برمته إلى طاقات سياسية - عسكرية يمكنها تغيير هياكل المجتمع بأسره بعنف وإنشاء علاقات قوة جديدة بشكل عام في مجال السلطة .

هناك العديد من الأمثلة التاريخية لحروب العصابات التي خاضتها المغاوير ، وندلل علي هذه الأمثلة بثورة الهولنديين المناهضة للإسبان ، والتي استمرت ثمانين عامًا من 1568 إلى 1648،و حرب الاستقلال الأمريكية عن الإنجليز 1776-1783 .

أما إثيوبيا ، فقد شهدت النموذج الصارخ للتدليل علي حروب العصابات التي وقعت علي الإقليم الإثيوبي ،

و لم تقتصر بالطبع علي الحرب التي خاضتها ميليشيات مختلفة لإقليم التيجري ضد الجيش النظامي الفيدرالي الإثيوبي ، فحروب العصابات في أثيوبيا هي هزمت الغازي المحتل الإيطالي في نهاية عام 1941 ،وهي ذات الحروب التي أسقطت بعد نيف وثلاثين عاما الإمبراطورهيلاسيلاسي ، ثم نجحت ميليشيات التيجراي في صد العدو الإريتري بنهاية الحرب الإريترية الإثيوبية ، بعد أن كان التيجريون تحالفوا مع الإريتريين في إسقاط " منجستو" في العاصمة أديس أباب عام 1991 .

حرب العصابات هي نوع من الحرب غير التقليدية التي تستخدم فيها مجموعة صغيرة من المقاتلين، مثل الأفراد شبه العسكريين أو المدنيين المسلحين أو القوات غير النظامية ،و التكتيكات العسكرية بما في ذلك الكمائن والتخريب والغارات والحرب الصغيرة وتكتيكات الكر والفر والتنقل لمحاربة جيش تقليدي أكبر وأقل قدرة على الحركة.

فيما يلي بعض التحديات والتهديدات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي عند القتال ضد حرب العصابات:

صعوبة تحديد موقع العدو والاشتباك معه: غالبًا ما يعمل المقاومون الفلسطينيون في مجموعات صغيرة ويكونون قادرين على الاندماج مع السكان المدنيين، مما يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي تحديد موقعهم والاشتباك معهم.

الكمائن والغارات: غالبًا ما يستخدم المقاتلون الفلسطينيون الكمائن والغارات لمهاجمة الجيش الإسرائيلي ، ويمكن أن تكون هذه الهجمات فعالة للغاية، حيث يمكنها أن تفاجئ الجيش الإسرائيلي وتسبب خسائر فادحة.

التخريب: قد يقوم المقاتلون أيضًا بتخريب البنية التحتية للجيش الإسرائيلي ، مثل الطرق والجسور وخطوط الإمداد من غلاف غزة لداخل القطاع ، وهذا يمكن أن يعطل عمليات الجيش الإسرائيلي ويجعل من الصعب عليهم نقل القوات والإمدادات.

الدعاية: قد يستخدم المقاتلون أيضًا الدعاية لتأليب السكان المدنيين ضد الجيش الإسرائيلي . وهذا يمكن أن يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي الحصول على دعم الشعب ويمكن أن يؤدي إلى فقدان الروح المعنوية .

جمع المعلومات الاستخبارية: يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخبارية عن مقاتلي حماس وسائر مجموعات المقاومة المسلحة في قطاع غزة ، بما في ذلك مواقعهم وتكتيكاتهم ونقاط قوتهم وضعفهم.

التنقل: سيحاول أن يتغلب الجيش الإسرائيلي علي تحدي قدرة دباباته و مدرعاته الثقيلة على التحرك بسرعة وسهولة للرد على هجمات حرب العصابات التي ستتبناها مجموعات و مفارز المقاومة المسلحة الفلسطينية ، وهذا يعني تعبئة قوة متنقلة احتياطية يمكن نشرها بسرعة حيثما تكون هناك حاجة إليها.

القوة الجوية: ستعمد إسرائيل إلي أن تكون قواتها الجوية فعالة جدًا في قتال مجموعات حماس و سائر المقاومة الفلسطينية ، حيث يمكن استخدامها لتحديد مواقع العصابات ومهاجمتها، وكذلك لنقل القوات والإمدادات.

دعم سكان غزة : تعتبر حرب العصابات شكلاً معقدًا وصعبًا من أشكال الحرب، ولكن من الممكن للجيش الإسرائيلي أن يهزم حروب العصابات إذا استخدم التكتيكات الصحيحة وحصل على دعم السكان المدنيين، ولكن تطورات الأحداث في غزة لا تنبئ بحصول ذلك .

صفوة القول ، وتأسيسا علي خبرات حروب العصابات الممتدة لا يستطيع أي خبير أن يدلي بأي دلو و يتوقع المدي الزمني لاستمرار حروب العصابات في قطاع غزة حال قيام الجيش الإسرائيلي بشن هجومه المرتقب في قطاع غزة .