الباحث محمد بغدادي يكتب: موسكو والضربات الموجعة!


هل يقضي الغرب الأوروبي على أحلام موسكو التوسعية؟ هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تقف أمام طموحات الثعلب الروسي ؟ كيف يناور بوتن العالم بسياسة الشد والجذب؟ هل هي بداية جديدة للشيوعية الجديدة التي وضع أساسها الرئيس الروسي أم أنها أحلام الماضي في التغلغل لاقتناص بقايا الاتحاد السوفيتي للم الشمل مرة أخرى. وعلى الرغم من نفي موسكو وجود نية لديها لضرب كييف إلا أنها حشدت نحو 100 الف جندي على الحدود الروسية مع أوكرانيا، للحفاظ على أمنها الخارجي لمنع اوكرانيا من الدخول الى المنظمات الاوروبية وبخاصة حلف الناتو.وباتت ضربات موسكو موجعة للكيان الأوكراني وشُردت الأسر الأوكرانية بطريقة مأساوية وباتت الأطفال يتسائلون بأي ذنب قُتلت هذه الأرواح.
وجاءت الأزمة الأوكرانية لتُلقى بظلالها على المشهد الدولي في تطور سريع للعلاقات المختلفة بين الكبار، فمن ناحية نجد الغرب بقيادة حلف شمال الأطلسي وبتعاون واشنطن ودعمها المستميت ، وهؤلاء هم داعمين لكييف في حربها المحتملة ضد السوفييت، ومن ناحية أخرى هناك موسكو بتاريخها الطويل وترساناتها النووية المتعددة وأحلامها التوسعية وبخاصة أننا نتحدث عن إحدى دول الكيان السوفيتي وإحدى مؤسسية حتى بداية التسعينيات وبداية تآكل الفكر الإشتراكي واستقلال العديد من دول المنطقة التي كانت تحت عباءة الاتحاد السوفيتي الأسبق.
ولم تكن أزمة فبراير 2022 هي بداية التحرك بل شهدت أوكرانيا منذ عام 2014م أزمة سياسية طاحنة بعدما قامت موسكو ببسط يدها على جزيرة القرم، وانضمت القرم بعدها إلى دولة روسيا الاتحادية التي تناطح واشنطن في السيطرة على أماكن بعينها من أجل نشوة إعادة النفوذ القديم والذي اعتبرته كييف تعدي سافر على استقلال أوكرانيا. ثم تصاعدت وتيرة الاحتجاجات المؤيدة لموسكو من بعض العناصر في دونباس؛ مما جعل المناخ العام في غاية الخطورة مع ازدياد وتيرة الصراع بين حكومة كييف والعناصر المدعومة من موسكو. ففي النصف الثاني من عام 2014، تدخلت القوات الروسية بشكل غير مباشر من أجل هزيمة القوات المسلحة الأوكرانية آنذاك.
ويٌحاول الغرب والولايات المتحدة وبريطانيا فرض سيناريو الحرب على المشهد الدولي جراء أزمة أوكرانيا من أجل تعاطف المجتمع الدولي والشعوب المختلفة للحصول على مكاسب دولية بأن موسكو هي التي تبدأ وتناور وتعتدي على كييف ولكنها في الحقيقة تحليلات سياسية تبتعد عن الواقع فالصراع بين الكبار في العادة ينتهي بالحصول على مغانم سياسية ولا ينتهي بحرب نووية تقضي على كل شيئ، فالحروب العالمية الأولى والثانية قامت على تقديرات ومؤشرات غير واقعية تبنتها الأحلام التوسعية بين القوى المختلفة وجاءت ضحاياها بالملايين وكانت النتائج مؤسفة للمنتصر والمهزوم.
وهناك أطروحات للخروج من المشهد الحالي والأزمة الدولية التي تفرض نفسها على الساحة وهي: أن تحصل موسكو على إرضاءات حتى تتوقف عن التهديد والتلويح بالقوة للعودة الآمنه دون إراقة الدماء أو مهاجمة كييف لدنباس الانفصالية وهو أمر حدث في السابق، أو الحرب العسكرية بقيادة موسكو ضد حلف الناتو وهو الخيار غير المحتمل وغير الذكي وبخاصة لما يشهده العالم من كثرة النفقات على القطاع الصحي وجائحة كورونا وبخاصة أيضاً لعدم استعداد موسكو للدخول في حرب عنجهية في ظل اقتصاد روسي شديد الخطورة، وللأسف تعتبر موسكو أوكرانيا دولة سوفيتية كما في السابق، حيث إنها تتمتع بعلاقات وطيدة مع الجانب الروسي وتسود بها اللغة الروسية وعندما اسقطت كييف الرئيس التابع لموسكو خلال عام 2014، قامت موسكو بالسيطرة على القرم وهكذا تمر الأحداث بين شد وجذب ورأي ورأي أخر ويبقى التساؤل هى المشهد العالمي ينذر بحرب أم أنه تلاعب ومداعبة بين الكبار للحصول على أية مكاسب في ظل مناخ عالمي تفوح منه الأمراض والأوبئة واقتصادات تقترب من الانهيار فهل العالم يستطيع أن يدخل في أزمات سياسية يتبناها الكبار أم أنها حرب فموية وتصريحات لا تٌغني ولا تثمن من جوع.