د. نبيل بوغنطوس يكتب: المنطقة على فوهة بركان


لا داعي لان يكون المرء محللا سياسيا واستراتيجيا ليدرك ان منطقتنا على فوهة بركان، فالاحداث التي تستجد على مدار الساعة، قد تحمل في طياتها بذور التفجير المرتقب متذ زمن، والذي ينتظر اشارة الانطلاق.
فاذا حاولنا استعراض الوضع بشكل سريع، لوجدنا، الاردن على اهبة الاستعداد لتوجيه ضربات في الجنوب السوري، لوضع حد ولمرة اخيرة، لممارسات الميليشيات المدعومة من ايران، والتي بدأت بعمليات ومحاولات اختراق الحدود نزولا من الجنوب السوري باتجاه الاراضي الاردنية، تهريب مخدرات ونقل اسلحة وكل انواع الممنوعات والمحظورات الخ.
الكيان الصهيوني من جهته، ينفذ اكبر مناورة عسكرية في تاريخه، تحاكي حربا على عدة محاور، وهو يستعد لضربات سيوجهها موجعة في الجنوب السوري وصولا الى وسط سوريا، ومن دون ان ننسى امكانية ان تتوسع الضربات الاسرائلية لتشمل الاراضي اللبنانية، في الجنوب والبقاع، في محاولة لكسر حزب الله، لمرة اخيرة ونهائية، ويبدو انه يعد العدة لمعركة كبيرة وطويلة، يعرف كيفية انطلاقها، ولا يعرف كيف ستكون خاتمتها.
اسرائيل يبدو انها، ستعتمد في مرحلة اولى وكعادتها، على ضربات جوية مكثفة، في الجنوب السوري وصولا الى محيط مرتفعات الجولان، وقد تدخل في مواجهات مباشرة من خلال عمليات عسكرية على الارض، ضد مراكز الميليشيات الايرانية، في ظل معلومات ان ايران ادخلت الى المنطقة، منظومات دفاع جوي، لمواجهة اي ضربات جوية اسرائدلية محتملة.
واذا انتقلنا الى الشمال والشرق السوريين، يبدو ان تركيا تتحضر ايضا لشن عملية عسكرية كبيرة هناك، بعمق 20 الى 30 كلم او اكثر، بهدف ان تنشئ منطقة آمنة تنقل اليها النازحين، وسيشمل هذا الجيب مناطق
تل رفعت وعين العرب وكوباني وبعض مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، كل ذلك بهدف ضمان الامن القومي التركي. وتجدر الاشارة، الى ان المعركة المرتقبة هناك، ستكون قاسية جدا، لان قوات سوريا الديموقراطية مسلحة بشكل جيد جدا من قبل الاميركيين على غرار القوات الاوكرانية.
وفي سياق متصل، وفي الشق الاقتصادي، لبنان وسوريا والاردن والدول العربية، على موعد قريب، مع جانحة اقتصادية، تتمثل في ازدياد التضخم بشكل كبير، خصوصا بعد اقدام الفدرالي الاميركي على رفع اسعار الفائدة، وسيترافق ذلك مع انهيار كبير في اسعار العملات، فها هي مثلا الليرة اللبنانية، وقد تدنت الى مستويات قياسية مقابل الدولار الاميركي، وقد تتخطى ال37 الف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد. اضف الى ذلك الشح الكبير الذي ستشهده دول المنطقة في التوريدات الغذائية نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية، وبدء ملاحظة انكسار سلاسل انتاج لمواد غذائية، لم يكن يتوقع احد في السابق ان تصل الى هذا الدرك.
في المحصلة، المعركة الكبرى ان وقعت، ستكون اولا واخيرا، للبت بموضوع الغاز الموجود في البحر، بدءا بالساحل السوري نزولا الى ساحل فلسطين المحتلة، بما يشمل
الضغط على لبنان للقبول بالترسيم البحري، فتتم عملية ربط خطوط الغاز العربي ببلوكات الغاز امام السواحل اللبنانية والسورية والفلسطينية، تمهيدا لاستغناء اوروبا عن الغاز الروسي بشكل كامل.
المنطقة على اعتاب تغييرات كبيرة، مؤلمة وقاسية، ستخلف تداعيات كبيرة على المدى البعيد، وقد نشهد صيفا حارا جدا هذا العام، وغدا لناظره قريب.
⇧