السبت 23 أغسطس 2025 07:57 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. سلمى حبيب تكتب: معايير اختيار شريك الحياة

د. سلمى حبيب
د. سلمى حبيب

شرُفتُ مساء أمس بحضور الندوة الاولى من سلسلة ندواتٍ تُعنى بالأسرةِ المصريّه وحمايتها. أُطلِقَت مبادرة "معاً لحمايةِ الأسرة المصريّه" على يد مؤسّسيها الدكتوره إنجي فايد والدكتور حسام لطفي والدكتور عبدالله النجّار وفي إطار مبادرات السيّد رئيس الجمهوريه لتنمية الاسرة المصريّه. تحدّث الينا الدكاتره المذكورون أعلاه كلّ في تخصصه موضحين أسباب تأسيسهم المبادره وأهميتها. أوضحت الدكتوره إنجي فايد وهي كبير أثريين بوزارة الآثار، أستاذ مساعد الآثار ومدير التنميه الثقافيه الأثريّه سابقاً، انّها استقت فكرة المبادره من مصر القديمة وتحديداً من برديّات وثّقت التعاقد بين الرجل والمرأه في الزواج بتفاصيله. أكّدت د. إنجي ان المصري القديم تعاقد مع زوجته على صونها وحمايتها وإسعادها طوال حياته وتابعت القول بأن الاسلام يمنح المرأه هذه الحقوق… وسألت لماذا لا نجد قانون الاحوال الشخصيه يطبّق هذا العدل وهذه الرحمه.

وددت مشاركة حضراتكم ببعض ملاحظاتي وتوصياتي في مجال الصحة النفسيّة بشأن هذه المبادره الرائعه…وأرجو أن يتّسع صدرُ القارئ لما سأكتب.

الأسره المصريه تتكون من أفراد جمعهم القدر في رابط زواج ورابط ابوّة وأمومة حيث يُحضر الزوجان كل ما ورثوه من تربيتهم وچيناتهم على مدى سنين طويله. كيف اذن نختار شريك الحياه؟ ما هي معايير الاختيار وهل نحن من نختار أو يختارون لنا! تجهيز ابنائنا وبناتنا للارتباط يكاد يكون اكثر اهمية من الارتباط ذاته لأنه على الاختيار تترتّب باقي الحياه! أضف الي ذلك ان التجهيز النفسي للارتباط وكل ما يأتي معه من مسؤوليات مهم جدا جدا جدا!

شكل عقد الزواج يختلف من دين لآخر ومن دولة لأخرى ولو أراد أحد الطرفين التحايل عليه لفعل ذلك مهما كان العقد مفصّل ومُحكم! إن العقد شريعة المتعاقدين فعلاً ولكن كم من عقود اختُرقت للوصول الى غاية ما أو التهرّب من مسؤولية ما!!! اذا ، علينا ببناءِ الانسان السويّ وتجهيزه لما هو مُقبلٌ عليه حتى نقلّل الخسائر المستقبليه وعدد الضحايا في حال وقوع نزاع!

حضر الندوه أعضاء من المجلس القومي للمرأه وشاركوا الحضور رأيهم وتوصياتهم. من ضمن تلك التوصيات ان يقوم الزوج بعمل وثيقة تأمين على حياة زوجته!!! صُدِمت لهذا الاقتراح برغم اتفاقي مع اقتراحاتهم الأخرى! صدمتي كاستشارية نفسية كانت لعلمي بحالات قتل ومحاولات قتل عديده تحصل حول العالم يكون سببها وثيقة تأمين على حياة احد الزوجين! الا تعتقدوا انه في حالة النزاع الحاد وفقد السيطره وعدم الاتزان يمكن لطرف أن يخطط للتخلص من الآخر بهدف الحصول على مبلغ مالي ضخم!!! فكره تخيفني لاني أعلم انها تتحقق في العديد من المجتمعات والدول…فحذاري!

ذُكر في الندوه أن سن حضانة الطفل هو حتى الخامسة عشر. اسمحوا لي بالتعقيب من منطلقٍ نفسيّ. علم النفس يحتوي على قوالب ومراحل عدّه ونظريات كثيره تخص تطور الانسان واحتياجاته العاطفيه والذهنيه والجسدية في المراحل العمريّه المختلفه. هنا أجد نفسي معترضه تماماً على محاولة قولبة الناس…خُلقنا مختلفين وكلّ له بصمته وكذلك الأمر بالنسبة لاحتياجاتنا! لا أنكر وجود ما يجمع كل مرحله عمريّه ولكن ليس على حساب تجاهل ما يميّز الأفراد. ومن هنا، أتقدّم باقتراح الغاء سن الحضانه تماماً وأن يكون متغيّراً بحسب كل حاله وان يقوم اخصائي نفسي تعيّنه المحكمه بتقييم حالة الطفل او المراهق بعد لقائه لجلساتٍ محدده. يتم تقديم التقرير النفسي الشامل للمحكمه بما فيه من توضيح لحالة الأم والأب النفسيّه وتأثير نزاعهم على صحة طفلهم او أطفالهم النفسيّه. ويشمل التقرير توصيات بشأن حضانة الطفل او المراهق التي تبني عليها المحكمه قرارها. لمَ اقول هذا؟ لان سن الخامسة عشر حسّاس وحرج! لو اضطر المراهق أن يترك بيته الذي اعتاده ومدرسته واصحابه وكل ما يوفّر له الامان وينتقل الى كل ما هو جديد فمن الممكن أن يتسبب هذا في بعض الحالات لاضطرابات نفسيّه تصل الى حد الانفصال عن الواقع! اذا اشدّد ان كل حالة لها خصوصيتها ويجب أن تُعامل كذلك!

انفصال الزوجين لا يعني الاختفاء من حياة اطفالهم!!! نعاقب الطفل ونحن الجُناة ونوهم انفسنا اننا الضحايا الأهم!!! رؤية الطفل أو المراهق لوالده او والدته بشكل مستمر وخالي من التوتر من أهم العوامل التي تحافظ علي سلامة الطفل النفسيّه! مهما اختلف الأهل…لقد اخترتما الارتباط ومن ثمّ الانفصال لكن طفلكم لم يختر أي شئ!!! كما قيل في الندوه فإن الرؤيا حقّ الطفل!!! لا يمكن تحديد عدد ساعات الرؤيا وكأن كل اطفالنا تقع في قالب واحد يليق بهم جميعاً!!! يجب أن تُدرس كل حالة علي حدى! القولبة أسهل لكنها ليست أعدل!

ما هو الأثر النفسي لحرمان الطفل من الأب أو الأم ولنزاع مستمر بينهما ؟ باختصار شديد…سيكبر الطفل ليصبح احدى هذه الحالات، بعضها او كلها: عصبيّاً، ناقماً، لا يجيد الحوار ولا يجيد السمع، لا يُحسن الاختيار، يلجأ للعنف أو الترهيب أو التنمر أو السخريه…وفي كل الحالات سوف يعمّم ألمه النفسي على كل منوما حوله…وندخل حينها في كرة ثلج تكبر وتتضخم من جيل الى جيل حتى يستحيل ايقافها! في حالات اخرى، يكبر الطفل باحثاً في اختياراته عن الأمان ويكون هشّاً فاقداً للثقة بنفسه ومقلّلاً من شأنه وفي احيان كثيره يجد أماناً مزيفاً في صورة ذئب لبس ثوب حمل!!!

ماذا تريد لنفسك ولأبنائك وبناتك؟ ما هي اولوياتك في الحياه؟
ماذا نريد لمجتمعنا؟ هل نسعى وراء توازن نفسي واتّزان مجتمعي أم تخبّط وتيه وهشاشة؟

.......................

د. سلمى حبيب _ دكتوراه في علم النفس الاستشاري
عضوه في الجمعيه الامريكيه لعلم النفس

معا لحماية الأسرة المصرية