الأحد 24 أغسطس 2025 11:00 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : لبنان و إسرائيل دولتان متحاربتان منذ عام 1948

النهار نيوز

انهمرت اليوم الخميس ، زخات من الصواريخ المدعي أنها فلسطينية ، علي الشمال الإسرائيلي في سابقة لا تكرر كثيرا بعد قرار مجلس الأمن الذي أوقف اطلاق النار بين إسرائيل و لبنان ، ودخل ذلك القرار حيز النفاذ في 14 أغسطس عام 2006 بعد مواجهة عسكرية حامية الوطيس دامت ثلاث و ثلاثون يوم .

جَليٌ أن وسائل الإعلام تركز في نقلها للحدث الجلل الذي يتزامن مع الخروقات الفظيعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي للمصلين الفلسطينيين في الحرم القدسي ، لكن تغفل كافة وسائل الاعلام في ذات الوقت الإشارة إلي حقيقة أن لبنان و إسرائيل دولتين متحاربتين منذ عام 1948 ، ولم تغير اتفاق الهدنة المبرم بين البلدين في رودس عام 1949 هذه الحقيقة ، ولم يغير أيضا قرار وقف إطلاق النار رقم 1701 الذي اعتمده مجلس الأمن في أغسطس عام 2006 ذات الوضعية التي ما برحت قائمة حتي الآن منذ عام 1948 .

ماهية اتفاق وقف اطلاق النار

تدعو الضرورة أثناء القتال بشكل عام إلى وقفه توقيفا مؤقتا، وذلك لأغراض مختلفة من بينها إغاثة الجرحى الموجودين فى الميدان، ونقل جثثهم ودفنهم؛ لذا فوقف القتال إجراء عسكري مؤقت وليس له صفة سياسية، ولا ينص فى ذلك الاتفاق على شروط ذات طابع سياسي .
ورغم أن الغالب أن يتم الاتفاق بين المتحاربين وبإرادتهم السياسة الحرة، إلا أنه وفى الآونة الأخيرة وفى الحالات التي من شأن استمرارها تهديد للسلم والأمن الدوليين، نجد أن مجلس الأمن يقوم بإصدار قراراته فى شأن حفظ السلم والأمن الدوليين وإعادتهما لنصابهما، وتتضمن مثل هذه القرارات الأمر بوقف إطلاق النار من جانب المتحاربين.
ومن أشهر الحالات التي اضطلع فيها مجلس الأمن بهذه المهمة إصدار المجلس العديد من قراراته فى هذا الشأن فى حرب أكتوبر عام 1973، والحرب اللبنانية الإسرائيلية عام 2006

اتفاق الهدنة

الهدنة فى معناها القانوني اتفاق يتم بمقتضاه وقف عمليات القتال بين الأطراف المتحاربة، وهو اتفاق سياسي عسكري يؤدى غالبا إلى وقف القتال لفترة طويلة نسبيا، مقارنة باتفاق وقف إطلاق النار، وان كانت الهدنة لا تعنى إنهاء حالة الحرب.

إن اتفاق الهدنة عمل ذو طابع سياسي بجانب صفته العسكرية، يلجأ إليه المتحاربون توطئة لعقد الصلح؛ لذلك فالذي يملك عقد الهدنة حكومات الدول المحاربة ذاتها، ويتولى الأمر فى شأن الهدنة وفى تحديد شروطها ممثلون عن أطراف الاتفاق يعينون خصيصا لذلك، ولا تصبح الهدنة ملزمة إلا إذا أقرتها حكومات الدول الأطراف فيها.

وكما تشمل الهدنة وقف جميع العمليات الحربية بين طرفي النزاع المسلح فى جميع الميادين، وهو ما يعرف بالهدنة العامة، حيث استخدم مجلس الأمن مصطلح الهدنة العامة فى قراره بتاريخ 16 نوفمبر عام 1948 بشأن الحرب الإسرائيلية العربية، وقد تقتصر الهدنة -أيضا- على مناطق معينة وهى ما تعرف بالهدنة المحلية، وعادة ما يحدد للهدنة أجل تنتهى بانقضائه، ويكون لكلا الفريقين المتحاربين العودة للقتال إن لم يتفقا على الصلح.

ويتحدد مضمون الهدنة من قبل أطرافها، وهو قد يشمل، إضافة للأعمال المحظورة، إنشاء مناطق منزوعة السلاح كما تم فى اتفاق الهدنة الشهير عام 1953 بعد انتهاء الحرب الكورية، والذى أنشا المنطقة منزوعة السلاح شمال وجنوب خط العرض 38، وإنشاء مناطق دفاعية، وتبادل أسرى الحرب.

إن أي إخلال جسيم بشروط الهدنة الواردة فى اتفاقها من جانب أحد الطرفين يعطى الطرف الآخر الحق فى نقضها ويعتبرها منتهية، وله فى حالة الضرورة القصوى أن يستأنف القتال مباشرة، وفضلا عن ذلك فان هذا الانتهاك ومخالفة شروط الهدنة، يرتب المسؤولية الدولية على الدولة المخالفة بوصفها ارتكبت مخالفة لالتزاماتها الدولية، أما إذا كان الإخلال من الأفراد من تلقاء أنفسهم وبإرادتهم المحضة أي دون تلقى أوامر قيادية عليا من رؤسائهم، فللطرف الآخر أن يطلب فقط معاقبة المسئولين، ودفع تعويض عن الإضرار التي نتجت عن هذا الإخلال.
والهدنة مهما طال أمدها لا تعنى إلا مجرد وقف القتال بين أطرافها ولا تنهى قانونا حالة الحرب القائمة بينهم، فحالة الحرب لا تنتهى قانونا إلا بتوقيع معاهدة سلام مثل التي أنهت الحرب بين إسرائيل ومصر والتي أبرمتها الدولتين فى مارس 1979، ومعاهدة وادى عربة عام 1994 التي أنهت الحرب بين إسرائيل والأردن.
لقد كانت الخبرة الإسرائيلية مريرة مع اتفاق الهدنة مع مصر والذى أبرم فى 24 فبراير عام 1949، حيث استمرت مصر فى ممارسة حقوق المحارب بالنسبة للسفن والبضائع الإسرائيلية التي تمر فى المياه الإقليمية المصرية، مما دفع إسرائيل لشكوى مصر لمجلس الأمن بزعم أن اتفاق الهدنة الموقع مع مصر قد أنهى حالة الحرب بينهما وهى فرية لا تنطلى على أي مدقق، حيث إن الحروب لا تنتهى إلا باتفاقيات سلم لا هدنة.

إذا كانت اتفاقيات الهدنة تعد محطة انتقالية تعبرها الدول للوصول للمحطة النهائية التي تتطلع وتطمح لها شعوب هذه الدول وهى إبرام معاهدات السلام، فمن المؤكد أن تناول كافة القضايا المصيرية المهمة وهى فى الغالب مبعث النزاع، يفضى أجلا أو عاجلا إلى تحقيق السلام الشامل العادل، عن طريق إبرام معاهدات السلام