أيمن سلامة : الإغاثة الإنسانية في تركيا و سوريا ليست تدخلا إنسانيا

أثارت الجائحة التي حَلّت بكل من سوريا وتركيا أمس لَغطا بسبب الخلط الذي سببته بعض وسائل الإعلام التي بذلت جهودا ضخمة في نقل مستجدات الحدث من عين الحدث ، لكن بعض هذه الوسائل خلط بين مفهوم " الإغاثة الإنسانية " و " مفهوم التدخل الإنساني " .

التدخل الدولي الإنساني يعني أي شكل من أشكال التدخل ضد أي نوع من أنواع المعاناة، سواء أكان سببه كوارث طبيعية أم من عمل الإنسان، وإن التدخل بالمفهوم الضيق لا يمكن أن يعد تدخلاً إنسانياً إذا استند إلى مصالح اقتصادية أو استراتيجية، أو إذا انطوى على الانحياز إلى جهة ما أو كان انتقائياً.

سبق للجنة الدولية للصليب الأحمر أن قامت بتعريف التدخل الإنساني بأنه (عمل إلزامي من لدن دولة أو مجموعة دول يشتمل على استخدام القوة في دولة أخرى من دون موافقة حكومتها وبتفويض أو من دون تفويض من مجلس الأمن بهدف المنع أو لوقف الانتهاكات الصارخة والجسيمة لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني).

يمكن التمييز بين بين الإغاثة الإنسانية كالتي تحصل الآن في الدولتين المكلومتين : سوريا وتركيا ، والتدخل الإنساني في المسائل القانونية و الواقعية :

1. الإغاثـة الإنسانية عمل مشروع، غير عدائي ، يتأسس علي مبادئ القانون الدولي ، وفي حزمة من قرارات الشرعية الدولية سواء ، قرارات الـجمعية العامة ومجـلس الأمـن ، وفـي أحكام القـضاء الدولي، أما التدخـل الإنـساني فهو ، وبلا مشلحة ، يـخـالف قـاعـدة آمرة من قـواعد القانون الدولي لاسـيما مبادئ مـيـثاق هيئة الأمم المتحدة، عـلى اعـتـبار أن الـتــدخل الـدولي ينـطوي على اســتخدام القـوة، وهـذا الأمـر يـحـظـره مـيثاق الأمـم المتـحدة .
2. تخضع دوما الإغاثة الإنسانية في معظم الأحوال لموافقة الدولة المعنية بالإغاثة قبل القيام بها وهذا ما يسمى بالطابع الرضائي للإغاثة الإنسانية والذي أكد عليه القانون الدولي الإنساني إلا ، في الحالة الاستثنائية التي يقررها مجلس الأمن كما حدث مؤخرا في سوريا ، أما التدخل الإنساني فهو عمل إجباري لأنه ينطوي على استخدام الوسائل القسرية العسكرية ضد دولة ما، دون موافقة حكومتها.
3. يتمثل الهدف الرئيسي للإغاثة الإنسانية في هدف إنساني محض هو إنقاذ الضحايا وصون حياتهم وكرامتهم، إلا أن التدخل الإنساني له هدف معلن وهو حماية حقوق الإنسان وربما يكون له أهداف أخرى مخفية غير مشروعة للدول التي تقوم لهذا العمل كالسيطرة على إقليم دولة أخرى ونهب ثرواتها .
4. لا تعد الإغاثة الإنسانية اعتداء على السيادة الوطنية ، أما التدخل الإنساني فهو اعتداء صريح على السيادة الوطنية للدولة ، وربما كان انحيازاً لطرف دون طرف في النزاع أثناء النزاع المسلح ، سوي الحالات التي يصدر بشأنها قرار من مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة . .