السبت 23 أغسطس 2025 12:44 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الكاتب الصحفي ياسر حمدي يكتب: بالعلم والمعرفة نقضي على التطرف الديني

النهار نيوز

تبنى الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ وصوله للحكم عام 2014، مبادرة لتجديد الخطاب الديني، ومحاربة الفكر المتطرف، ضمن خطة واسعة للقضاء على الجماعات المتشددة، وأصحاب الفكر التكفيري والدموي، والتي تصنفها السلطات المصرية وغيرها «جماعات إرهابية»، ووجه مؤسسات الدولة الدينية للعمل عليها.

وعليه قدم الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في عام 2021 استراتيجية لـ«تجديد الخطاب الديني»، ومواجهة وتفنيد وتفكيك الفكر المتطرف، وتشمل الاستراتيجية المصرية، «الرد وتفنيد كتب الجماعات الإرهابية» بصحيح الدين، وبحسب وزير الأوقاف، الذي أكد أن «الكتب الصحيحة واضحة في ترسيخ مبدأ التعايش السلمي ونشر السلام والفكر المستنير»، ولفت حينها إلى أن وزارة الأوقاف قامت بجهود لتطوير الخطاب الديني ومواجهة التطرف من خلال «استعادة المساجد من مختطفيها، وتصويب مسار الخطاب الديني، وتبني الفكر الوسطي المستنير، وتفعيل مبدأ التعددية وقبول الآخر والمواطنة والتعايش السلمي».

وهنا الإصلاح الذي يقصده وزير الأوقاف ليس للدين ولكن للفكر الديني، والإصلاح لن يتم باستبعاد الدين كما حدث في الغرب، لأن الدين عندنا مكون أساسي للثقافة، والإصلاح يتضمن تهيئة الدعاة ورجال الدين ليكونوا علماء فعلاً: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء..) فاطر 28، فالعالِم ليس بحفظه للنص، بل باتساع معرفته وثقافته بالدين والدنيا، ويتم ذلك بالتحول التدريجي من الإعتماد على النقل للإعتماد على العقل.

الإثنين الماضي شرفت بحضور مناقشة لرسالة ماجستير بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية، قسم الشريعة، بالجيزة مقدمة من الباحث الشيخ محمد حسن سيد، إمام مسجد ومدرس بوزارة الأوقاف، وكانت في علوم الحديث الشريف، وأشرف عليها كوكبة من علماء الدين الإسلامي بجامعة الأزهر الشريف وجامعة القاهرة، وحملت عنوان: «أسلوب ودلالات الإشارات الحسية في السنة النبوية.. جمعًا وترتيبًا ودراسة».

الملفت للنظر هي طريقة مناقشة الرسالة الدقيقة والحاسمة، فقامت اللجنة المشرفة عليها والمكونة من الأستاذ الدكتور توفيق أحمد سالمان، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات بمدينة السادات سابقًا، مشرفًا ورئيساً، وعضوية الأستاذ الدكتور أحمد علي أحمد موافي، أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور محمد سعد قاسم، أستاذ الحديث وعلومه المتفرغ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر بالمنوفية، قاموا بتقييم كل صغيرة وكبيرة، ولم يتركوا ثغرة داخل البحث، ناقشوا حتى علامات الترقيم، وترتيب الصفحات، والهمزات وغيرها.

الحقيقة الأمر كان في غاية الصعوبة على الباحث الذي بذل مجهود شاق جدًا حتى حصل على تقدير ممتاز بعد عناء شديد من محاولات علماء الدين الاجلاء المشرفين على الرسالة من التأكد من أنه يستحق هذه الدرجة العلمية التي حصل عليها، طريقة الأسئلة وصعوبتها البالغة وأسلوب الحوار والمناقشة كان حار لدرجة عالية إنفطر معها قلوب الحاضرين تعاطفًا مع الباحث.

ظني أن هذا الشيخ الجليل بعد هذه المناقشة الطاحنة الساخنة أصبح لدية من الحجة والبرهان ما يستطيع أن يواجه به آلاف العقول المتطرفة الملعوب في رؤسائهم بآيات وأحاديث معبوث في تفسيرها لخدمة أغراضهم الدنيئة، وأنه أصبح مسلح بالدلائل والقرائن والبراهين القوية من الكتاب والسنة ما تجعله مؤهل بالرد على مزاعم ما يقولون أنهم يعلمون صحيح الدين والدين منهم براء.

لذلك يتأكد لنا أن طريق الإصلاح يحتاج لأجيال ذو مكانة علمية عالية وواعية كهؤلاء الذين تعرضوا لفهم وتقييم عالي الجودة تحت إشراف نخبة من علماء أجلاء لإصلاح ثقافة المجتمع، ومن هنا ندرك أن مشكلتنا بدأت من تغييب العقل والمنطق والموضوعية، وعندما ندرك أن العدو الأول للإسلام هو الفهم غير الصحيح للإسلام، نكون قد بدأنا الخطوة الأولى بإتجاه إصلاح الفكر الديني.

ولن ولم يتم ذلك إلا من خلال العلم والدراسة المتعمقة في أصول وفهم الدين السليم، والإطلاع والبحث عن النصوص النبوية الشريفة الصحيحة، وتوضيح المقصود الأصلي والغرض الفعلي الذي كان يقصده النبي الكريم من قوله صلى الله عليه وسلم لهذا الحديث الشريف ودلالاته، ومراجعة آراء أئمة الشريعة الإسلامية وعلمائها ودراستها بشكل علمي وتفكير عقلي للتأكيد على صحيح وصواب الدين وتنقيته من التفسيرات المغلوطة، والآراء المتطرفة والمشبوهة التي أضرت بالإنسانية والدين معاً.

الفكر الديني هو مجموعة الأفكار والمفاهيم التي تم فهمها عن الدين، ولذلك فإن مواجهة الجماعات المتطرفة لا تتم أمنياً فقط، لكن يجب مواجهتها فكرياً من داخل الدين، وإذا لم يبدأ إصلاح الفكر الديني بالعلم والفهم والمعرفة كما فعل هذا الخطيب وغيره من علماء الدين فسوف ينتشر الفكر المتطرف، ويتكرر ما حدث وما يحدث.

والمواجهة وبكل تأكيد تتم بإصلاح الفكر الديني من خلال العلم والمعرفة لأصول النصوص الدينية الصحيحة، وطرق الرد السليمة بشكل علمي مدروس لكشف أمراض المتطرفين من كراهية وتكفير وقتل، والتي هى منبع الإرهاب، فإصلاح الفكر الديني لابد أن يكون بشكل علمي ممنهج لتوضيح حقيقة ما حرفوه لخدمة أغراضهم الخبيثة، وإصلاح ما تم إفساده من فكر وممارسة عملية للدين، مع توضيح الفرق بين مظاهر التدين وبين حقيقة الدين.

الكاتب الصحفي ياسر حمدي ياسر حمدي بالعلم والمعرفة نقضي على التطرف الديني تجديد الخطاب الديني الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئيس السيسي وزارة الأوقاف الشيخ محمد حسن الفكر المتطرف الإرهاب