د. نبيل بوغنطوس يكتب: لبنان...هيبة رئاسة الجمهورية المغيبة.


أشهر قليلة بعدد أصابع اليد الواحدة، تفصلنا عن موعد انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية، في واحدة من الجمهوريات، اين منها جمهوريات الموز والاناناس وجوز الهند.
انقسامات اللبنانيين الداخلية والخارجية، تجعل من استحقاق الانتخابات الرئاسية، محطة من محطات الانقسام الكبيرة، التي تهدد البلاد والعباد.
لاعبون كثر على الساحة اللبنانية، وكل يعتقد ان الوقت حان ليضرب ضربته الاخيرة، كثر ينادون بالمباشر وبغير المباشر، بحقهم بقطف كل المكاسب على الساحة، ولا يجدون ضيرا، في ان يستبيحوا ما لغيرهم من حقوق، فمن يتحكم بالساحة اليوم، اعتاد على مر عقدين متتاليين من الزمن، ان ما له، له وحده، وما لغيره، له ولغيره، لا بل يمكن القول، لن يبقي شيئا لهذا الغير يعول عليه.
لاعبون كثر على الساحة، باحجام والوان واوزان مختلفة، لكن، كلمة حق تقال، هناك مايسترو وحيد، والكل يدور في فلكه، ما من احد قادر على مجابهته، يملك كل انواع الادوات الفتاكة، من اموال واسلحة وبلطجة، ولا ضير في بعض الاحيان من اعتماد الترهيب والترغيب.
واذا كثر يحلمون بكرسي بعبدا، وبعضهم يجاهر بذلك علنا، والبعض الاخر يوحي لمقربين، ان اطرحوا اسمي، ويجلس يراقب ردود الفعل من بعيد. فالواضح والجلي حتى الآن، ان الانتخابات الرئاسية آتية لا محالة، ولن يجرؤ اي فريق على عرقلتها، وحتى المايسترو الاكبر، ولنا في الانتخابات النيابية، اصدق مثال، فرغم كل التهويل الذي سبقها باشهر، ورغم كل السيناريوهات المرعبة التي تم التبشير بها، حصلت الانتخابات النيابية بكل سلاسة، في كل المناطق، ويمكن القول انها كانت من بين الانتخابات الاكثر هدوءا في تاريخ لبنان.
هكذا لعبة شد الحبال مستمرة على الساحة اللبنانية، والكل يسلف الكل، بانتظار ساعة الحسم، وخروج الدخان الاسود من ساحة النجمة، اسود وليس بابيض، لانه في الظاهر، ما زال البعض يكابر ويعتبر ان ما من شيء تغير في بيروت، برغم الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي والحياتي والاجتماعي الحاصل، وما زال هذا البعض يمنن النفس، بكرسي في قصر يشرف على العاصمة، ولا يشرف على هموم الوطن.
الخشية ان تصح توقعات هذا البعض، ويصل الى القصر، شخصية من الشخصيات التي تدور في رحاب الممانعة، وتتبنى طروحاتها، وهنا الطامة الكبرى، فست سنوات جديدة من عمر لبنان، ستكون كفيلة هذه المرة، بمحوه عن خارطة الشرق الاوسط، بالف حجة والف سبب، وسيعرف الممانعون كيف يسوقون لهكذا نتائج يريدونها حتمية.
نظريا، هناك لاعبون اساسيون من المسيحيين يعتقدون انه سيكون لهم دور مهم في عملية اختيار الرئيس العتيد، رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، والنائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر ورئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل ولربما قائد الجيش العماد جوزيف عون، ولا احد منهم يخفي انه مستعد للتضحية ست سنوات وتحمل مسؤولية الرئاسة الاولى، ممنين النفس بالوصول الى رحاب القصر. لم يفتهم جميعا، ان الرئاسة في لبنان تطبخ في الخارج وتظهر في بيروت، والاحتمالات واضحة وجلية، فاما مكابرة من قبل محور الممانعة، بما يؤدي الى الفراغ اذا استشعر المحور ان الرئيس القادم سيكون اقرب الى الخصوم، واما تسوية تأتي برئيس يدير الازمة حتى بروز الحلول النهائية في المنطقة، واما رئيس مواجهة ويكون ذلك مفتاحا لوصاية دولية على لبنان يتوقعها كثيرون.
الاكيد ان الانتخابات حاصلة، وان الاسابيع المقبلة حبلى بتطورات كثيرة، داخليا واقليميا ودوليا، والاكيد الاكيد انه في ظل تأخر الحلول الاقليمية، وحده رئيس توافقي وسطي، قادر على العبور بلبنان الى ضفة الامان، فلا الرئيس الممانع سيكون بمقدوره الممانعة والصمود الى النهاية، ولا رئيس المواجهة سيكون بقادر على الحكم والاقليم مشتعل من حوله.