السفير رضا الطايفي يكتب عن: الثنائيات في رواية ”ذلك الغريب”


"انتهيت من الاستمتاع بقراءة رائعة الأديبة مريم هرموش"ذلك الغريب"،التي بهرتني منذ البداية بغلافها العبقري المعبر للفنان القدير بامتياز أحمد الجنايني..استمتعت بالسياق العام للرواية وبأحداثها وشخصياتها، وسعدت بالأسلوب الأدبي الرفيع والرصين الذي صيغت به الرواية فخرجت مقطوعة أدبية بما حفلت به من أحداث ووقائع مثيرة نجحت الكاتبة في تجسيدها بتمكن وبراعة مدهشة بسرد مثير ومشوق وتوصيف دقيق غاص في أعماق شخصيات الرواية التي جمعت عددا من الثنائيات بكل مالهذه الثنائيات من أدوار ودلالات في البناء الدرامي المتماسك للرواية مثل أزيح ومدحت،أزيح والغريب، ازيح ودولشي (كلبها الوفي)،نادر ونسرين،نادر وسيلفيا،نسرين وطارق،ليلي ووالدها ...وغيرهم...
وهي رواية اجتماعية تلاقت وتباعدت فيها مشاعر إنسانية مركبة جمعت بين الحب والكراهية..الصداقة والعداء..الإيثار والأثرة..الوفاء والخيانة..كرم المشاعر وبخلها..نكران الذات والأنانية..التسامح والإنتقام..القوة والضعف..المثالية والواقعية..دفء الوطن وصقيع الغربة..الحرب والسلام......
مما لاشك فيه انه كلما كان العمل الأدبي معايشا ومواكبا لبيئته وعصره ،لزمانه وجغرافيته،كلما جاء واقعيا ومعبرا وصادقا،وهو ماعكسته رواية "ذلك الغريب"،التي ارادت بها الكاتبة ان تنتصر فيها للحقيقة لقصة حقيقية ليست من وحي الخيال.كما أن الرواية جسدت ببراعة الأجواء الإجتماعية التي واكبت احداثها، فكانت جائحة كورونا حاضرة وضاغطة علي الأحداث ومؤثرة في ابطالها،كما كانت قضية الهجرة وتداعياتها المأساوية حاضرة بفعل الحروب وثقافة التطوع في الأعمال الخيرية وتداعيات العولمة وعولمة الفيروسات التي نثرت بذور الخوف في النفوس وفرضت العزلة الجبرية علي الجميع،وأصبح الكل يخاف من الكل وعلي الكل حيث توحد العالم حول الخوف!!!
هي رواية تؤكد أن الفن يظل طاقة أمل وعامل للاستمرارية وبث الطاقة الإيجابية في النفوس.
تقديري ان "ذلك الغريب" رواية شيقة سوف تثري المكتبة العربية و هي جديرة بالقراءة والتأمل فيما ورد بين سطورها،وليتنا نراها لاحقا مجسدة في عمل سينيمائي أو تليفزيوني لثرائها بالفكر والشخصيات والمواقف والأماكن والأزمنة والأمكنة والحوارات الناطقة والمشاعر الصامتة.