الأحد 24 أغسطس 2025 09:18 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الدكتور أيمن سلامة : هدنة اليمن ...........قراءة قانونية .

النهار نيوز

في تطور إيجابي مهم وافق أطراف النزاع المتحاربة في اليمن على الالتزام بهدنة مؤقتة لمدة شهرين تدخل حيز التنفيذ غدا الثاني من أبريل الساعة، كما وافق المتحاربون على وقف جميع العمليات العسكرية الجوية والبرية والبحرية الهجومية داخل اليمن وعبر حدوده، واتفق المتحاربون أيضا على دخول سفن الوقود إلى موانئ الحديدة ورحلات تجارية للعمل داخل وخارج مطار صنعاء إلى وجهات محددة سلفًا في المنطقة.

تهدف الهدنة بشكل رئيسي إلى منح اليمنيين استراحة ضرورية من العنف والتخفيف من المعاناة الإنسانية وتمهيد أفضل السبل والظروف لإنهاء الصراع المسلح.

جلي أن النزاع المسلح لا ينتهي بالتوقف المؤقت للعمليات العدائية سواء توقفت هذه العمليات العدائية بمقتضي اتفاق وقف إطلاق النار أو اتفاق الهدنة بين المتحاربين، بل ينتهي حقيقةً عند إبرام اتفاقات سلام تنهي حالة الحرب نهائيا وترسي لسلام شامل ودائم بين الدول المتحاربة سابقا.

وتختلف اتفاقات الهدنة عن اتفاقات وقف إطلاق النار من هدة أوجه، وقد كشفت الحرب في سوريا ،وليبيا ،واليمن ، وروسيا ، و ناكورنوكاراباخ ، ودول و أقاليم عديدة عن عدد من المظاهر و الخصائص التي تميز اتفاقات الهدنة عن اتفاقات وقف اطلاق النار .

أولاً: وقف إطلاق النار:

هو مهلة قد يطلبها أحد أطراف النزاع، وتكون عادة محدودة المدة، تتوقف فيها العمليات القتالية بهدف إسعاف الجرحى ودفن القتلى، ومن ثم يمكن القول، أو لأجل تأمين الممرات الإنسانية اللازمة لغوث أو إجلاء المدنيين المحاصرين مثل الحالة الأوكرانية مؤخرا.

لذا فوقف القتال إجراء عسكري مؤقت وليس له صفة سياسية، ولا ينص فى ذلك الاتفاق على شروط ذات طابع سياسى، ورغم أن الغالب أن يتم الاتفاق بين المتحاربين وبإرادتهم السياسة الحرة، إلا أنه وفى الآونة الأخيرة وفى الحالات التى من شأن استمرارها تهديد للسلم والأمن الدوليين، نجد أن مجلس الأمن يقوم بإصدار قراراته فى شأن حفظ السلم والأمن الدوليين وإعادتهما لنصابهما، وتتضمن مثل هذه القرارات الأمر بوقف إطلاق النار من جانب المتحاربين.

ومن أشهر الحالات التى اضطلع فيها مجلس الأمن بهذه المهمة إصدار المجلس العديد من قراراته فى هذا الشأن فى حرب أكتوبر عام 1973، والحرب اللبنانية الإسرائيلية عام 2006 ، كما يمكن أن تساهم جهود دولة أو مجموعة دول أو منظمة دولية فى التوصل لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار.

ثانياً: الهدنة:

تُعرف بأنها تعليق للعمليات العدائية على كل الجبهات بين الدول المتحاربة، دون إنهاء النزاع، فالهدنة قرار سياسي يصدر عن السلطة السياسية صاحبة الاختصاص، وقد تكون محددة المدة، مثل الحالة اليمنية مؤخرا حيث اتفق المتحاربون علي تحديدها لمدة شهر قابلة للتجديد بموافقة لاحقة من الأطراف المتحاربة ،كما يمكن أنّ تكون مفتوحة، على أنّ يحدد في نص قرار الهدنة ما يحظر ارتكابهُ من أفعال قد تلغيها ويستأنف القتال بعدها، ويجب على من يود استئناف القتال أنّ يبلغ الطرف الآخر بذلك إلاّ في الحالات الطارئة.إن اتفاق الهدنة عمل ذو طابع سياسى بجانب صفته العسكرية، يلجأ إليه المتحاربون توطئة لعقد الصلح؛ لذلك فالذى يملك عقد الهدنة حكومات الدول المحاربة ذاتها، ويتولى الأمر فى شأن الهدنة وفى تحديد شروطها ممثلون عن أطراف الاتفاق يعينون خصيصا لذلك، ولا تصبح الهدنة ملزمة إلا إذا أقرتها حكومات الدول الأطراف فيها.

وكما تشمل الهدنة وقف جميع العمليات الحربية بين طرفى النزاع المسلح فى جميع الميادين، وهو ما يعرف بالهدنة العامة، حيث استخدم مجلس الأمن مصطلح الهدنة العامة فى قراره بتاريخ 16 نوفمبر عام 1948 بشأن الحرب الإسرائيلية العربية، وقد تقتصر الهدنة -أيضا- على مناطق معينة وهى ما تعرف بالهدنة المحلية، وعادة ما يحدد للهدنة أجل تنتهى بانقضائه، ويكون لكلا الفريقين المتحاربين العودة للقتال إن لم يتفقا على الصلح.

ويتحدد مضمون الهدنة من قبل أطرافها، وهو قد يشمل، إضافة للأعمال المحظورة، إنشاء مناطق منزوعة السلاح كما تم فى اتفاق الهدنة الشهير عام 1953 بعد انتهاء الحرب الكورية، والذى أنشا المنطقة منزوعة السلاح شمال وجنوب خط العرض 38، وإنشاء مناطق دفاعية، وتبادل أسرى الحرب .

إن أى إخلال جسيم بشروط الهدنة الواردة فى اتفاقها من جانب أحد الطرفين يعطى الطرف الآخر الحق فى نقضها ويعتبرها منتهية، وله فى حالة الضرورة القصوى أن يستأنف القتال مباشرة، وفضلا عن ذلك فان هذا الانتهاك ومخالفة شروط الهدنة، يرتب المسؤولية الدولية على الدولة المخالفة بوصفها ارتكبت مخالفة لالتزاماتها الدولية، أما إذا كان الإخلال من الأفراد من تلقاء أنفسهم وبإرادتهم المحضة أى دون تلقى أوامر قيادية عليا من رؤسائهم، فللطرف الآخر أن يطلب فقط معاقبة المسئولين، ودفع تعويض عن الإضرار التى نتجت عن هذا الإخلال.

والهدنة مهما طال أمدها لا تعنى إلا مجرد وقف القتال بين أطرافها ولا تنهى قانونا حالة الحرب القائمة بينهم، فحالة الحرب لا تنتهى قانونا إلا بتوقيع معاهدة سلام مثل التي أنهت الحرب بين إسرائيل ومصر والتي أبرمتها الدولتين في مارس 1979، ومعاهدة وادى عربة عام 1994 التي أنهت الحرب بين إسرائيل والأردن.