الأحد 24 أغسطس 2025 10:42 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

مصطفى جمعة يكتب:مكناس ....”عشق كل الناس”

النهار نيوز

الكتابة عن مغامرة اقتحام احداث ومواقف وذكريات او زيارة مدن مثل مكناس في مملكة المغرب الشقيقة التي كان مقدر لها ان تموت وهي تنبض مع كل شهقة روح ، وتصرخ مع كل رقصة جنونية للحياة ، ليست كتابة انما انفتاح على قوى الابداع التي تدمج المكونات الواقعية في عالم التخيل لكونها في حقيقة الامر الذاكرة التي تحمل كل التواريخ، واللحظات الزمنية المتفجرة ماضيا وحاضرا.
كنت على يقين ، وانا اصيغ لحظات مثيرة صنعها القدر ، ورسمتها ايادي عبقرية بمداد الشوق وبحبر آلامه.، قضيتها في مكناس التي يعشقها كل الناس والتي تعني (بالأمازيغية المحارب) تلك المدينة الذي قام بناها المولى أسماعيل عاصمة لمملكته، تقع في شمال المملكة على بعد 140 كلم شرق العاصمة المغربيةالرباط، وهي العاصمة لجهة مكناس ـ تافيلالت التي تضم ولاية مكناس وعمالة إقليم الحاجب وعمالة أقاليم ايفران وخنيفرة والر انها ابدا لن تموت
وعند استرجاع لحظاتي الجميلة وبث الروح في سيرتها ، وتذكر مآثرها الإسماعيلية ك(باب الرايس والبردعيين باب جديد وباب الخميس وباب منصور لعلج وهري المنصور ومربط الخيول وصهريج الصواني وقصر المنصور والدار البيضاء وساحة الهديمولالة عودة وأسوار والأبراج العديدة الشامخة فضلا عن المدينة العتيقة وجوامعها ومآذنها العديدة وأضرحتها وزواياها....عشت عناق لكل الصور المباحة والمكبوتة ، الظاهرة او المختزلة في النفس البشرية، التي لا تختص بلحظة معينة من مجموع اللحظات الفريدة ،
ومع خبرة السنين والسفر أصبحت على قناعة تامة ان الزمن الذي يُخامرُنا في مكناس التي تزخر بتاريخ عريق تحكي عنه أسوارها وأبراجها ومآثرها التاريخية التي ظلت شامخة شموخ جبال الأطلس وجبال زرهون التي تحيط بها من كل ناحية. ليس زمنُ الامس ، انما زمن اللحظة ، فنحن نبت ارتوى مِنْ نبعِ مبادئِ صادقة غايتها القيم النبيلة ، وتشربت بقبساتُ من نور دائما فيها الخالدين متلألئين تحتَ التراب، تكللهم رياحين مِنْ صنفٍ يانع، شذيّ العبق
فمدينة مكناس مدينة الحضارة العربية الإسلامية والتاريخ العريق,ولعل المآثر التاريخية التي تربض بين جنباتها تعد شاهد إثبات، يستمد جذوره من أعماق التاريخ، على أصالة هذه المدينة. فهي بأسوارها وأبراجها وبساتينها، بقصورها ودورها ومساجدها وسقاياتها، بساحاتها وبمآذنها، بزواياها وأزقتها وعادات وتقاليد ساكنتها تعد متحفا نابضا وشاهدا حيا على تاريخ هذه الحاضرة. كلِّ مَوْقع و اوان ،
لقد ولدت اللحظات الجميلة في هذه المدينة التي من أعظم آثارها التي تدهش السياح باب المنصور الضخم المشهور بنقوشه الفسيفسائية وبالقصر الملكي بأسواره العتيقة وضريح مولاي إسماعيل، ومسجد بريمة، وسيدي عثمان، والقصر الجامعي الذي يعد متحفا للفن المغربي،التي عشتني وعشتها كتوأمٍ تجمعهما ملامح وتفرقهما أساليب ومعاني ، حالة جريان في الذاكرة جعلت التفكير، داخل تيار الوعي يكسر الحواجزَ الي الفضاءِ الرحب للذكريات،.نستحضر خلالها الوجوهُ التي اسعدتنا والأسماء التي شرفتنا . والذكريات التي سكنتنا والمواقف التي صادفتنا والحكايات التي عشناها وعاشتنا والمدن التي ابهرتنا والصور التي جمعناها وجمعتنا مع التاريخ ومع الناس و التي منحتنا لحظات فريدة من السعادة والبهجة، وامتعتنا بالفرجة لفنون دونت على سطح حجارته تارة وعلى جدران ذاكرته مرات. فابقاها خالدة وابقته حالة فريدة من التوهج .اشبه بالاسطورة التي عندما تلمس الواقع تصبح نبضه.
والاسطورة التي اعتبرها الباحثون الخطوة الاولى باتجاه المعرفة وهي الوسيلة التي اعتمدها الانسان القديم لتجاوز مرحلة السحر التي سيطرت عليه بل كبلت افكاره زمنا طويلا، عشتها نظاما فكريا وادبيا وفنيا متكاملا في فترة ما مع الرجال الذين فاقوا بصنعهم الاساطير من خلال وعي وفكر وفلسفة الانسان وهو يواصل رحلة المغامرة والاكتشاف عبر وسائله التعبيرية المتلاحقة، ومراحل نموها ماضيا وحاضرا وبكل جوانبها عبر الدلالات التي توحي بها الاشكال والمضامين المنجزة التي تعكس فلسفة ورؤى مبدعيها.
ومكناس التي هي احدى حواضر المغرب الشهيرة، رأت النور مند القرن العاشر الميلادي ،على يد السلطان مولاي إسماعيل الذي طلب ببنائها لتكون العاصمة الجديدة لمملكته. تمتد على مساحة 79210 كلمتر مربع أي تحتل حوالي 11% من مجموع التراب المغربي. وهي متنوعة التضاريس والمناخ، وتأوي هذه المنطقة حسب إحصائيات 1994: 73% من مجموع سكان المغرب.
ومدينة مكناس الذي كان طموح المولى إسماعيل هو أن يجعلها تضاهي العواصم الأوربية حتى أنها وصفت بفرساي المغرب مقارنة مع فرساي الملك لويس الرابع عشر المعاصر للمولى إسماعيل وقد عرفت المبادلات والسفارات بين العاهلين شأوا كبيرا آنذاك، مقسمة إلى جزءين المدينة الجديدة والمدينة القديمة تقع في ملتقى الطرق التجارية التي كانت تربط بين عدة جهات مما جعل منها منطقة عبور واستقرار منذ عهد قديم مما أكسبها أهمية كبيرة عند حكام المغرب المتعاقبين.
لم تتنازل مكناس عن أهميتها كمدينة مخزنية وحاضرة كبرى حتى عندما فقدت صفتها كعاصمة سياسية للعلويين خلال المنتصف الثاني من القرن 18م لفائدة جارتها فاس في بداية الأمر إذ كانت سكنا مفضلا لعدد من الأمراء ورجال الدولة. أما خلال خضوع المغرب للحماية الفرنسية فإنها ستستعيد بعض أدوارها كموقع استراتيجي له أهمية عسكرية واقتصادية بالدرجة الأولى وسيترجم اهتمام سلطات الحماية بهذا الموقع من خلال فتح ورش كبير لتشييد مدينة جديدة على الطراز الأوربي بشوارعها وعماراتها وحدائقها وأحيائها الصناعية والتجارية والسكنية وكافة مرافقها الإدارية والعسكرية والرياضية والثقافية

مصطفى جمعة مكناس عشق كل الناس