د. نبيل بوغنطوس يكتب: هل ينجو لبنان من التفجير؟


من يراقب الوضع في لبنان عن كثب، يلحظ ان ليست وحدها فرنسا من يسعى ويحاول اطفاء الحرائق اللبنانية قبل توسعها وتمددها، وهي ليست وحدها تطلق مبادرات تجاه القابضين على السلطة فيه، تدعوهم بالحوار والتفاهم والتفهم، خصوصا تجاه حزب الله، الى تلبية متطلبات المجتمع الدولي، لوقف الهدر والفساد وانجاز اصلاحات سريعة، والحد من الانهيار الحاصل، وما البيان الفرنسي السعودي الذي صدر في ختام زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى السعودية، الا فضحا للمستور، وكشفا علنيا للوضع اللبناني المزري، على كافة الصعد، واهمها ان الدولة في لبنان، متمثلة بحكومته ومؤسساته، لا تمون على اي شيء فيه، فلبنان مطالب بالسيطرة على حدوده، وبحصر السلاح فيه بالجيش اللبناني وحده، كما بتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الأرقام 1559 و1680 و1701، لكن الطامة الكبرى، ان ليس في استطاعة لبنان في وضعه الراهن تنفيذ هذه القرارات، وهو يعيش لذلك، في حالة من انعدام الوزن
اليوم، دخل الروس على الخط، وكلنا يدرك ان تعاطي روسيا مع الازمات هو تماما، غير تعاطي الولايات الاميركية ومثلها الدول الاوروبية، فالروس معروفون بحزمهم وبأسهم، فليس عندهم الكثير من الحلول الوسط، وهم لربما يجدون في لبنان ساحة خلفية تحمي وجودهم في العمق السوري وعلى ضفاف المتوسط. ولذلك لا يريدون له المزيد من التدهور، بل ان يستعيد مكانته ويخرج من ازماته، وهم في تعاملهم مع الداخل اللبناني، حريصون، على عدم الظهور كأنهم مع فريق ضد الاخر، ومن هنا يصبح مشروعا التساؤل، هل تدخلت روسيا لدى ايران لاجل الضغط،في موضوع استقالة الوزير جورج قرداحي، بهدف تبريد الجبهة اللبنانية السعودية، وبالتالي الجبهات اللبنانية الخليجية، ومنع تفاقم الامور ووصولها الى القطيعة الشاملة
ويبدو، ان الروس ابلغوا الايرانيين وجوب عدم استعمال لبنان بعد اليوم، منصة لمهاجمة الدول الخليجية عموما والسعودية خصوصا، وذلك نتيجة تخوفهم من ان ينفجر الوضع المتأزم فيه، نتيجة الانهيار الاقتصادي والانقسام السياسي العامودي والافقي الضارب في كل زاوية من زوايا
الحياة فيه،....الروس، امسكوا كما يبدو العصا من وسطها، وعلى طرف العصا لبنان من جهة، والسعودية وايران من جهة ثانية، لرغبتهم ان يستمع جميع الفرقاء الى نصائحهم، فلايران وحلفائها رسالة واضحة حول الملعب الذي يمكن ان يناوروا فيه، وضمن اية حدود، كذلك وجهت رسالة مباشرة للسعودية وللخليج بوجوب عدم ترك لبنان يقع فريسة من يبحثون عن دور لهم على الحدود الشرقية للمتوسط، كايران مرورا بتركيا ووصولا الى الجهات الاصولية والمتطرفة.
بهذا، ان تمكن الفرنسيون ومعهم الروس، من ترجمة تدخلاتهم على الساحة اللبنانية، تبريدا للوضع، وانفتاحا للبنان على الحلول التي يطرحونها في سبيل انقاذ ما يمكن انقاذه فيه، وابعادا لشبح الانفجار الداخلي، يكون لبنان وبصعوبة، يبدأ كتابة فصول جديدة من تاريخه في مئويته الثانية.