أيمن سلامة يكتب : العالم ينظر بعدسات مختلفة لحكومة طالبان


رغم التباين بين القوى الدولية والإقليمية حول التعامل مع حالة الأمر الواقع في أفغانستان إلا أن الجميع يبدو متفقاً على أنه من المبكر الحديث حول اعتراف رسمي بسلطة طالبان، على الرغم من أن بعض الدول بدأت فعلياً في التواصل والتعامل مع طالبان على الأرض إلا أن مسألة الاعتراف مازالت غير مطروحة على ما يبدو، ولا يمكن دمغ هذا التواصل مع طالبان سواء تم ذلك التواصل قبل أو بعد سيطرتها علي كامل الإقليم الأفغاني بالإعتراف الدبلوماسي القانوني بالحكومة المؤقتة المعلنة من جانب : " المنتصرين " كما يحلو لأنصار طالبان أن ينعتوا حكومتهم بهذا الوصف .
واقع الأمر ، لقد أعلنت طالبان منذ اقتحامها قصر الرئاسة في كابول وفرار أخر رئيس للبلاد ، أنها تريد من المجتمع الدولي أن يعترف بها ، ولم تضع طالبان ثمة شروط في هذا الشأن سوي عدم تدخل الدول الاجنبية في شؤون الدولة الداخلية ، ولم تعلق طالبان في ذات الوقت تعاونها مع الدول الأجنبية علي شرط الاعتراف بحكومتها المعلنة في كابول
لا مرية أن انتصار معسكر الصقور المهيمن علي تشكيلة الحكومة المؤقتة لطالبان ، و الرسائل التي أفصح عنها المتحدث الرسمي لحركة طالبان بخصوص المعاهدات الدولية ، و تمكين المرأة ، وغيرها من مسائل حقوقية و ديمقراطية أوجست خيفة لدي معظم دول الغرب مثل ألمانيا و كندا و إيطاليا و الولايات المتحدة الأمريكية و الاخيرة تحفظت تحفظا شديدا علي اختيار أكثر من وزير في حكومة طالبان أدرجتهم وزارتي الخزانة و العدل الأمريكيتين علي قائم الإرهاب .
ينظر العالم إلى حكومة طالبان الجديدة من خلال عدسات مختلفة ، حيث يشعر الغرب بالقلق من ضبابية المشهد الأفغاني الذي رسمته طالبان بدهاء ، فالتصريحات الوردية التي تغري المجتمع الدولي بالإعتراف بالحكومة المؤقتة لل " الإمارة الإسلامية في أفغانستان " ، لم تصدقها الأفعال علي الأرض حتي الآن ، و الغرب بقيادة الولايت المتحدة الأمريكية لن ينسي التاريخ غير المضئ لطالبان حين كانت في سدة الحكم في البلاد 1996-2001.
بينما تشيد الصين بـ "نهاية الفوضى" في الأسابيع الأخيرة في كابول ، وبينما ترحي و تهلل روسيا الإتحادية بالهزيمة الكاسحة لعدوها اللدود الولايات المتحدة الأمريكية ، لكن المجتمع الدولي بأسره - بما في ذلك بكين - هو من يدق ناقوس الخطر بشأن الإرهاب ، خوفًا من أن تصبح أفغانستان مرة أخرى قاعدة للجهاد العالمي ، ويكفي طالبان في هذا الصدد أن وزير الداخلية الطالباني "محمد حسن أخوند" هو من المطلوبين للعدالة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي والوكالات الدولية الأخرى .
تؤكد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضًا أن الحكومة الجديدة ليست شاملة ولا تمثيلية ، كما وعدت طالبان، بدلاً من ذلك ، تولي الصين "أهمية كبيرة" لمؤسسة الحكومة المؤقتة ، واصفة إياها بأنها "خطوة ضرورية لاستعادة النظام الداخلي وإعادة الإعمار بعد الحرب" ، والتي وضع التنين عينيه عليها بالفعل، ومع ذلك ، حتى بكين تقترح على طالبان توحيد جميع المجموعات العرقية لبناء "إطار سياسي واسع وشامل" ، واتباع "سياسة داخلية وخارجية معتدلة ومستقرة" من أجل "تحقيق اعتراف عالمي أكبر" و "توضيح" الروابط. مع الإرهاب ، خوفًا من "التسلل" الجهادي إلى شينجيانغ المجاورة ، منطقة الأقلية المسلمة من الأويغور التي قمعتها الحكومة المركزية.
في الطرف الآخر من العالم ، في رامشتاين بألمانيا ، ترأس وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين والألماني هيكو ماس اجتماعًا افتراضيًا للوزراء الغربيين انطلق منه نفس تحذير الإرهاب ، فقد حذر وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو مرة أخرى من أن "أفغانستان لا يمكن أن تصبح مرة أخرى تهديدًا للأمن الدولي" ، مشيرًا إلى أن التحالف المناهض لداعش ، الذي يعمل بالفعل ضد داعش في العراق وسوريا ، "يمكن أن يوفر منبرًا لأي عمل مستقبلي". وكرر الوزراء القول "سنحكم على الحكومة الأفغانية بالحقائق" ، الذين يبدو أنهم ما زالوا يريدون ترك مجال للمناورة لطالبان لتجنب العزلة الدولية، لكن التفاؤل يختفي مع مرور الساعات والأخبار المروعة القادمة من الإمارة الإسلامية