السبت 23 أغسطس 2025 11:30 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

الدكتور أيمن سلامة : الإعتراف بحكومة طالبان و الإختبار الذاتي

النهار نيوز

شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر انبثاق ما يعرف بالإختبار الذاتي الذي تطبقه الدول على حكومة جديدة،خاصة تلك التي تأتي للسلطة بدون الوسائل السلمية لتداول السلطة و تحديدا الإنتخابات البرلمانية ، وتعد الحالة الأفغانية المثال الساطع لحالات تولي حكومات جديدة سدة الحكم عن طريق إما الثورات الشعبية أو الإنقلابات العسكرية أو العنف المسلح ، و الأخيرة تعد المثال الذي ينطبق علي حالة حكومة "طالبان الجديدة"، والتي يعوزها الإعتراف الدولي حتي تكتسب الحقوق الدولية و تتحمل بالإلتزامات الدولية في آن ، وتُعمِل الدول ذلك الإختبارالذاتي حتي تستطيع تحديد استعداد الحكومة الجديدة تنفيذ التبعات القانونيه الدولية للدولة .

وقد يبدو مثل هذا الاختبار غير ضروري لان المنتظر من اي حكومة تعتبر مُمثلة لدولتها ان تتحمل دون اي شك الالتزامات القانونية لتلك الدولة، ولكن التجربة حَبّزت تطبيق هذا الاختبار الذاتي ، وتساءل البعض إن كان استيلاء حكومة على السلطة بوسائل غير دستورية وربما بصوره عنيفة مثل حالة "طالبان " لا يدل علي التزام هذه الحكومة بالإلتزامات الدولية التي يحددها القانون الدولي ، كما تساءل البعض ان كان في الامكان الاعتماد كثيرا علي حكومة جديدة تنشأ في بلد ما ، تبتليه تغيرت داخلية ، و اضطرابات مزمنة في استعداد هذه الحكومة أو حتى في مقدرتها على احترام تبعاتها الدولية ، وتُعد التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي ماكرون بصدد الشروط الخمسة للإعتراف بحكومة "طالبان " مهمة بمكان .

أدي انبثاق ايديولوجيات تعتبرها حكومات كثيره سواء أكانت في ذلك على صواب ام خطأ، عدائية او هدامة ، واقتران هذه الايديولوجيات بقدرة أتباعها على السيطرة على بعض الحكومات الى زيادة في التركيزعلى الاختبار الباطني للاعتراف . ولا شك في ان الدوافع السياسية تلعب الدو الأكبر في صدد الإعتراف بالحكومات الجديدة ، لأن اذا كان نظام حكم مُعين قد ألمح إلي أطماعه الهدامة قبل الاستيلاء على السلطة، فانه يبدو من المنطقي ألا يحترم نظام الحكم الجديد أياً من التزاماته الدولية التي تتضارب مع هذه الاطماع او تعرقل تحقيقها

من هنا كان السبب في رفض حكومات الأنظمة الملكية الاعتراف بالحكومات الثورية الفرنسيه بين عام 1789 و عام 1793 ، وفي التردد الكبير في الاعتراف بالحكومة الروسية التي انبثقت من ثورة نوفمبر عام 1917، والسبب في رفض الولايات المتحدةالامريكية الإعتراف بالحكومه الشيوعية في كوبا ، وقد دافع تشارلز ايفانز هيوز وزير الخارجية الامريكي عن عدم الاعتراف بالاتحاد السوفيتي السابق بقوله في 21 مارس سنه 1923 : " إن المسالة الأساسية في الاعتراف بحكومة ما هي ان كانت تلك الحكومة تُظهر مقدرة وميلاً إلي تنفيذ التزاماتها الدولية ، وأنني اقول ان حسن النية مسالة كبيرة الاهمية لان الكلام سهل ، وما هو نفع الحديث عن الضمانات اذا نُقضت الالتزامات والحقوق نافذة المفعول وصودرت الممتلكات ؟

طبقت حكومه الولايات المتحدة الامريكية الاختبار الذاتي في أواخر القرن التاسع عشر ولكن استغلته الى حد بعيد في القرن العشرين ، فبالنسبة الى عدم الاعتراف بحكومة جمهورية الصين الشعبية ، قَدّم الناطق الرسمي للادارة الامريكية اسباب رئيسية بينها مصادرة الممتلكات الامريكية الخاصة في الصين ودون اي تعويض عنها ، والإستيلاء بالقوة على ممتلكات الحكومة الامريكية التي تستند ملكيتها لحقوق ضمنتها معاهدات دولية .