د. أيمن سلامة يكتب: المسؤولية عن استخدام الطائرات الدرونز


تمنع القوانين الوطنية لغالبية دول العالم استخدام الطائرات بدون طيار، وهي طائرات غير متاحة إلا في عدد قليل من دول العالم، واستخدامها يقتصرعلى الدول فقط مع بعض الاستثناءات ، حيث تستخدمها بعض الميليشيات المسلحة مثل الحشد الشعبي في العراق و الحوثيين في اليمن ، ويرجع السبب إلى كون هذا النوع من الطائرات أخترع في الأصل للاستخدام لأهداف عسكرية وشبه عسكرية، قبل أن يتطور استخدامها في المجالات المدنية، بما فيها التصوير الفوتوغرافي والاستطلاعات وإنجاز الأفلام الوثائقية وحتى السينمائية، لكن في السنين الأخيرة لوحظ استخدام هذه الطائرات بشكل أكبر، ولاسيما على مستوى مراقبة الحدود، والتجسس أحيانا لدول على دول أخرى .
ما من شك أن كل دولة مستقلة تتمتع بالشخصية القانونية الدولية، لها سيادتها على إقليمها، ويشمل إقليم الدولة وفق القانون الدولي، إقليمها البري والبحري والجوي، وهو ما يستتبع أن الدولة لها كامل الصلاحية في فرض سلطتها على الإقليم بما يشمله ذلك من مراقبة الحدود، وذلك في نطاق احترام أحكام القانون الدولي ، وينتج عن هذه المسألة أحقية الدولة في التصدي ومواجهة أي خرق غير مشروع لحدودها سواء البرية منها أو البحرية أو الجوية، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية لرد الخرق في نطاق دائما أحكام القانون الدولي.
يصعب تحديد إثبات الفاعل، خاصة مع تطوير هذه الطائرات مع التطورات التكنولوجية الحديثة وما أتاحته من تقنيات هائلة تجعلها آليات يتحكم فيها عن بعد، ويصعب إخضاعها للمراقبة الدولية ، ففرضية عدم تبيان المتسبب في الضرر عند استخدام الطائرات بدون طيار، ورغم كونها قد تطرح بقوة ومسألة واردة من الناحية العملية، فإن البحث في أوجه الفعل وجوانبه العلمية والعملية، قد يحدد مصدر الفعل، والذي قد ينتج عن تصرف شخص أو مجموعة أشخاص كما في حالة " الميليشيات "، وهنا تبقى المسؤولية قائمة، وذلك في الحالة التي يكون فيها هذا الشخص أو مجموعة الأشخاص قد قاموا بالفعل بناء على تعليمات الدولة، أو بتوجيهات منها أو تحت رقابتها، حيث تضحي الدولة المعنية مسؤولة دوليا عن الفعل غير المشروع، وفقا لمقتضيات القانون الدولي.
لكن المسؤولية الجنائية عن إستخدام الطائرات الدرونز، قد تطال القائد او ُمصّدر القرارالذي منح غيره ُسلطة استخدام القوة القاتلة ، يليه ُمَوجِه الطائرة الدرون وحتى مبرمج الطائرة الدرونز وُمنتجها أي مصنع الطائرة ، ويرى البعض بأن الدرونز إنسان آلي يعمل ذاتيا، ولذلك فإن المسئولية التقصيرية قد تكون واجبة التطبيق باعتبار الطائرة منتجا ، و هذا الرأي قد يؤدي بمُوجه الطائرة إلى توجيهها نحو الأهداف بمسؤولية وحذر، إضافةً إلى ما سبق فإن منتج الطائرة قد يكون محمّلا المسؤولية في إخبار المستخدم بنسبة الخطأ في إصابة الهدف.
ومع ذلك، وعلاوة على التسليم بكون الطائرة منتجاً آليا ذاتي الحركة، تبقي المسؤولية عن خرق قواعد القانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان كمسألة قتل المدنيين على سبيل المثال جنائية، وأن أولئك الأشخاص المشتركين في عمليات القتل إن حدثت ، سواء: صناع القرار، والقادة، وموجهي الدرونز هم مسؤولين جنائياً وتطبق عليهم القوانين الجنائي حسب الأحوال.
وعلي أي حال، فإن تحديد الجهة أو الشخص الذي قد تنهض مسئوليته عن الاستهداف الخاطئ يعتمد على ظروف كل حالة بحدة.
إن المسألة هي مسألة وقائع أي أنها مسألة موضوعية يبقى تقديرها لمحكمة الموضوع ؛ ولذلك ، فإن المحكمة هي التي تحكم بمسئولية جهة أو شخص أو أكثر، و قد تكون المسؤولية مشتركة متفاوتة في النسبة ، كما يمكن مسائلة منتج الدرونز في حالة تجهيزه لمعدات معيبة من شأن استخدامها إلحاق الضرر خطأ بأهداف غير مشروع استهدافها.