د. علي الدرورة يكتب: عيدية مثالية


في يوم العيد السعيد يتطلع الدّراري إلى النقود التي سوف تعطى لهم، وتسمى العيدية أو البيسات أو النقوط، وبمصطلحنا العصري الفلوس، والمصطلحات تختلف من منطقة إلى أخرى من مناطق الخليج.
تذكرت قديماً حيث كانت عيديتنا عبارة عن (قرشين) أو (اربعة قروش) وهي تعطى من الأقارب عادة، أما من الأباعد فهي عبارة عن قرش واحد فقط أو قطعتين أو ثلاث قطع من ذات الفئة، فهو ذو قيمة في تلك الفترة الزمنية بالنسبة للأطفال.
أما اليوم فهم يدركون العيدية وحسب السنّ من خمسة ريالات إلى ١٠٠ ريال، وبشرط أن تكون نوطاً جديدة ويقولون عنها تبرق، أي تلمع.
اليوم الجمعة جاءني لفيف من الأقارب فأعطيت ثلاثة من اليافعين منهم كتاب (المسائل) وطلبت منهم حلّ الواجب في الدار عن ١٠٠ سؤال كتبت بالحروف المهملة، وعليكم الإجابة بالحروف المهملة على عشرة أسئلة على الأقلّ، وحينها ارتسمت على وجوههم علامات الدهشة والحيرة، إذ كيف لهم أن يعرفوا ذلك، إنّها مسألة عويصة للغاية، فكيف لهم أن يجيبوا عن سؤال واحد بالحروف غير المنقوطة! وهو أمر لم يعتادوا عليه من قبل، وفي الوقت ذاته حصيلتهم اللغوية محدودة جداً.
وهنا عليهم شحذ الذاكرة واستخراج المخزون اللغوي من المفردات التي بدون نقاط.
لا شك بأنّ المسألة كانت مفاجأة لهم ولم يتوقعوها بتاتاً.
فبالنسبة لهم إنّ الإجابة عن سؤال واحد لا يحتاج إلى دقائق معدودات، بل يحتاج إلى يوم كامل أو يومين إن لم يكن ثلاثة أيام!!!.
ومستقبلاً سوف تظهر العيدية، ويقول اليافعون الثلاثة: لو أننا استلمنا نقوداً للعيدية لصرفناها على المطاعم وانتهى أمرها وكانت نسياً منسياً.
أما الكتاب فإنه سوف يبقى حديثنا للذكريات، وسوف نطّلع عليه من وقت إلى آخر، وسوف يبقى معنا سنوات طوالاً.
*إنّ غرس الثقافة في عقلية الناشئة هي أهم من تغذية البطون.*