السبت 23 أغسطس 2025 08:42 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. داليا عصام أبو الفتوح تكتب: عظمة الفراعنة قديمًا وحديثًا

النهار نيوز

فى موكب مهيب واستقبال حافل يجمع بين الماضى والحاضر والمستقبل فى يوم من أيام الأمجاد تزينت مصر لاستقبال ملوك عظام بناة المجد والحضارة، ازدهروا فى العالم القديم، وتفخر بهم مصر فى عالمنا المعاصر؛ حيث نُقِل 22 مومياء لملوك وملكات مصر من المتحف المصرى إلى متحف الحضارة. وعلى عكس ما يبدو من أن الأمر يرتبط بقوة مصر الناعمة، وما تضمنه من رسائل سياسية بإمتياز، وجذب السياحة فحسب؛ فهناك ترابط عظيم بين الحضارة المصرية القديمة والمستقبل الاقتصادى الواعد لمصر المعاصرة.

هذا الموكب المهيب الذى تنفرد به مصر فى العالم أجمع يربط بين ما تبذله مصر منذ عام 2014 من بناء وتنمية وازدهار اقتصادى. وقد استطاعت مصر أن تبرز القوى الناعمة لها من خلال حضارتها وما ضوته من فنون وآثار والأمن، والتنظيم المتقن فى استعراض جوانب تلك الحضارة.

ويعد الاستقبال الحافل من قبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، واطلاق طلقات المدفعية كترحيب رفيع المستوى هو إعادة وضع لمصر بمكانها الصحيح. ولكن ما يلزمنا التساؤل عنه هل جاء هذا الاحتفال بالموكب الملكى على سبيل الدعاية السياحية فحسب؟ فبإمعان النظر إلى ما مرت به مصر فى الأعوام القليله السابقة يظهر أن مصر قد خرجت من كبوة حكم ثار عليه الشعب إلى كبوة أخرى من حكم جماعة إرهابية رفضها الشعب، ثم صحوة وازدهار وعمل متصل ليل نهار من عمران وصحوه اقتصادية مخططة فكان من حتمية الأمور أن تؤول إلى أن يكلل كل هذا العمل بإحتفال كبير ابتدءًا من عتبة المرحلة الجديدة التى تقف عليها مصر، يبرز للعالم كله ما أضحت عليه مصر من رقى وتقدم وقدرة، وإمتداد عوامل قوة مصر عبر تاريخها وحضارتها العريقة.

أما عن المردود الاقتصادى الذى تنتظره مصر جراء احتفالها بموكب المومياوات، فقد اعتمد الاحتفال على ابراز التاريخ الحقيقى للدوله المصرية حاضنة الحضارات العريقة من خلال ما تم بثه عبر اكثر من 400 محطة اعلامية عبر العالم، إذ لم يقتصر الاحتفال على موكب نقل المومياوات الملكية فحسب، بل تجاوزه إلى التعرف على متحف الحضارة بالفسطاط بما يحتوية من تنوع قوى وفريد يسرد العصور والحضارات التى احتضنتها مصر وعمل على الترويج للمناطق الأثرية الأخرى كالدير البحرى ووادى الملوك وغيرها من المناطق الأثرية مما يعد دعاية كبيرة لمصر فى شتى بقاع العالم، تعود بالايجاب على العديد من المؤشرات الاقتصادية، حيث تعد السياحة قاطرة بناء الاقتصاد وانتعاشة، وغنى عن التعريف هنا أن السياحة تعمل على انتعاش حوالى 55 قطاع وصناعة، ابتداءً من قطعة الصابون التى توضع بالفنادق، وحتى النقل الجوى، مرورًا بالعديد من القطاعات والصناعات الأخرى، مثل قطاع الفنادق والمستلزمات الفندقية والنقل السياحى وغير ذلك.

وتظهر الأهمية الاقتصادية لقطاع السياحة – وهو من أكثر القطاعات المتضررة من جائحة كورونا بانكماش 66% - من عدة أبعاد، أهمها توفير فرص عمل وحل مشكلة البطالة، وتحقيق الرواج الاقتصادى، وتسويق لبعض السلع، وتنمية المرافق الأساسية والبنى التحتية، وزيادة الاستثمار الوطنى والاجنبى، وتحسين ميزان المدفوعات، وتوفير العملة الصعبة، وتحقيق التكامل الرأسى والأفقى بين مختلف القطاعات الاقتصادية.

ويعد الدخل القومى من أبرز الأمور المتأثرة بقطاع السياحة، إذ يقوم السائح بكافة الأنشطة بالإعتماد على البنية التحتية المتوفرة فى المنطقة مثل وسائل النقل والفنادق والمطاعم وغير ذلك من الخدمات التى تعود بالنفع الاقتصادى على الدولة والمجتمع والفرد. وقد أعلن البنك المركزى المصرى أن السياحة المصرية حققت أعلى إيرادات فى تاريخها خلال عام 2019 لتتجاوز 13.03 مليار دولار، وأسهمت السياحة فى مصر فى عام 2018 بـ 15% من الناتج القومى.

كما يتأثر ميزان المدفوعات بالقطاع السياحى من خلال إدرار العملات الأجنبية بما لها من دور هام فى دعم الميزان، وإن كان يتعين تحقيق التوازن بين ما تم تحقيقه من عائد من العملات الأجنبية والانفاق بالعملة الأجنبية على استيراد المستلزمات الخاصة بقطاع السياحة، وبناءً على الفارق المتحقق يتضح مدى تأثير السياحة فى ميزان المدفوعات.

كما أن للسياحة أثر كبير فى إعادة توزيع الدخل القومى حيث يسهم وجود وانتشار المواقع الاثرية فى مناطق معينه فى منح هذه المناطق أهمية سياحية كبيرة ومن ثم إقامة المشاريع التنمويه فى تلك المناطق التى قد تبتعد عن المناطق الحضرية ذات الأولوية التنموية لدى الدولة، وبالتالى تضمن السياحة إعادة توزيع للدخل القومى.

وجدير بالذكر أن إيرادات قطاع السياحة فى مصر قد تراجعت إثر جائحة كورونا عام 2020 إلى أكثر من 69% مقارنة بعام 2019، وبلغت نحو 4 مليار دولار بالمقارنه مع 13.03 مليار دولار عام 2019، و 11.6 مليار دولار عام 2018 وفق تصريحات البنك المركزى المصرى. كما شهدت مصر تراجعًا بأعداد السياح الوافدين خلال عام 2020 بنسبة 72% مقارنة بعام 2019، حيث أن إجمالى عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال عام 2020 لم يتجاوزوا ال 3 مليون سائح مقارنة بنحو 13 مليون فى عام 2019.

ويعِد الموكب الذهبى للمومياوات الملكية ومتحف الحضارة وما كان من إحتفالية شملت الترويج للعديد من المناطق الأثرية فى مصر، والتركيز على البنية التحتية السياحية، بإعادة احياء قطاع السياحة فى مصر وإعداده لنقله نوعية جديدة تتجاوز كافة التوقعات التى كانت ستؤول إليها المؤشرات الإقتصادية فى مصر لتتجاوز تداعيات أزمة جائحة كورونا على الأقتصاد المصرى عمومًا وعلى قطاع السياحة على نحوٍ خاص. وهكذا عاشت مصر أزهى عصورها تحت رايه اقوى الملوك والحكام فى عصور مصر القديمة، وتجاوز هؤلاء الملوك التاريخ ليصنعوا بأيادى احفادهم قوة مصر الحديثة تحت راية أقوى من حكموها فى التاريخ الحديث. وفى الختام ننتهى إلى ما قاله أديبنا نجيب محفوظ "مصر ليست دولة تاريخية؛ مصر جاءت أولًا ثم جاء التاريخ".

............................................................

[email protected]