أيمن سلامة : عزل ماكارثي رئيس النواب الأمريكي ...... البواعث و الأسباب

يُعد رئيس مجلس النواب العضو الأكثر أهمية في مجلس النواب الأمريكي، ويتمتع بسلطات واسعة تشمل، قيادة حزب الأغلبية، وإدارة مجلس النواب، كما أنه يفصل في الخلافات بين أعضاء مجلس النواب ؛لذلك يمكن اعتباره حكما بين أعضاء المجلس، مما يسهل له عملية تحديد مسار التشريعات.

بالإضافة إلى هذه السلطات الرسمية، يتمتع رئيس مجلس النواب أيضًا بنفوذ كبير في السياسة الأمريكية، فهو شخصية عامة بارزة ويحظى باهتمام وسائل الإعلام، ومن خلال تصريحاته لوسائل الإعلام يلعب دورًا مهمًا في تشكيل الرأي العام.

لا مناص من القول أن عزل رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي في 3 أكتوبر 2023 هو سابقة تاريخية في الولايات المتحدة، ولعل من المفيد أن نؤكد أن مكارثي هو أول رئيس مجلس نواب يتم عزله من منصبه، وقد جاء ذلك بعد أن صوت مجلس النواب لصالح اتهامه بـ "التحريض على التمرد" في أعقاب هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكابيتول الأمريكي.

في مستهل الحديث عن الأسس و البواعث التي أفضت إلي هذه السابقة التاريخية والدستورية في تاريخ الجمهورية الأمريكية منذ استقلالها في عام 1766، أن نتطرق إلي الأساس القانوني لعزل رئيس مجلس النواب، حيث تنص المادة الثانية، القسم الرابع من الدستور الأمريكي على أنه "يجوز لمجلس النواب أن يرفع اتهامًا ضد أي موظف مدني في الولايات المتحدة، باستثناء أعضاء مجلس الشيوخ، لأسباب من الخيانة العظمى أو الرشوة أو غيرها من الجرائم والجنح الكبرى".

وتشمل هذه الجرائم والجنح الكبرى ما يلي:

الخيانة العظمى، أو الرشوة، أو الجرائم والجنح الكبرى الأخرى، وهي جرائم وجنح لا تندرج ضمن الخيانة العظمى أو الرشوة، ولكنها تعتبر خطيرة بما يكفي لتبرير عزل الموظف العام.

ويُرفع الاتهام من قبل مجلس النواب، ويجب أن يكون بأغلبية بسيطة، ثم يُحاكم الموظف العام في مجلس الشيوخ، ويجب أن تتم إدانته بأغلبية ثلثي الأصوات.

لا يفوتنا أن ننوه أن ثمة عدة بواعث وراء قرار مجلس النواب عزل مكارثي، فقد كان مكارثي متهمًا بالتحريض على التمرد من خلال تصريحاته وتصرفاته في أعقاب هجوم 6 يناير، ففي خطاب ألقاه في 6 يناير، حث مكارثي أنصار ترامب على "السير إلى الكابيتول والمطالبة بإعادة الانتخابات"، كما زعم أن الانتخابات الرئاسية لعام 2020 كانت "مزورة".

اعتبرت لجنة التحقيق في هجوم 6 يناير أن تصريحات مكارثي كانت "تحريضية" وساهمت في إثارة أعمال العنف التي وقعت في ذلك اليوم، وقد رد مكارثي على هذه الاتهامات بالقول إنه لم يكن يقصد التحريض على العنف، وأنه كان يدعو إلى "احتجاج سلمي"، ولكن، خلصت اللجنة إلى أن مكارثي "ساهم في خلق بيئة من العنف والاضطراب" التي أدت إلى هجوم 6 يناير

في نفس الصدد كانت لجنة التحقيق في هجوم 6 يناير تعتقد أن مكارثي عرقل تحقيقها من خلال رفض التعاون مع اللجنة ومحاولة تقويض عملها، وزعمت اللجنة أن مكارثي رفض تسليم وثائق ومراسلات متعلقة بالهجوم، كما رفض الإدلاء بشهادته أمام اللجنة، كما زعمت اللجنة أن مكارثي ضغط على أعضاء مجلس النواب الجمهوريين الآخرين لرفض التعاون مع اللجنة ، وفي ضوء هذه الاتهامات، صوت مجلس النواب لصالح اتهام مكارثي بـ "عرقلة التحقيق".

فيما يلي بعض الأمثلة المحددة لسلوك مكارثي الذي اعتبرته لجنة التحقيق عرقلة للتحقيق:

رفض مكارثي تسليم وثائق ومراسلات متعلقة بالهجوم، بما في ذلك محادثات هاتفية مع الرئيس السابق دونالد ترامب.

رفض مكارثي الإدلاء بشهادته أمام اللجنة، على الرغم من أنه كان أحد الأشخاص الرئيسيين الذين كانوا على علم بخطط الهجوم.

ضغط مكارثي على أعضاء مجلس النواب الجمهوريين الآخرين لرفض التعاون مع اللجنة.

سعى مكارثي إلى تعطيل جلسات الاستماع العامة للجنة.

انطلاقا مما سبق ،اعتبرت اللجنة أن تصرفات مكارثي كانت "انتهاكًا للثقة التي منحها له الشعب الأمريكي"، وفي ضوء هذه الاتهامات، صوت مجلس النواب لصالح اتهام مكارثي بـ "إساءة استخدام السلطة"، وعزل من منصبه .