السبت 23 أغسطس 2025 05:20 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : الحرس الوطني الإسرائيلي نتاج صفقة سياسية انتهازية

النهار نيوز

صادقت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية التقليدية اليوم (الأحد)، على تقليص ميزانيات من كافة الوزارات، لتوفير مليار شيكل، بغرض إقامة حرس وطني ، ويأتي ذلك، بموجب اتفاق بين وزير الأمن القومي المُكلّف بقوى الأمن الداخلي إيتمار بن غفير مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لقاء قبول بن غفير، بتجميد نتنياهو العملية التشريعية، لبنود التعديلات القضائية الأسبوع الفائت.

وجاءت الخطوة، بُعيْد انضمام المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهراف ميارا، إلى المعارضين لإقامة الحرس، وهو قوة مدنية مساندة للشرطة، وتحاول إسرائيل جاهدة أن تستخلص العبر والدروس، من أحداث مايو 2021، التي شهدت مواجهات بين العرب واليهود ، في المدن المختلطة .

يُجمع المتابعون للشأن الإسرائيلي أن تشكيل قوات "الحرس الوطني" تحت سلطة وزير الأمن القومي إيتمار بن غبير، كان نتاجا لصفقة سياسية انتفاعية مقابل موافقة وزير الأمن القومي الإسرائيلي على تعليق "الإصلاحات القضائية"، ويطرح ذلك التشكيل للقوة المستحدثة أخيرا ، مخاوف حتي في الداخل الإسرائيلي من أن تتحول هذه القوات الذي يزعم بن غبير أن مهامها ستكون منحصرة على الداخل المحتل لتصبح مليشيا مسلحة خاصة بالوزير المتطرف في حكومة نتنياهو، لا سيما في ظل اتساع هوة الخلافات بينه وبين قادة شرطة الاحتلال.

ينص مقترح إنشاء هذه القوات على تكليف وزير الأمن القومي بتشكيل لجنة برئاسة وكيل الوزارة وبمشاركة ممثلين عن ديوان رئيس الحكومة ووزارتي الأمن والقضاء، والشرطة، وجيش الاحتلال، على أن تقدّم هذه اللجنة توصياتها لوزير الأمن القومي في غضون 60 يوماً حول مهام "الحرس الوطني" وأهدافه وصلاحياته وهوية عناصره وغيرها.

كانت الحكومة الإسرائيلية صادقت علي اقتطاع أفقي بنسبة 1.5% من ميزانيات الوزارات الحكومية لصالح إنشاء "الحرس الوطني"، بعد سلسلة نقاشات، ووسط خلافات بين معظم الوزراء وبن غفير وزير الأمن القومي في إسرائيل ، حيث عارض الغالبية هذه الاقتطاعات من الوزارات، قبل أن يقنعهم نتنياهو بذلك.

تأتي هذه الموافقة رغم التحذيرات من شرطة الاحتلال والمؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" من هذه الخطوة وتأثيرها على عمل الشرطة والتداخل الأمني في المهام، واستغلالها من قبل بن غفير لمصالح شخصية ويمينية متطرفة. وحذر أعضاء عرب في الكنيست من أن هذه ستكون ميليشيا مسلحة تعمل تحت تصرف بن غفير لاستهداف الفلسطينيين.

وتعارض الشرطة الإسرائيلية ، إقامة الحرس لـ "أسباب مهنية"، إلا أن بن غفير عزا ذلك، إلى صراعات داخلية بين قيادتها، معتبرا المفتش العام للشرطة بـ "أنه ضعيف أمام الضغوط"، وفنّد ضباط في الشرطة ذلك، مؤكدين أنهم "على رأي واحد في تلك القضية.

الحرس الوطني الإسرائيلي هو هيئة تابعة لشرطة إسرائيل، ويأتي تدشين الحرس علي خلفية عملية "حرس الجدار" الإسرائيلية التي اندلعت خلالها أعمال شغب على أساس قومي في عدة مواقع ، سيما من جانب عرب إسرائيل وخاصة في المدن المختلطة التي يقطنها سكان عرب و إسرائيليون .

كانت أهم البواعث و الأسباب من انشاء مثل هذه القوات الجديدة في إسرائيل ، الصعوبات و التحديات التي واجهت الشرطة الإسرائيلية في الرد على جميع الأحداث التي أفضت إلى قتل و إصابة العديد من الأشخاص في هذه المناطق وإلحاق أضرار كثيرة بالممتلكات، فنشأت الحاجة إلى قوة عملياتية إضافية لمساعدة الشرطة.

رفضت المقترحات السابقة التي كانت تهدف إلي تفعيل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي كانت في ذلك الوقت مكلفة بالقتال في قطاع غزة، ورفض وزير الدفاع بيني غانتس توجيه القوات العسكرية ضد السكان المدنيين ، وبدلا من ذلك قام بحشد سرايا حرس الحدود لتعزيز الشرطة ، بالإضافة إلى ذلك ، احتل مقاتلو جيش الاحتلال الإسرائيلي الخطوط التي تم تعيين ضباط حرس الحدود فيها ، حتى يمكن إطلاق سراحهم للقيام بمهام حفظ الأمن في داخل البلاد.

في أعقاب المواجهات الخطيرة التي وقعت في ربيع عام 2021 ، تم التأكيد على الحاجة إلى توفير استجابة سريعة للحوادث الأمنية خارج مناطق التماس والحدود ، وأكد عدد كبير من الخبراء الإسرائيليين على ضرورة وجود حرس وطني ، لضمان تأمين السلامة على الطرق وحماية الأهداف الحيوية البعيدة عن وصول الجيش ، والتعامل مع الاضطرابات وحالات الطوارئ. كما سيتم تكليف الحرس الوطني بمهمة حراسة الطرق السريعة وتأمين المناطق المفتوحة ومساعدة القوات النظامية في المدن المعنية والحماية من الجريمة الزراعية .

تقرر مؤخرًا إنشاء الحرس الوطني في إسرائيل مرة أخرى - ولكن هذه المرة ، بناءً على طلب وزير الأمن القومي وكجزء من صفقة سياسية منفصلة عن الشرطة الإسرائيلية. إن النية في إنشاء حرس وطني ، على أساس حرس الحدود ، مناسبة وليست جديدة. عادت إلى الظهور في أعقاب أعمال الشغب في المدن التي يسكنها خليط من اليهود والعرب في مايو 2021 ، ردًا على الاشتباكات بين المواطنين العرب واليهود، ومنذ ذلك الحين ، تم اتخاذ العديد من القرارات الحكومية حول هذا الموضوع وتم تناول هذه القضية في عمل الموظفين الجاري في الهيئات ذات الصلة.

مهنيا يمكن القول بأن الفصل بين الشرطة والحرس الوطني سيضر بشكل كبير بالشرطة الإسرائيلية ، ويضعف من قدرتها على التعامل مع جميع مهامها ، ويكون مكلفًا للغاية ، ويخلق حرجًا غير ضروري وعقبات تنظيمية وتشغيلية صعبة. وهذا بدوره سيضر بالشرطة والحرس الوطني ، فضلاً عن هيئات الأمن والتنفيذ الأخرى ، بما في ذلك جيش الدفاع الإسرائيلي.

من غير المستبعد أن يستخدم بن غفير هذه القوة المستحدثة التي تتبعه مباشرة للانقلاب على الحكومة ، ويحذر المراقبون الإسرائيليون "نتنياهو "من منح مثل هذه القوة للوزير اليميني المتطرف، لأن بن غفير سيستخدمها ضده يوما ما ، و يجب أن يتعلم القليل من التاريخ ويتعلم مما يحدث في بعض البلدان التي يمتلك فيها السياسيون قوات مسلحة خاصة بهم.

ختاما ، وبالنظر لاستحداث هذه القوة لجانب العديد من الوحدات و التشكيلات العسكرية والشرطة و الأمنية التي تدخل في مواجهات مباشرة مع الفلسطينيين ، ينبغي إعداد " قواعد اشتباك " محددة لها تلتزم بالمعايير الدولية لاستخدام القوة المميتة من جانب عناصر إنفاذ القانون .