السبت 23 أغسطس 2025 10:49 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

أخبار عربية

نقلاً عن القضاء.. نائب ”أبو بكر البغدادي” في قبضة العدالة معروضاً أمام القضاء العراقي

النهار نيوز

بعد عملية مخابراتية شاقة قادها ضباط عراقيون استمرت نحو ستة أشهر، وبإشراف مباشر من قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا الإرهاب، استُدرج أهم إرهابيي داعش وأشدهم خطورة المدعو "حجي حامد" عبر مدن أوربية عدة، لينتهي أخيرا في قبضة جهاز المخابرات العراقي خارج الحدود، في تشرين الأول الماضي.
ورغم الظروف الأمنية المشددة التي رافقت الانتخابات النيابية إلا أنه نقل إلى بغداد ليقف أمام القضاء، مدليا باعترافات حساسة ومهمة.
لم يكن "حامد" نائب زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبو بكر البغدادي فحسب، بل كان "رجل المال" واهم ركائز بناء التنظيم الإرهابي، الذي استغل احتياطيات الوقود الأحفوري في العراق وسوريا لضمان استمرار التنظيم الإرهابي.
هو من مواليد عام 1974 يكنيه التنظيم بـ"حجي حامد" أو "أبو آسيا"، انضم لما يسمى "حركة التوحيد والجهاد" منذ 2004، وتدرج في حركات إرهابية عدة آخرها "داعش"، ترأس أهم مؤسسات ودواوين التنظيم في العراق وسوريا، وأدار موازنته المالية.
في معرض اعترافاته، تحدث عن "بيت المال" ومسؤوليته عن تجهيز مصروفات ضرب القوات الأمنية العراقية والسورية والمكافآت عن العمليات المفخخة، فضلاً عن بيانه للتقسيمات الإدارية لداعش.
الإرهابي "سامي جاسم الجبوري" عراقي الجنسية من قرية الشرقاط في صلاح الدين تخرج من إعدادية صناعة الشرقاط، يعترف أمام قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ المختصة بنظر قضايا الإرهاب بانتمائه الى تنظيمات إرهابية عدة واشتراكه في العديد من الجرائم.

التوحيد والجهاد
يقول الإرهابي (أبو آسيا) في معرض اعترافاته أمام قاضي التحقيق "بعد حصول الفراغ الأمني جراء أحداث عام 2003 جرى الاستيلاء على العديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة من المعسكرات وقمت بإخفائها في القرية التي أسكن فيها، وفي عام 2004 عند ظهور ما يقرب لـ12 فصيلا مسلحا تدعو لقتال القوات المشتركة والجيش والشرطة العراقية اشتركت مع إحداها وكانت تدعى حركة (التوحيد والجهاد) بقيادة (أبو مصعب الزرقاوي)، وزودت الحركة بالأسلحة والمقذوفات التي أخفيتها وبدأت بالعمل مع مجموعتي في زرع العبوات الناسفة وتجهيز السيارات المفخخة، بعدها صدر توجيه بتكفير كل مواطن يلتحق بالأجهزة الأمنية او يروم ذلك باعتباره مرتداً وخائناً ويحل قتله كما اصدر فتاوى تكفر مذاهب أخرى، فعملنا على قتل وخطف من يخالف الفتاوى والتوجيهات وتم تفجير عدد من السيارات المفخخة على القوات الأمنية والأسواق والمناطق المكتظة بالمواطنين، وبعد فترة تم توحيد كافة الفصائل تحت راية (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) بإمرة أبو مصعب الزرقاوي.

تزكية وعفو
كشف المتهم سامي الجبوري عن أن "أبو بكر البغدادي امر بقتلي في عام 2013 كوني اتهمت بالعمل لـ (جبهة النصرة) بإمرة الجولاني المنشق عن التنظيم، وبعد تدخل عدد من القيادات و تزكيتي أمام البغدادي أصدر عفوا بحقي وألحقني بمفصل المالية في ولاية نينوى كـ جابي أموال مع مجموعة من الجباة وكنا نأخذ الإتاوات من ميسوري الحال وأصحاب المحطات الوقود والشركات والتجار والأطباء بحجة مساعدة مقاتلي التنظيم، وتم قتل عدد من الميسورين لامتناعهم عن الدفع والبعض الآخر فجرنا داره أو خطفناه هو أو أحد أفراد عائلته، وكانت تصل قيمة اتاوات ولاية نينوى إلى حوالي (500.000 دولار) شهريا يذهب النصف إلى البغدادي والنصف الآخر يوضع تحت تصرف والي نينوى".

عمليات "الفتح"!
يطلق التنظيم الإرهابي على عملية احتلاله ثلاث محافظات عراقية عام 2014 بـ"عمليات الفتح"، كأنها أراضي "داعش" وأعاد فتحها.
وقال الإرهابي ان "القيادات العليا وجهتنا بالإعلان عن أن التنظيم هدفه تحرير سنة العراق من القوات الكافرة ورفع القيود والحدود بين الدول المسلمة وتوحيدها، وبعد الإعلان بفترة وجيزة أبلغني أحد المتهمين المقربين من الأمير (البغدادي) بالاستعداد للمشاركة في عملية فتح محافظة نينوى، وفعلا جهزنا الأسلحة والمعدات وتم احتلال المحافظة وبعدها تمكن التنظيم من محافظة صلاح الدين والانبار ومناطق من ديالى، وتم الاستيلاء على أثاث الدوائر الحكومية ومنازل الميسورين كما قمنا بإطلاق سراح كافة المتهمين والموقوفين و صادرنا بقايا الأسلحة في مراكز الشرطة، كما صدر توجيه بجمع قوائم أسماء منتسبي الأجهزة الأمنية ليتسنى لنا ملاحقتهم".

جامع النوري الكبير
وأوضح الإرهابي حجي حامد أن "أمير التنظيم حضر إلى الجامع النوري بعجلات مضللة برفقة الإرهابي عبد الله قرداش وعدد من القيادات، واعتلى المنبر القيادي أبو محمد العدناني ليقدم البغدادي معلناً أنه خليفة للمسلمين، وعند صعوده المنبر أعلن قيام الخلافة وحرّضنا على الاستمرار بالقتال واحتلال باقي المحافظات والمناطق لنشر الإسلام، بعدها غادر الى جهة مجهولة، وأصدرت القيادات بعد مغادرته توجيها بنصب السيطرات الأمنية في الولايات والبدء بإنشاء الدواوين لعمل هيكلية إدارية لتنظيم داعش وإنشاء ديوان القضاء والجند والتعليم والصحة والدعوة والحسبة وبيت المال والركاز والزكاة والغنائم وتم تعيين مسؤولي الدواوين وتسلمت في فترة من الفترات ديوان بيت المال والركاز".

ديوان الركاز
يعتبر من الدواوين المهمة في التنظيم حيث يختص ببيع المشتقات النفطية وعمل الآبار والحقول النفطية وكل ثمر يخرج من الأرض وباطنها، وتابع الإرهابي "عينت مسؤول الركاز في التنظيم بعد عملية الفتح ومن هذا الديوان بدأت باستغلال احتياطيات الوقود الأحفوري في العراق وسوريا لضمان استمرار التنظيم وتطويره، حيث يتكون ملاك الركاز من (2500 فرد) موزعين حسب الحقول والمحطات النفطية، اذ يتم استخراج النفط وباقي المشتقات من حقلي (القيارة وعلاس) بالقسم العراقي وحقول (التنك وعمر والشولة وصعيوة وكوناكو) في الجانب السوري و باستخدام الآليات الموجودة أصلاً في الحقول لتجهز الصهاريج النفطية من الخزانات ويباع النفط العراقي إلى الافراد من أصحاب المعامل ومحطات التكرير الصغيرة، وجزء يهرب إلى خارج الولاية ليصل إلى دول مجاورة يتحفظ عن ذكرها، والجزء الأخير يباع في السوق السوداء عبر ميناء ضمن الأراضي المسيطر عليها في سوريا بـ(180 دولارا) للطن الواحد، حيث أوصلت واردات التنظيم خلال سنتي عملي في الركاز لما يزيد عن مليار وربع المليار دولار سنويا تسلم الى ديوان بيت المال للتصرف بها".
كما بين حامد وخلال تلك الفترة "كنت على تواصل مستمر مع البغدادي وأتلقى التوجيهات منه حيث التقيته ثلاث مرات لغاية عام 2016 مرتين في ولاية نينوى ومرة استدعيت الى سوريا للقائه غالبها تناول أهمية عمل الديوان وإصدار بعض التوجيهات لتطوير العمل كون التنظيم بحاجة متزايدة للسلاح والعبوات والسيارات المفخخة".

سك الدينار
في غارة لطيران التحالف عام 2016 قتل (أبو علي الانباري) وكان مسؤولا عن أهم دواوين داعش وهو ديوان بيت المال، أشار الإرهابي إلى أن "قتل الانباري أحدث فراغا كبيرا في إدارة التنظيم، وعلى إثرها تم استدعائي عاجلا الى الرقة وبأمر من البغدادي كلفت بشغل منصب أمير بيت المال، وهنا أصبحت مقربا وعلى تواصل مستمر مع القيادة العليا كون أمير بيت المال يجب أن يتسلم آلية توزيع موازنة الولايات والعديد من الأوامر من الأمير شخصياً، ويتكون بيت المال من هيئة النقد والمحاسبة والرقابة، وبعد المباشرة تبين أن خزينة التنظيم فيها (250 مليون دولار و3000 كغم ذهب) مخزنة وموزعة في منازل وأنفاق تحت امرة عدد من منتسبي بيت المال، اغلبها عن صادرات النفط والجزء الآخر عن الغنائم المستحصلة من السرقات خارج حدود التنظيم والاتاوات وخطف بعض رؤوس الأموال والتجار و مساومتهم بالفدية، لأتوجه بعدها إلى أمر سك عملة ذهبية وفعلا قمنا بإصدار (دينار إسلامي) صنعناه من الذهب الخالص ليستخدم في التداول وعمليات البيع والشراء داخل أراضي التنظيم، وفعلنا تزويد منتسبي ديوان الجند بمبلغ يصل لأكثر من (30000 دولار) عن كل سيارة مفخخة تجهز للتفجير على القوات الأمنية، وكانت مسؤوليتي الأساسية كأمير لهذا الديوان تتمثل بجمع الإيرادات ومنح الموازنات للولايات وديوان الجند لتستخدم في شراء التجهيزات المطلوبة لضرب القوات الأمنية في العراق وسوريا".

عمليات التحرير
وكشف سامي الجبوري عن بدء عمليات التحرير من قبل القوات العراقية عام 2017 قائلا "عند وجودي في ولاية الفرات وحصول تقدم كبير للقوات العراقية اضطررت لإصدار أوامر بنقل جميع أموال التنظيم من العراق الى سوريا وتحويل الأموال إلى حسابات شخصية خارج مناطق سيطرة التنظيم ودفع مبالغ إلى الولاة لانقطاع طرق التواصل".
بعد تقدم القوات العراقية وانحسار أراضي سيطرة التنظيم وقطع اغلب طرق الإمداد من العراق، كشف الإرهابي "صدرت أوامر عليا بحل كافة الدواوين والإداريين في العراق والحاق كافة المنتسبين بديوان الجند لصد تقدم الجيش العراقي، وعند تواجدي في الولاية (ما تسمى بولاية الفرات التي كان يديرها في حينها المتهم أبو حسين الاعور) حدثت معركة بين القوات الأمنية العراقية وأفراد التنظيم، ولكوني موجوداً واعتبر في منصب مقرب من القيادة العليا قمت بوضع خطة لهذه المعركة كون القوات الأمنية كانت تتقدم باتجاه مركز ولاية الفرات (القائم) ووضعت خطة الهجوم على القوات الأمنية لصدهم وكانت تتكون من ثلاثة خطوط الأول للمقاتلين الهجوميين والانتحاريين و الانغماسيين والثاني يتشكل من المقاتلين المؤازرين لغرض تشكيل خط صد ودفاع في حالة الانسحاب والثالث يتكون من مفارز الإسناد لإطلاق قنابر الـهاون والصواريخ وتم التنفيذ ونجحت في تأخير التقدم فقط.

إعفاء كاذب !
وأكمل "بعدها ازداد الحصار وتقدمت القوات العراقية باتجاه (القائم) بمختلف الاتجاهات وبقصف جوي ومدفعي، وعلى أثر وصول القوات وجه أمير التنظيم بانسحاب كافة المقاتلين الى داخل الأراضي السورية، وفعلا استطعت وعدد من المقاتلين العبور إلى سوريا، وعند وصولي التقيت مباشرة بالبغدادي وحجي عبد الله قرداش ليتم التشاور على تنصيبي نائباً للأمير وبث إعلان داخل التنظيم بأنني أعفيت من مناصبي كافة تحسبا لإلقاء القبض عليّ لأكون غير معروف، لامتلاكي كافة المعلومات الحساسة عن أفراد التنظيم والية عمله ومفصله الاقتصادي الحساس".
وتابع "وعند تقدم القوات السورية في عام 2018 وانقطاع اغلب طرق التواصل وهرب العديد من مقاتلي التنظيم وتسليم البعض الآخر نفسه إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أرسلت زوجاتي الأربعة وأفراد عائلتي إلى إحدى الدول المجاورة، بعدها بفترة وجيزة قمت بالتنسيق مع أحد المهربين السوريين لترتيب خروجي واللحاق بهم وفعلاً تجاوزت الحدود بصورة غير مشروعة وبعد وصولي لهم اتخذت إجراءات أمنية للتخفي في تغيير مظهري وقمت بشراء مكائن خياطة كغطاء لعملي الفعلي تخفيا من القوات الأمنية، كون مكافأة من يقدم المساعدة في القبض عليّ وصلت الى (5 ملايين دولار)".

اعترافات مهمة
من جانبه أكد قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا الإرهاب أن "المتهم اعترف بجرائمه دون أي ضغط أو إكراه وبحضور المدعي العام ومحاميه، حيث قام بقتل العديد من أفراد القوات العراقية من خلال زراعته للعبوات الناسفة كونه انتسب إلى حركة التوحيد والجهاد الإرهابية، إضافة إلى مشاركته في خطف ميسوري الحال وغيرهم بعد عام 2014".
وأضاف القاضي أن "المتهم الإرهابي تسلم مناصب عليا في تنظيم كأمير لديوان الركاز وبعدها ديوان بيت المال إلى نائب لأمير تنظيم داعش الإرهابي ومن خلالها قام بوضع الخطط العسكرية وجهّز التنظيم بالعدد والعدة وطور المنظومة المالية ليستخدم تلك الموارد في تنفيذ العمليات الإرهابية وصرفها في ضرب القوات العراقية والسورية وتجهيز العجلات المفخخة وتوزيعه مكافئات عن هذا النوع من العمليات"، وأكد أن "المحكمة بصدد احالته الى المحكمة المختصة لإصدار الحكم العادل بحقه".

نقلاً عن القضاء نائب "أبو بكر البغدادي" قبضة العدالة معروضاً أمام القضاء العراقي