الدكتور أيمن سلامة : لماذا تقطع الدول علاقاتها الدبلوماسية بالدول الاخري ؟

تتعدد أسباب قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول ، فقد يكون القطع رد فعل لانتهاك حقوق الدولة و الذي تسبب في الإساءة المباشرة للدولة ، فمثلا عندما لا يتصرف أعضاء البعثة بشكل صحيح تجاه الدولة المستقبلة، فيمكن للأخيرة أن تعلن عن كونهم أشخاصا غيرمرغوب فيهم، وبالتالي يجب استدعائهم من قبل دولتهم، وعادة يتم إبعادهم وفقا للأصول المقررة في الاتفاقيات والمجاملة الدولية، ولكن يحدث أحيانا أن دولة ما لا تراعي هذه الأصول وتلجأ إلى طرد الممثل بشكل سريع مسببة بذلك إساءة لدولة هذا الممثل ، فرد فعل الدولة التي أسيء إليها قد يكون مذكرة احتجاج، أو إجراء انتقامي مماثل أو قطع العلاقات الدبلوماسية.

أيضا من بين الإساءات الخطيرة للدولة الاعتداء على بعثتها الدبلوماسية، فمثال ذلك الاعتداء على البعثة السوفيتية في تل أبيب في 11 فبراير 1953 وذلك عندما تم إلقاء قنبلة عليها وهي حالة يمكن تصنيفها أيضا بوصفها اعتداء على الأشخاص والأموال، فكان رد فعل الاتحاد السوفيتي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني .

الفئة الثانية: بسبب الاعتداء على الأشخاص والأموال ، ففي عام 1824 طلب رئيس الولايات المتحدة إلى الكونغرس إيقاع الحجز على الأموال الفرنسية لالزام فرنسا على احترام معاهدة أبرمت بين البلدين ، فردت فرنسا على هذا الإجراء بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وفي عام 1960 قطعت فنزويلا العلاقات الدبلوماسية مع كوبا بسبب الاعتداء على حياة الرئيس (بيتا نكورت)، وهو اعتداء "حرضت عليه وساندته حكومة كوبا". وهذه حالة يمكن اعتبارها ليس فقط اعتداء على مواطن فنزويلي وإنما كذلك إساءة للدولة ذاتها). كذلك قيام جمهورية اليمن الشمالية على أثر اغتيال رئيسها (أحمد الغشيمي) صبيحة 24 يونيوعام 1978 فقامت صنعاء بقطع علاقتها الدبلوماسية مع اليمن الجنوبية مساء اليوم المذكور

الفئة الثالثة: بسبب التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، حيث قطعت تونس في 17 مايو 1968 علاقتها الدبلوماسية مع سورية بعد اتهام البعثة السورية في تونس بتحريض المواطنين التونسيين على ارتكاب أعمال تخريبية ،و تم اتهام ملحقي البعثة الألمانية في واشنطن وبعض الدبلوماسيين المجريين في الولايات المتحدة بالتجسس والتخريب وطلبت إليهم الحكومة الأمريكية مغادرة الإقليم الأمريكي ، وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الدولتين المذكورتين .

الفئة الرابعة: بسبب انتهاك معاهدة أو اتفاقية دولية، في 8 نوفمبر 1946 قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع ألبانيا ، حين رفضت تأكيد صحة المعاهدات والاتفاقات المعقودة مع الولايات و المتحدة منذ 17 أبريل عام 1939 .

الفئة الخامسة: بسبب انتهاك الإقليم، ففي 3 مايو 1965 قطعت كمبوديا العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة بسبب قيام طائرات أمريكية وفيتنامية جنوبية بإلقاء القنابل على قريتين حدوديتين كمبوديتين .

بالإضافة لما سبق ذكره ، قد يتأسس القطع لأسباب سياسية ، و الأسباب الرسمية التي تذكرها الدول لا تماثل دائما الأسباب الحقيقية للقطع ، فالدولة التي تقطع قد تتبع سياسة محددة ولا يشكل القطع فيها سوى وسيلة لهذه السياسة، وقد يشكل القطع أيضا احتجاجا أو ضغطا ، أو حتى تعبيرا عن السخط ، أو كل هذه في الوقت عينه .

فقد اعتبرت كمبوديا كرامتها التي جرحت سببا لقطع علاقتها بالولايت المتحدة ، ففي رسالة أذاعها لبلده أعلن الأمير (نوردوم سيهانوك) في 3 مايو 1965 عن قطع العلاقات الدبلوماسية لبلده مع الولايات المتحدة للدفاع عن شرف الوطن بعد نشر أحد المجلات الامريكية مقالة بحق الملكة (كوساناك) أخت الملك السابق (سوارا ماریت) .

وبعد أن قامت فرنسا في عام 1960 بتفجير القنبلة النووية الفرنسية في صحراء الجزائر قامت نيجيريا بقطع علاقتها الدبلوماسية بفرنسا .