د. علي الدرورة يكتب : بيع الأصدقاء


ما زالت الحياة تعلّمنا الدروس يوماً بعد يوم ونحن نعيش أيام جائحة كورونا 2019م.
وما زالت حكمة الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه الشريف التي تنصّ على: *(اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ)* تتجلّى أمامنا حين نعمل بأصولنا وتربيتنا ونجد من يأتي ويعبث في ذلك النهج الذي سرنا عليه زمناً وما زلنا نصرُّ على المضي قُدُماً في سبيل نشر المحبّة والإخاء والتعاون.
كثيرون، وأنا واحد منهم، لا أتفوّه بمفردات قبيحة ولا أتلفّظ بالشتائم والكلمات الوقحة ضدّ أحد، وهذا مبدأ تربّيت ومشيت عليه ولن أحيد عن هذا الطريق أبداً، حتى لو واجهت أحدهم يتلفّظ عليَّ بكلمات يعفّ اللسان عن ذكرها، فلست أعامله بالمثل، ولست على استعداد أن أفعل، فتربيتي لا تسمح لي بذلك.
وطالما نشرت مبادئ التسامح والمحبّة في مجتمعي، وكذلك في المجتمعات التي كنت يوماً فيها أو سافرت إليها.
في حياتي كسبت كثيرًا من الأصدقاء، وبعضم وصل إلى مصافّ الملائكة في نظري، وبعضهم وصل إلى مصافّ الشياطين، ولا شك أنّ هناك الكثير من تختلف مرتباتهم في قلبي، وكلّ بحسب تعامله، فهو الذي يرتب مكانه في قلبي.
وشخصياً أؤمن بأنّ النفسيات تختلف من شخص إلى آخر، ولكن مهما يكن فإنّ العلاقات المجتمعية التي تربط بعضنا بعضاً يجب أن تكون أرقى وأقوى من أيّ علاقة بين الناس في المجتمعات الأخرى، لا سيّما وأنه تحكمنا مبادئ وأخلاقيات قد تخلّى عنها الكثير.
في ظلّ جائحة كورونا كان من المرجّح أن يرتبط أبناء المجتمع ببعضه البعض بقوة أكثر مما كان في سالف الأيام، ولكن نجد العكس تماماً، مما جعل جدران العلاقات بدأت تتصدّع وتنهار بعض الأجزاء منها.
منذ سنوات طويلة جداً اكتشفت أنّ عامل الأصدقاء متذبذب ويتراجع لأي مشكلة قد تحدث عند طرف ما، أو سوء فهم فتحدث الإساءات بلا مبرّر والتقوّل الممقوت والإفراط في توجيه التّهم وجمع كلّ ما يمكن أن يوجه لك كتاريخ من المساوئ وقد كانت حسنات في الماضي، وإن لم تكن حسنات فهي هفوات غير مقصودة؛ لأننا في الأساس بشر ولسنا بملائكة.
____________________
منتدى النورس الثقافي الدولي.
20 مارس آذار 2921م.