مجلس الأمن وسد النهضة ........الفصل السابع أم السادس ؟


تَتوق الأنظار والآمال نحو مجلس الأمن الدولي الذي يعقد جلسة حول ملف سد النهضة الإثيوبي، بطلب من مصر والسودان، بعد فشل المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي بين مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل إلى حل للأزمة المستمرة منذ 10 سنوات، في ظل
بدء أديس أبابا الملء الثاني لبحيرة السد منذ أيام ، وكان السودان البادئ بطلب عقد جلسة لمجلس الأمن حول سد النهضة، عبر رسالة بعثتها وزيرة خارجيتها ، إلى رئيس المجلس في 22 يونيو (حزيران) الماضي، دعت خلالها المجلس إلى حث كافة الأطراف على الالتزام بالقانون الدولي، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية، ودعوة إثيوبيا لوقف الملء الأحادي للسد من دون التوصل إلى اتفاق، إلى جانب مناشدة المجلس كافة الأطراف البحث عن وساطة وأي وسيلة سلمية لحل النزاع حول السد ، وانضمت مصر إلى الدعوة لعقد جلسة حول ملف السد، عبر خطاب أرسله وزير الخارجية المصري سامح شكري في 25 يونيو الماضي، أكد خلاله أن إثيوبيا قوضت الإطار الأفريقي للتفاوض وقالت الرسالة إن الوضع يشكل تهديداً وشيكاً للسلم والأمن الدوليين، ويتطلب أن ينظر فيه المجلس على الفور
تأمل مصر و السودان أن يصدر مجلس الامن قرارا يدعو لدعم القدرات التفاوضية للاتحاد الأفريقي، بهدف تمكينه من مساعدة الدول الثلاث على التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، حول ملء وتشغيل السد، يتضمن آليات قانونية لتسوية النزاعات خلال ستة أشهر من صدور القرار من مجلس الأمن، و أن تتوقف إثيوبيا عن الملء الثاني لسد النهضة أثناء هذه المفاوضات المفضية للإتفاق الدولي حول تشغيل و إدارة سد النهضة ، وفي حالة اخفاق الدول الثلاثة فمن المحتمل أن تعود مصر و السودان لمجلس الأمن مرة أخري .
نافل القول ، هناك تحديدات كبيرة تعوق دون صدور قرار ملزم نافذ يطلب و لا " يحث " إثيوبيا علي التوقف عن ملء سد النهضة ، وتأـي في صدارة هذه التحديات الرواية الإثيوبية المغلوطة التي تتحدث فقط عن حق إثيوبيا في التنمية و الإحتكار المصري لمياه نهر النيل ، ولذلك كانت صياغة مشروع القرارالتونسي المقدم للمجلس متوازنة لا تثير حفيظة الدول الخمسة الدائمة العضوية في المجلس و التي أكدت علي ضرورة الإستمرار في المفاوضات بين الدول الثلاثة تحت رعاية منظمة الإتحاد الإفريقي ، ولا تتعدي أيضا صلاحيات منظمة الإتحاد الإفريقي ، وهنا فالقرار الذي يتمّ اتّخاذه تطبيقًا لأحكام الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة لا يستلزم لصدوره إجماع الدول الخمسة دائمة العضوية ، ولا يحوز ذلك القرار ذات الإنفاذية القسرية التي يحوزها القرار الذي يصدر عن المجلس تأسيسأ علي الفصل السابع من الميثاق ، ويخول حق الفيتو جهة التصويت من الحيلولة دون صدور قرار أو تطبيقه ، حتي ولو كانت الاغلبية لصالح القرار .
إن مجلس الامن حين يتصرف تأسيسأ علي الفصل السادس المشار إليه ، فإنه يتصرّف كوسيط سياسي بين الدول لمساعدتها على إيجاد حلول سلمية لمنازعاتها ، ويحال النزاع للمجلس عن طريق دولة متورطة في النزاع أو عن طريق دولة أخرى ، وللدول الاعضاء وغير الأعضاء في الامم المتحدة أن تنبه المجلس عن النزاع ، كما يملك الامين العام لمنظمة الأمم المتحدة هذه المُكنة ، و يجوز للمجلس أن يقرّر منفردًا ومن تلقاء نفسه دراسة الوضع ويمكن له تقديم توصيات واقتراح القيام بإجراءات ملائمة ويجوز له أيضًا إجراء تحقيق لفحص النزاع المهدد للسلم و الامن الدوليين .
إن لمجلس الأمن سلطة لا يستهان بها من وجهة نظر قانونية بأن يحصر عملًا ما يشكل تهديدًا أو انتهاكًا للسلم والأمن الدوليين ، كما أن للمجلس أن يُحدّد ما إذا كان الجهد المبذول لتحقيق تسوية سلمية للنزاعات قد نجح أم فشل ويجوز له حينئذ اتّخاذ التدابير الضرورية لإنهاء الأزمة أو التهديد وقد تشمل هذه الإجراءات استخدام القوة ، وهنا يستلزم صدور قرار من مجلس الأمن تأسيسا علي الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
في الحالات التي تندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يتصرّف المجلس ضمن الصلاحيات المتزايدة، لذا فإن القرارات التي يتخذها في تلك الأحوال إجبارية وملزمة لكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما فيها تلك الدول المتورطة في النزاع ولا يحتاج المجلس إلى أية موافقة على دوره، فالمجلس يستطيع أن يختار ما يلزم من تدابير لحفظ وتعزيز السلم والأمن الدوليين، وذلك خلافا للقرارات التي تصدر عن المجلس وفقا للفصل السادس من الميثاق و التي تخاطب أطراف النزاع وحسب في المقام الأول .
أيمن سلامة