السبت 23 أغسطس 2025 07:30 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

الرياضة

الكاتبة شيرين أبو خيشة تتساءل: ماذا فعلت الساحرة المستديرة بعقول الشعوب؟!

الكاتبة شيرين ابو خيشة
الكاتبة شيرين ابو خيشة

تحظى الساحرة المستديرة بنصيب الأسد من الاهتمام والتمويل الشيء الذي سينسي الشعب الميت من الجوع والذى اسحقت فيه الطبقه المتوسطه بسبب تواجد الراسماليه واصبح ينقسم الى اغنياء مترفين وفقراء معدمين هذا الشعب الذي نسي التعليم والصحه والجوع واصبح امام التلفاز وفي الملاعب يصرخ ويهتف على 11 لاعبا يجرون وراء كره جلدية. السلطه تعرف جيدا كيف تستغل كرة القدم سياسيا لإلهاء الشعوب المنكوبة ويكفيك أن تعرف أن نادياً واحداً من الأندية الكبرى قد يفوق سعر لاعبي فريق كرة القدم فيه ميزانية دولة من الدول الصغرى أو دولة من الدول الفقيرة، ويكفيك أن تعلم كذلك أن الصراع من أجل الحصول على بطولة من بطولات كرة القدم أصبح يفوق الصراع القضايا المصيرية لبعض الدول

إن هذا الهوس الذي وصل إليه الجماهير بالساحرة المستديرة جعل البعض يطلقون عليها معشوقة الجماهيرفالمصالح تعطل والمواعيد تلغى والمناسبات تنسى والقرارات المصيرية ترجئ والعلاقات ونيران المشاكل تؤجج والخصومات تثار والدموع تذرف والأنفاس تحبس وآلام الظهر تنسى والعبادات تهمل والشعائر يتم تجاهلها كل ذلك من أجل مباراة من مباريات كرة القدم. مشاهده المباريات وتشجيع النوادي لم يعد ممارسة عادية يقوم بها الشخص لمجرد اعجابه بناد معين بل تطور الامر واصبح يشكل لدى البعض عقيده يوالى عليها ويعادي بها بل اصبحت كره القدم دين للشعوب لا يقبل المساس بها حتى اصبح التعصب في التشجيع اهم الحيل النفسيه التي تستخدمها الجماهير المنكوبه تحت الانظمه المستبده للتعبير عن نفسها في ظل عدم قدرته على الممارسه الفعليه بسبب ضغوط العمل والارهاق او حتى عدم توافر القدرات الماديه فالمواطن في الدول الديكتاتوريه يعلم ان صوته غير مسموح ولا يسمح له بالتعبير عن رايه وحتى ان سمح له بالكلام داخل اطار معين فرأيه غير مسموع وليس له اهميه فيلجا المواطن لتفريغ شحنه الغضب في هذا التشجيع والتعصب لفريق كره القدم فكلنا نعلم ان جماهير لها سلطه على الفرق التي تشجعها بواسطه الضغط على الفريق يمكنها اقاله المدير الفني او شراء لاعبين جدد ،على الجانب الاخر لا يخفى ابدا استغلال العديد من السياسيين لكره القدم من خلال شراء بعض الانديه او انشاء علاقات شخصيه مع مشاهير الكره لتعزيز شعبيتهم في قلوب الجماهير الشعوب عن قضاياه الاساسيه. السيكولوجيه العامه لجماهير كرة القدم تمنح لهذه اللعبه شعبيتها البليدة وتجعلها افضل تعبير عن غرائز الحشد الاجتماعي وفي هذه اللعبه لا يمكننا ان نتصور انفسنا خارج اجواء الحرب وسايكولوجيتها فالمقابله تقوم بين فرقين مؤلفان من هجوم ودفاع ووسط وحارس مرمى وجمهور يحرص على المواجهه ونشيد وطني لاشعال الحماسه الوطنيه فجمهور كل فريق ينظر الى الفريق الاخر كونه عدو يجب هزمه باتجاه مرماه والانتصار عليهم وهناك فريق يطير فرحا عند نهايه المباراه واخر يبكي حظه العاثر فالحرب هنا حرب داخليه حرب نفسيه

عندما تحدث المدرب الألماني يورغن كلوب عن مدى أهمية كرة القدم بالنسبة للناس قال "كرة القدم ليست مُهمة جدًا، نحن لا ننقذ أرواح الناس، فقط وظيفتنا جعل الناس ينسون مشاكلهم لمدة 90 دقيقة".

حشد الجماهير لتغييب وعيهم ولإيهامهم بانتصارات مُزيفة، الهدف منها التغطية على إخفاقات الأنظمة وصرف أنظار الجماهير عن الجرائم التي ترتكب في حق المواطن والوطن

إن الهوس بلغ بالجماهير أنهم يشعرون بتمام رضا الله عن الوطن بكامله لمجرد فوز فريق بلدهم في مباراة كرة قدم، وأن الانتماء الحقيقي للوطن أصبح يُقاس بحرارة تشجيع المنتخب القومي ومن يقول غير ذلك فهو آبق مارق لا يستحق أن يعيش على تراب الوطن. وصل بالجماهير ان يُصاب بالسكتة القلبية من فرط الفرح لفوز فريقه او هزيمته

أنهم يقتنعون بأن فريقهم ما هُزم إلا بفعل مُؤامرة ضده وأن الفريق المنافس ما فاز إلا بعد تحايل ومكر

تكيل السباب واللعنات وأفظع الشتائم لمدرب الفريق بعد هزيمة أو تعادلة وما هي إلا أيام ونرى نفس الجماهير ترفع نفس المدرب إلى عنان السماء وتنسج له آيات الثناء لأنه فاز في مباراة أخرى

والهوس بلغ بالجماهير أنها تتأثر بشدة لإصابة لاعب أو لحصوله على بطاقة حمراء ويُصيبها التبلد وهي ترى بأم عينها دماء تُراق وبيوت تُهدَّم وحقوق تُسلب وكرامة تُهدر وحرية تُصادر!!

وصلنا للحد الذي ترى فيه الشوارع خالية من المواطنين ودور العبادة خالية من المُصلين وكأن هناك حظر تجوال، وفي نفس الوقت تجد الساحات والمقاهي مُكتظة بالجماهير ولا مكان فيها لموضع قدم.

تقدم لاعب كرة القدم وتجعله يتصدر المشهد ويعتلي أبرز المنصات الإعلامية وفي نفس الوقت تحرم الكوادر البارزة في باقي المجالات من كل ذلك!!

والهوس بلغ بالجماهير أنها تطلق شعارات جوفاء وتدافع عنها وتنافح وكأنها نصوص مُقدسة لا يجوز التعقيب عليها ولا مناقشتها.

والهوس بلغ بالجماهير أنك ترى الفرد في المدرجات يُشجِّع بحرارة بالغة، وتراه مترهل الجسم لا يفكر في ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة تحسِّن صحته وتزيد حيويته.

ومايندى له الجبين أن الوهم الذي لا يخرج إلا من عقول مُغيَّبة، وأناس يتخبطون في غيهم كالسكران الثمِل الذي لا يُريد أن يفيق من سَكْرَته ويلعن من يحاول إفاقته قبل موعد الجرعة القادمة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ما الفائدة أن يفوز المنتخب الوطني والمواطن الذي حبس أنفاسه تشجيعاً تنقطع أنفاسه لهثاً من أجل أن يحصل على أبسط حقوقه الآدمية!!".

كرة القدم ذراع الأنظمة المستبدة لسلب العقول

إن الأنظمة المستبدة توقن أن جماهير كرة القدم تتعصب في المدرجات والشوارع والساحات لتُخرج ما بداخلها من كبت واضطهاد حتى إذا وضعت على المحك الأساسي لرفض الظلم والاضطهاد تصاب هذه الجماهير بالخرس وتصمت صمت القبور.

إن الأنظمة المستبدة تنفق على مجال كرة القدم ما لا تنفقه على مجال البحث العلمي، وهذا ما جعل مجال كرة القدم سوقاً تجارياً رائجاً، ومنظومة اقتصادية كبيرة تستفيد منها الأندية، والشركات الرياضية، ووكالات الأنباء، واللاعيبين، والرعاة، والوكلاء، حتى أصحاب الكافيهات في المناطق الشعبية يعتبرون بطولات كرة القدم موسماً للربح المريح.

ولكي نبرهن على أن كرة القدم هي ذراع الأنظمة المستبدة لسلب عقول شعوبها

عندما قامت إيطاليا باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1934م قال الزعيم الإيطالي الفاشي (موسوليني): "لم أتصور أن ولاء الإيطاليين لهذه اللعبة يفوق ولاءهم لإيطاليا وأحزابها الوطنية، سنفعل ما بوسعنا لاستضافة البطولة القادمة"، وبالفعل استضافت إيطاليا البطولة التالية عام 1938م، وكان موسوليني يُطلق على لاعبي المنتخب الإيطالي "جنود القضية الوطنية".

بعد فوز انجلترا بكأس العالم لكرة القدم عام 1966م كتب وزير الاقتصاد روبرت كروسمان. "هذا النصر سيخفف الضغوط على الجنيه الاسترليني ويحد من عمليات المتاجرة ضده". عندما قام العسكر في الأرجنتين بانقلاب عسكري، بذلوا قصارى جهدهم لضمان استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1978م بغرض التغطية على ما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب. تستولي كرة القدم على عقول الأمم بمختلف لغاتها وثقافاتها لأنها الوحيدة التي تنسى شعوب العالم مشاكلهم الداخلية وتغض الطرف عن كافة المشاكل والمآسي العالمية.

.. وإلى اليوم لم يشهد العالم فريقاً بروعة منتخب البرازيل عام 1970 حيث اجتمعت فيه كوكبة فريدة من النجوم من بينهم بيليه وريفالينو وبيبيلو وحين فاز الفريق بالكأس بكى توستاو (وهو طبيب في الأصل) حتى أغمي عليه. وفي ذلك الوقت ظن الجميع انها دموع الفرح ؛ غير انه اعترف لاحقا بأنها دموع الندم لأنهم بذلك الفوز ألهوا الشعب البرازيلي وسمحوا للعسكر بتعزيز سلطتهم غير الشرعية التي اغتصبوها. وما يجدر بنا ذكره والتاكيد عليه ان كره القدم احد الاسلحه الصهيونيه لالهاء الشعوب ويدل ذلك على ما جاء في بروتوكولات الصهيون سنلهي الناس ايضا بانواع شتى من الملاهي والالعاب والرياضيات ومزجيات للفراغ والمجامع العامه

أما المأساة التي لن يغفرها التاريخ استغلال إسرائيل انشغالنا وانشغال العالم ببطولة 1982 لغزو لبنان وتدمير بيروت وارتكاب مجازر صبرا وشاتيلا استغلت حالة الغفوة لاقتحام غزة وتدمير السلطة الفلسطينية ومنظمة حماس من خلال مخطط مسبق أجل لكأس العالم!!

وبالمناسبة تكاد تكون اسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي لا تهتم بالمشاركة حتى في التصفيات الأولية

  • ولا ننسى ما حدث بين المنتخب المصري لكرة القدم ونظيره الجزائري عام 2009م في أم درمان بالسودان أثناء التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا حيث كادت تندلع حرب بين الجزائر ومصر بسبب ما حدث في المباراة، ليكتشف الجميع لاحقاً أن النظامين رئيسي الدولتين آنذاك كانا وراء حملة الحشد والأحقاد والضغينة، فنظام مبارك كان يفتعل أزمة ليتمكَّن في ظلها من إتمام عملية توريث الحكم، ونظام بوتفليقة كان يريد كسب مزيد من الشعبية التي تجعله يستمر في السلطة على خلاف نص دستور البلاد. فالمواطن تلاشى دوره كلما كان منشغلا على الدوام بقضايا بديله تثير الحماسه والشغف وتبلد المشاعر وتخدر العقول وليس هناك افضل من رياضه جماعيه شعبيه ككره القدم لتكون بهذا الدور التوازن مطلوب فلا يعقل ان يكون حجم الانفاق على الرياضه بصفه عامه وكره القدم بصفه خاصه يفوق حجم الانفاق على البحث العلمي والبحث الزراعى والصحى وغيرهم من المجالات الاساسيه. نتفق أن تحويل الوسيلة إلى غاية سفه لابد من الاحتراز منه لأن الانزلاق في هذا المستنقع يجعل الإنسان أسيراً لا حق له في تقرير مصيره.

أن الدول المتقدمة ما تقدمت بأرجل لاعبيها ولكن بعقول مُبدعيها.

أن كرة القدم لها انتشار سرطاني جارف في شتى بقاع العالم و تم استغلالها الاستغلال الأمثل لتحقق التعايش الذي تصدِّعنا به النخب وتسعى في نفس الوقت لتقويضه

كرة/القدم