السبت 23 أغسطس 2025 08:21 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : المعاملة الإنسانية لآسري الحرب .

النهار نيوز

تنص الجملة الأولى من المادة 13 من اتفاقية جينيف الثالثة لمعاملة أسري الحرب عام 1949 على أن أسرى الحرب "يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية في جميع الأوقات"، ولا نبالغ في القول حين ننظر إلي المعاملة الإنسانية لأسري الحرب تمثل حجر الزاوية و الموجب القانوني الدولي الرئيسي الذي لا تسطيع الدولة الآسرة لهذه المجموعة البشرية الضعيفة التي عجزت عن الاستمرار في القتال أن تتحرر منه و حتي بزريعة الانتقام من انتهاك الدولة العدو لذات الالتزام .

إن الناظر الفاحص لصياغة هذه الجملة الحاكمة من المادة 13 يلحظ ومن فوره استخدام صائغي المادة لفظة : " يجب " وهنا يجب ألا يُحرف الباعث و الغرض من استخدام هذه اللفظة " يجب " للزعم بأن هذه المادة تنبئ بدعوة أو توصية أو مناشدة للدول الأطراف السامية أطراف الاتفاقية كي يترفقوا بأسري الحرب الذين وقعوا في حوزتهم سواء بعد استسلامهم والقائهم السلاح أو عند اعتقالهم بواسطة محاربي الدولة الآسرة ، وهنا فالمادة 13 و الاتفاقية برمتها كشفت عن حق طبيعي وأصيل وشرعي لا يقبل التنازل من جانب أسير الحرب ذاته ، وهو حقه في أن يتلقى المعاملة الإنسانية الكريمة التي تحترم شرف وكرامة هذا الأسير و التي لا يجوز بحال من الأحوال وبذريعة أي ظرف أن تتحل منها الدولة الآسرة .

يجب أن يفهم أيضا من صياغة الجملة الأولي من المادة 13 ضرورة أن تبذل الدولة الآسرة قصاري جهدها في تنفيذ هذه المادة لأجل تحقيق غاية لا غناء عنها وهي المعاملة الكريمة الإنسانية لأسير الحرب في حوزتها، كما يتجاوز التزام الدولة في هذا الصدد مجرد الامتناع عن إتيان أي فعل ينتقص من هذا الالتزام الدولي، حيث يجب علي الدولة اتخاذ كافة التدابير التنفيذية و اصدار التشريعات الوطنية التي تتسق تماما مع الاتفاقية و هذه المادة المحورية.

جلي أن المادة 13 من الاتفاقية لم تضع دليلا إرشاديا أو مقياسا معياريا للحكم علي التزام أو انتهاك الدول الأطراف في الاتفاقية لل " المعاملة الإنسانية "، بيد أن الأمم المتحضرة كافة و التي تنتمي إليها الدول الأطراف في الاتفاقية يدركون ماهية المعاملة الإنسانية التي يعامل بها الآدمي و التي تمتد بالتالي لأسير الحرب، و المعاملة الإنسانية هنا تنبجس من حقيقة الظروف العصيبة التي يمر بها أسير الحرب و حتي ان تلقي أرقي المعاملات الإنسانية من جانب آسريه.

لا جرم أن الكرامة الإنسانية المتأصلة في الإنسان الفرد والتي أشارت غليها ديباجة ميثاق منظمة الأمم المتحدة من غير المتصور أن تنتقص أو تجزئ من ذلك الفرد، وفي سياق الأسر فإن أسير الحرب " العاجز " أولي بأن يعامل بأقصي درجات الرحمة و الشفقة و المراعاة الإنسانية ليس بوصفه أسيرا و لكن بانتفاء صفته السابقة " عدو محارب ".

جلي أنه لا توجد قائمة معيارية لتحديد سمات المعاملة الإنسانية لأسير الحرب ، وفي المقابل السمات اللاإنسانية لمعاملة أسير الحرب و لكن يمكن التدليل غير الحصري لأمثلة المعاملة الإنسانية ، حيث تشمل العلاج مع المراعاة الواجبة لجنس الشخص ، واحترام المعتقدات والممارسات الدينية ، وتوفير الغذاء الكافي ومياه الشرب وكذلك الملابس ، وضمانات الصحة والنظافة ، وتوفير الرعاية الطبية المناسبة ، والحماية من العنف ومن مخاطر النزاع المسلح ، والحق في النوم والاتصالات المناسبة مع العالم الخارجي.