السبت 23 أغسطس 2025 07:10 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

المغلوط و المدلس في اتفاقية سد النهضة عام 2015

النهار نيوز

نيف و عشرة أعوام على توقيع اتفاقية اعلان المبادئ لسد النهضه عام 2015 في العاصمة السودانية الخرطوم، وبالرغم من ذلك فقد طالت هذه المعاهدة الدولية النافذة العديد من سهام القذف ، وكتابات الخلط ، وصارت الإتفاقية ،وبلا مشاحة ، مضمارًا لسباق يرتع فيه كل خيل ، و يكتب عنها الكُثر بِليل ، دون تدبرأو احتراز ، فكانت افتراضات المتفيقهين غامضة و تخميناتهم مبهمة ، ولم يبذل هؤلاء جهد أي طاقة، قبل أن يتدخلوا بتدخلاتهم السافرة ، ولو لطرفة عين ، حتي يدركوا الحقيقة المجردة العارية : أن العامة مكلومون وأن المواطنين مكروبون من الحدث الجلل الذي لا يخفف وطأته أي وجل أو زعل ، و الذي لا تُسوّره أي جائحة مداهمة .

كانت أبرز القصفات المباشرة للإتفاقية أنها لا تعدو أن تكون إعلانا سياسيا يُعبر عن طموحات الدول التي وقعها " الرؤساء " في الخرطوم ، وتبعا لذلك فالإتفاقية تعد مصدرا من مصادر القانون الناعم غير الملزم مقارنة بمصادر القوانين الخشنة التي تتوج علي رأسها المعاهدات الدولية النافذة ، وسقط هؤلاء في غيابة الجب السحيق حيث عمّوا أبصارهم من تلقاءهم عن لفظة " اتفاقية " التي تصدرت وسم ما وُقِع في الخرطوم ، و صمّوا آذانهم من فورهم عن المفاوضات السياسية و المشاورات الفنية التي شرع فيها ممثلي الدول الثلاثة منذ أبريل عام 2011 و أفضت لتوقيع المعاهدة الدولية المشار إليها .

صحيح أن البيانات و الإعلانات السياسية التي تصدر عن المؤتمرات الدولية و اللقاءات القممية للدول وغيرها تعبرعن الطموحات السياسية للدول و الشعوب، ولا تحوز إلزامية قانونية لأسباب عديدة ، طالما لم تقر الدول ذاتها الموقعة علي هذه البيانات السياسية بأي موجب قانوني لهذه البيانات إلا في حادثات إستثنائية لا تعد مثالاً يُضرب أو قياساً يُحتذي ، و شهدت المحروسة مصر أحد هذه الإستثناءات المهمة في نوفمبر عام 1943 ، حين صدر " إعلان القاهرة " الذي وقعه الزعماء الثلاثة للقوي العظمي المتحالفة في الحرب العالمية الثانية : الصين الشعبية و بريطانيا العظمي و الولايات المتحدة الأمريكية .

اتسقت تسمية الدول الثلاثة في الخرطوم للصك الدولي النافذ مع قانون المعاهدات الدولية الذي صدر في اتفاقية دولية في فيينا عام 1969، و الذي أقرّ أن لفظة " معاهدة " تدل علي كل اتفاق دولي أياً كانت تسميته الخاصة وأنه توجد تسميات متعددة ومتعادلة ، ونشير في ذات السياق أنه صار ملفتا تنوع الألفاظ التي تَسم بها الدول معاهداتها المختلفة : معاهدة – اتفاقية – اتفاق – عهد – نظام أساسي – طريقة عيش – مذكرة تفاهم – اتفاقية إطارية – محضر مُصدّق – تبادل مذكرات – تبادل رسائل .

أما ضرورة إحالة اتفاقية سد النهضة للبرلمان المصري ليصادق عليها فلا البرلمان يصادق علي تلكم الأنواع من المعاهدات الدولية ، ولاالإتفاقية ذاتها تُسفر أو تُنبئ بهذا الزعم المنفصل الذي تفرد بها البعض في المحروسة ، ولم تشنف آذاننا بذات الصدح في السودان أو إثيوبيا ، ونزيد من البيت المادة 11 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية التي تحدد كيفية التعبيرعن الرضا النهائي بالمعاهدة الدولية ، حيث تصدرت الفقرة الأولي من هذه المادة : " التعبير عن الرضا بتوقيع المعاهدة " .

أما التعبير عن الرضا بالتصديق علي المعاهدة ،فقد أفردت المادة 14 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية الموجب الدولي علي الدول الأطراف بضرورة المصادقة علي المعاهدة الدولية حين تنص المعاهدة الدولية علي ذلك ، وتدليلا كافة معاهدات السلام فضلا عن معاهدات تعيين الحدود الدولية ومنها اتفاقيات تعيين الحدود البحرية التي أبرمتها مصر مع قبرص ثم السعودية ثم اليونان ترتيبا .

ختاماً ، ما سطرناه من سُفٍر متواضع لا يقدح في وطنية المصريين الشرفاء المجتهدين الذين مانفكوا يدافعون عن الوطن المحروس دوما

أيمن سلامة