أشرف محمدين يكتب: السوشيال ميديا.. سلاح ذو حدين في ملاعب الرياضة


لم يعد المستطيل الأخضر هو الساحة الوحيدة التي يختبر فيها اللاعبون والمدربون، بل ظهر ميدان آخر لا يقل شراسة وتأثيرًا: منصات التواصل الاجتماعي. هذا العالم الافتراضي الذي يفتح أبواب الشهرة والنجومية من جهة، ويطلق سهام النقد والتنمر من جهة أخرى، صار جزءًا لا يتجزأ من حياة الرياضيين، وصار له دور مباشر في صناعة صورتهم أو تشويهها.
اليوم، قد تصبح تغريدة أو منشور على “إنستجرام” أهم من تصريح صحفي أو مؤتمر إعلامي. بل إن حساب اللاعب أو المدرب بات يُضاهي في قيمته قناة إعلامية كاملة، بفضل ملايين المتابعين والتأثير المباشر على الرأي العام. وهنا تكمن خطورة هذه المنصات، إذ لم يعد هناك فصل واضح بين الحياة الخاصة والمسيرة الرياضية، وكل كلمة أو صورة قد تتحول إلى قضية رأي عام.
الوجه المشرق للسوشيال ميديا
لا يمكن إنكار أن هذه المنصات منحت الرياضيين أدوات لم تكن متاحة من قبل. فاليوم يستطيع لاعب مغمور أن يحظى بجماهيرية عالمية بفضل حضوره الرقمي بجانب تألقه في الملاعب.
كما ساعدت السوشيال ميديا على تعزيز العلاقة بين النجم وجماهيره؛ من خلال مشاركة اليوميات والتدريبات وحتى الاهتمامات الشخصية، ما يخلق شعورًا بالألفة ويعزز الولاء للنادي. الأندية أيضًا استفادت، إذ تحولت المنصات إلى وسيلة تسويق فعّالة رفعت من قيمة العلامة التجارية وفتحت أبوابًا لعقود الرعاية والإعلانات.
الوجه المظلم للسوشيال ميديا
لكن لكل نعمة نقمة. فالانفتاح على هذه المنصات يفتح الباب واسعًا أمام النقد اللاذع، وأحيانًا أمام التنمر والشتائم. خطأ بسيط في مباراة قد يتحول إلى عاصفة من التعليقات المسيئة التي تضع اللاعب تحت ضغط نفسي هائل، وربما تهدد استمراره في الملاعب.
إلى جانب ذلك، تُعد الشائعات من أخطر ما تنتجه السوشيال ميديا، إذ قد تهز استقرار فريق كامل أو تؤدي إلى إقالة مدرب بسبب تصريح مقتطع من سياقه. بل إن بعض اللاعبين صاروا أكثر اهتمامًا بما يُكتب عنهم على الإنترنت من اهتمامهم بأدائهم الرياضي، ما يجعل السوشيال ميديا تتحول من أداة دعم إلى مصدر إلهاء.
التوازن المطلوب
بين الإيجابيات والسلبيات، يبقى التحدي الأكبر هو إدارة الحضور الرقمي بوعي وانضباط. فكما يتلقى اللاعب تدريبات بدنية وفنية، يحتاج أيضًا إلى تدريب على كيفية التعامل مع الجمهور على الإنترنت، وصياغة رسائل متوازنة تحافظ على صورته وتدعم مسيرته.
بعض الأندية الأوروبية سبقت إلى هذا النهج، فخصصت خبراء لإدارة حسابات لاعبيها تجنبًا لفخ الكلمات غير المحسوبة. كما أن على اللاعبين أن يتعلموا التفرقة بين حياتهم الخاصة وما يمكن مشاركته علنًا، فالمبالغة في الشفافية قد تجر نتائج عكسية.
معركة جديدة خارج الملعب
الرياضة اليوم لم تعد تُحسم فقط بمهارة القدم أو الفكر التكتيكي، بل أيضًا بـ”اللايك” و”الشير”. إنها معركة جديدة تُخاض خارج المستطيل الأخضر، والفائز فيها هو من يتقن اللعب على الملعب الرقمي بنفس المهارة التي يلعب بها على العشب الأخضر.
فالجيل الجديد من اللاعبين لا يمكن عزله عن السوشيال ميديا، لكنها تبقى أداة في أيديهم: إمّا أن يوظفوها لخدمة مسيرتهم وتعزيز قيم الرياضة، أو أن تتحول إلى عبء وضغط يقوّض إنجازاتهم.