الأذكياء يعانون وأمثلة العار تدمر الأخلاق


صالح الراشد
نعتز بتاريخنا وثقافتنا ومعرفة أمتنا التاريخية التي قادة العالم في شتى علوم الحياة، وكنا الأنموذج في قرون عديدة حملنا خلالها أمانة نقل رسالتنا للبشرية، وفي ذلك العصر ومثله في عصور متعددة اختفى الرويبضة من الصورة العامة، وسادت كلمات الحق ونمت الأخلاق والمبادئ والقيم، لكن حين قامت الدول بتغييب رجال العلم والمعرفة عن مراكز القيادة، وأصبح "اليوتيوبر" المهرج ناشر الخرافات والأكاذيب الذي تتفتح له الأبواب أكثر تأثيراً على المجتمعات من المثقف المعزول بقوة أصحاب الفكر الهزيل، تغير حال الأمة وذهبت صوب الهوان لفقدانها بوصلتها الفكرية لتفشل باستعادة ولو جزء بسيط من الهيبة القديمة، لنصبح أتباع بعد أن كنا القادة والقدوات.
وفي عصر ما نطلق عليه العصر الجاهلي، كنا رجال نقول كلمة الحق حتى لو تعارضت مع مصالحنا الخاصة، كون عار الكذب كان جريرة كُبرى، ونتذكر زعيم مكة أبو سفيان بن حرب حين رفض الكذب على هرقل الروم بشأن رسول الله حتى لا يقال عنه كذاب، في المقابل وفي عصور الاستعمار الغربي للبلاد العربية كثر الكذب وانتشر وضربت به الأمثال فخرج علينا من قال:" الكذب ملح الرجال"، فأي ملح ذلك الذي يحض على الرذيلة والانتقاص، وزادت الطامة حين اعتبر البعض ان السياسة هي فن الكذب بدلاً من فن الممكن، مما مهد الطريق أمام المستبدين لسيادة المشهد في عديد الدول، ليعملوا بكل قوة على جعل الكرامة عبئاً والانحناء نجاة، فتصدر الأراذل المشهد وتم مطاردة الشرفاء كاللصوص، واصبحت الوضاعة في حسابات البعض السلم الوحيد للنجاة لينتشر التملق والنفاق والفساد.
ولم تكتفي بعض المجتمعات في الأمة بالابتعاد عن الأعراف وصفوة الأخلاق النبيلة النابعة من كتاب الله وسنة رسوله، بل وضعت معايير جديدة شكلت فكراً وأنماطاً سلوكية للعديد من الناس الباحثين عن نشر الفكر السلبي، والاختباء وراء أمثلة لا تمت للرجولة والنخوة بصلة تم صياغتها إرضاءً للاستعمار ثم مخلفاته، فقالوا "اليد التي ما تقدر تلويها بوسها وادعو عليها بالكسر"، ولم تكتفي هذه الفئات بذلك بل صاغت للجبن أعذار وصنعت له طريق باستخدام المثل القائل "امشي قرب الحيط و قول يا رب الستر" و"حط راسك بين هالروس وقول ياقطاع الروس"، وأكثرها كارثية المثل الذي يقود للرضوخ والانحناء والاستسلام ب"اللي يتجوز أمي أقول له يا عمي"، فاختفت القدوات القادرين على الاعتراض لتصحيح المسارات.
وتتناسب هذه الأمثلة مع النفسيات اللئيمة المريضة التافهة والخانعة الضعيفة لنشر الظلام في المجتمعات، ليلاحق الشقاء أصحاب الفكر الراشد من هذه الأمثلة التي منحت الجهلاء والخانعين ثقة بأنهم على حق وأنهم على صواب ليصدق المتنبي بقوله: "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله …… وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم"، لنجد في عديد المجتمعات أن قوى الفساد والنفوذ تتحصن وبكل قوتها خلف ثروة جُمعت بالفساد، وقوانين تمنع المُساءلة وإعلام يغسل السمعة وعلاقات خارجية تضمن البقاء، وشعوب تطأطأ رأسها حتى لا تُشاهد حقيقة ما ترى بعد أن قُطعت ألسنتها، ليكون الشعور العام بأن الأمة ذاهبة صوب المجهول.
آخر الكلام:
قال الكاتب الروسي ميخائيل جفانيتسكي: "في الماضي، كان العالم قاسيًا. لأنه كان محكومًا بالأذكياء، وكان الأذكياء يجبرون الأغبياء على التعلّم، وكان ذلك صعبًا على الأغبياء.
أما الآن، فيحكم العالم الأغبياء. وهذا شيء عادل، لأن الأغبياء أكثر بكثير، والآن.. صار الأذكياء يتعلّمون كيف يتكلّمون بحيث يفهمهم الأغبياء، وإذا لم يفهم الغبي شيئًا، فهذه مشكلة الذكي.
في السابق، كان الأغبياء يعانون.
أما الآن، فيعاني الأذكياء، لكن عدد الأشخاص الذين يعانون يصبح أقل كل يوم، لأن عدد الأذكياء يقلّ يومًا بعد يوم".



















تشيع جثمان عروس المنوفية علي يد زوجها
مصرع أربعة مستشارين من قضاة محكمة ديروط في حادث أليم ...
استجابة سريعة من مديرية أمن سوهاج..ضبط صاحب فيديو إستقطاب الفتيات لممارسة الأعمال...
تموين القليوبية تضبط مخالفات كبيرة وتشدد قبضتها على الأسواق
الزهور 2010 يجمع بين الفوز والوفاء: انتصار مستحق على إسكُو ودقيقة حداد...
التهامي يهنيء قنديل بمناسبة فوزه الساحق في الإنتخابات.