الإثنين 20 أكتوبر 2025 03:53 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

الإقتصاد والبورصة

أهم العوامل المؤثرة على سعر البيتكوين

النهار نيوز

يُعد البيتكوين العملة الرقمية الأشهر والأكثر تأثيرًا في سوق العملات المشفرة، فهو أول عملة رقمية لامركزية تعتمد على تقنية البلوك تشين، وقد أصبح بمرور الوقت معيارًا يقاس به أداء السوق الرقمي بأكمله. ومع أن البيتكوين يُتداول في سوق مفتوح يعتمد على العرض والطلب، إلا أن سعره يتأثر بعدد كبير من العوامل الاقتصادية والتقنية والسياسية والنفسية التي تجعل تقلباته حادة ومستمرة.

في هذا المقال نستعرض أهم العوامل التي تؤثر على سعر البيتكوين وكيف يمكن فهمها لتقدير اتجاهاته المستقبلية.

أولا: العرض والطلب

العلاقة بين العرض والطلب هي الأساس في تحديد سعر أي أصل مالي، والبيتكوين يتميز بخصوصية فريدة من نوعها، إذ إن عدد الوحدات التي يمكن إنتاجها محدود بـ 21 مليون بيتكوين فقط. هذا الحد الأقصى الذي وضعه نظام البلوك تشين يجعل البيتكوين أصلًا نادرًا بطبيعته، وكلما اقتربنا من الوصول إليه، يصبح المعروض أقل مع ازدياد الطلب، مما يؤدي إلى ارتفاع السعر.

كما أن عملية تعدين البيتكوين تصبح أكثر صعوبة بمرور الوقت، حيث تقل المكافآت الممنوحة للمعدّنين كل أربع سنوات في حدث يُعرف باسم الهلّفنج (Halving). هذا الحدث يؤدي عادة إلى تقليل المعروض الجديد في السوق، وهو ما كان تاريخيًا يتبعه ارتفاع كبير في الأسعار.

ثانيا: قبول المؤسسات والشركات الكبرى

أحد العوامل الرئيسية التي تدفع سعر البيتكوين للصعود هو ازدياد تبنيه من قبل الشركات والمؤسسات المالية الكبرى. فعندما أعلنت شركات مثل تسلا وباي بال وماستر كارد عن قبول التعامل بالبيتكوين أو الاستثمار فيه، ارتفع سعره بشكل كبير نتيجة زيادة الثقة من قبل المستثمرين.

كلما زاد الاعتراف المؤسسي بالبيتكوين باعتباره أصلًا استثماريًا أو وسيلة دفع، ازدادت قيمته السوقية. فالمؤسسات تمتلك رؤوس أموال ضخمة، ودخولها إلى السوق يعني زيادة في الطلب واستقرار أكبر في الأسعار على المدى الطويل.

ثالثا: الأخبار والسياسات الحكومية

الأخبار المتعلقة بالتشريعات الحكومية أو المواقف الرسمية من العملات الرقمية من أقوى العوامل المؤثرة في سعر البيتكوين. فعندما تُصدر دولة كبرى قوانين تنظم تداول البيتكوين بشكل إيجابي، يعزز ذلك ثقة المستثمرين ويدفع الأسعار للارتفاع.

أما في حال فرضت الحكومات قيودًا أو حظرًا على التعدين أو التداول، كما حدث في الصين، فإن ذلك يؤدي إلى هبوط مؤقت بسبب القلق من تضييق السوق. على الجانب الآخر، إعلان دول مثل السلفادور اعتماد البيتكوين كعملة قانونية أدى إلى موجة صعود قوية لأنه يعكس اعترافًا رسميًا متزايدًا.

كذلك تؤثر السياسات النقدية للبنوك المركزية في سعر البيتكوين. فعندما ترتفع معدلات التضخم أو تخفض البنوك الفائدة، يلجأ بعض المستثمرين إلى البيتكوين كأداة للتحوط ضد فقدان القوة الشرائية.

رابعا: التغطية الإعلامية وتأثير المشاعر العامة

سوق البيتكوين حساس للغاية تجاه التغطية الإعلامية والمشاعر العامة للمستثمرين. فالأخبار الإيجابية أو تصريحات المؤثرين قد تخلق موجات من الحماس تؤدي إلى ارتفاعات حادة في الأسعار، في حين أن الأخبار السلبية مثل الاختراقات أو الخسائر الكبيرة في منصات التداول قد تثير الذعر وتؤدي إلى تراجع قوي.

على سبيل المثال، تغريدات شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك كانت في عدة مناسبات سببًا مباشرًا لتحركات حادة في سعر البيتكوين، سواء صعودًا أو هبوطًا. هذه الظاهرة تعكس أن الجانب النفسي يلعب دورًا رئيسيًا في السوق.

خامسا: المنافسة والتطور التقني

رغم أن البيتكوين هو أول وأشهر عملة رقمية، إلا أنه يواجه منافسة متزايدة من عملات أخرى تقدم ميزات تقنية مختلفة مثل السرعة أو كفاءة المعاملات. ومع ظهور مشاريع جديدة في عالم التمويل اللامركزي والعقود الذكية، قد يتحول جزء من رؤوس الأموال من البيتكوين إلى هذه المشاريع.

لكن في المقابل، التطوير المستمر في شبكة البيتكوين، مثل إدخال تقنيات شبكة البرق (Lightning Network) التي تهدف إلى تسريع المعاملات وتقليل الرسوم، يعزز من قدرته التنافسية ويحافظ على مكانته كأصل رقمي أساسي في السوق.

سادسا: سياسات التعدين وتكاليف الإنتاج

تعدين البيتكوين يتطلب أجهزة متخصصة وكميات كبيرة من الطاقة الكهربائية. لذلك فإن تكاليف التعدين تلعب دورًا مهمًا في تحديد السعر الأدنى المقبول في السوق. فإذا انخفض سعر البيتكوين إلى مستويات لا تغطي تكاليف التعدين، فإن كثيرًا من المعدنين يتوقفون عن العمل، ما يؤدي إلى انخفاض العرض وارتفاع السعر مجددًا.

كذلك تؤثر الأحداث الجغرافية والسياسية على مراكز التعدين الكبرى. فعلى سبيل المثال، عندما منعت الصين التعدين عام 2021، انخفضت القدرة الإجمالية للشبكة، مما أدى إلى تقلبات مؤقتة في السعر حتى أعيد توزيع عمليات التعدين في دول أخرى مثل الولايات المتحدة وكازاخستان.

سابعا: المضاربات وسلوك المستثمرين

يُعتبر سوق البيتكوين من أكثر الأسواق تقلبًا بسبب المضاربات المستمرة. العديد من المستثمرين يدخلون السوق بحثًا عن أرباح سريعة، مما يسبب تقلبات حادة في الأسعار نتيجة عمليات البيع والشراء السريعة.

كما أن الخوف من الخسارة أو الطمع في الأرباح يؤدي إلى تغيرات نفسية جماعية تُعرف باسم دورة السوق العاطفية. في أوقات الارتفاع الحاد يسود التفاؤل ويزيد الطلب، وفي فترات الهبوط تنتشر مشاعر الخوف مما يدفع كثيرين للبيع بأسعار منخفضة.

ثامنا: العوامل الاقتصادية العالمية

الوضع الاقتصادي العالمي يؤثر هو الآخر في سعر البيتكوين. فعندما تزداد التوترات الجيوسياسية أو تنخفض قيمة العملات الورقية بسبب التضخم، يُنظر إلى البيتكوين كأصل بديل لحفظ القيمة.

كما أن تحركات الأسواق التقليدية، مثل أسواق الأسهم والذهب، تؤثر في قرارات المستثمرين. ففي أوقات الركود الاقتصادي أو ارتفاع الفائدة قد يتراجع الاهتمام بالبيتكوين مؤقتًا لصالح الأصول الآمنة، بينما في فترات الانتعاش والسيولة المرتفعة يعود الإقبال عليه بقوة.

يتأثر سعر البيتكوين بمجموعة واسعة من العوامل المترابطة، تشمل العرض المحدود، والسياسات الحكومية، والتطور التكنولوجي، والمشاعر العامة للمستثمرين، والوضع الاقتصادي العالمي. هذه العوامل تجعل من البيتكوين أصلًا فريدًا يجمع بين خصائص الذهب كمخزن للقيمة وبين خصائص العملات الرقمية الحديثة كأداة للاستثمار والمضاربة.

ولذلك، فإن فهم هذه العوامل ومتابعتها بشكل مستمر ضروري لكل من يرغب في دخول سوق البيتكوين أو التداول فيه. فالسعر لا يتحرك عشوائيًا، بل يعكس مزيجًا من القوى الاقتصادية والنفسية التي تشكل مستقبل هذا الأصل الرقمي الثوري.