الأحد 16 فبراير 2025 08:10 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : حجب الثقة عن الحكومة الفرنسية ..... الأسباب و المآل

النهار نيوز

حجب الثقة هو آلية دستورية تسمح للبرلمان الفرنسي بمراقبة الحكومة ومحاسبتها، ومن خلاله يمكن للبرلمان إقالة الحكومة إذا رأى أنها فشلت في أداء مهامها. هذا الإجراء، رغم أنه نادر الحدوث، يحمل تداعيات كبيرة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. في حالة حكومة ميشال بارنييه، فإن التصويت على حجب الثقة يعكس التوترات السياسية القائمة في فرنسا ويشير إلى تحديات الحكومة في مواجهة قضايا داخلية وخارجية.

حجب الثقة هو إجراء دستوري في النظام البرلماني الفرنسي يُتيح للبرلمان سحب الثقة من الحكومة، مما يؤدي إلى إقالتها. وفقاً للدستور الفرنسي لعام 1958، الذي أسس الجمهورية الخامسة، يُمكن للبرلمان، وبالأخص الجمعية الوطنية (البرلمان)، ممارسة هذا الحق بعد تصويت يطرح حجب الثقة. يتم التصويت بعد اقتراح يتقدم به عدد من النواب، وعادةً ما يتطلب تمرير هذا الاقتراح أغلبية مطلقة من أصوات النواب.

تنص المادة 49 من الدستور الفرنسي على أنه يمكن للجمعية الوطنية التصويت على حجب الثقة عن الحكومة. إذا حصل الاقتراح على أغلبية الأصوات، يتم سحب الثقة من الحكومة، وبالتالي يجب على رئيس الجمهورية إقالة الحكومة وتعيين حكومة جديدة. في المقابل، إذا تم رفض الاقتراح أو لم يحصل على الأغلبية المطلوبة، تظل الحكومة في منصبها وتواصل عملها.

لماذا حجبت الجمعية الوطنية اليوم الثقة؟

في هذا السياق، قد تكون الأسباب التي دفعت الجمعية الوطنية الفرنسية إلى حجب الثقة عن حكومة ميشال بارنييه متعلقة بعدة قضايا. قد تشمل الأسباب السياسية، الاقتصادية، أو الاجتماعية التي دفعت إلى عدم ثقة النواب في الحكومة وقدرتها على اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة التحديات. قد تتعلق القضايا بمشاكل إدارة السياسات الداخلية مثل الاقتصاد، البطالة، أو الفقر، أو قد تكون مرتبطة بمواقف الحكومة في قضايا خارجية مثل السياسة الدولية أو الأمن.

في هذه الحالة، يجب الإشارة إلى أن تحالف الجبهة الشعبية الجديد كان قد تقدم بمذكرة حجب الثقة كجزء من معارضته لحكومة بارنييه. التحالف قد يكون قد اعتبر أن الحكومة قد فشلت في تحقيق مطالب الشعب الفرنسي أو في إدارة شؤون الدولة بشكل فعال. بالنظر إلى أن حجب الثقة يتطلب إجماعاً من الأغلبية البرلمانية، فإن ذلك يشير إلى وجود انقسام كبير في السياسة الفرنسية حول فعالية الحكومة الحالية.

أبرز حالات حجب الثقة في العقود الأخيرة في فرنسا

في العقود الأخيرة، كانت حالات حجب الثقة في فرنسا نادرة نسبياً. واحدة من الحالات البارزة في السنوات الأخيرة كانت في عام 1962 عندما أُجبرت الحكومة الفرنسية برئاسة رئيس الوزراء ميشال ديبري على الاستقالة بعد تصويت بحجب الثقة في الجمعية الوطنية. هذه الحادثة كانت نتيجة لعدة عوامل منها تدهور الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد آنذاك.

كما كان هناك حالات أخرى، مثل محاولة حجب الثقة في عهد رئيس الوزراء إدوار بالادور في الثمانينات بسبب السياسات الاقتصادية التقشفية، لكن لم تسفر عن نتائج مماثلة. في الفترة الحديثة، كان الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون قد نجح في تجنب أي محاولات لحجب الثقة عن حكوماته رغم الانتقادات الحادة التي واجهتها سياسته الاقتصادية والاجتماعية.

التداعيات الدستورية والسياسية (الداخلية والخارجية)

التداعيات الدستورية: من الناحية الدستورية، حجب الثقة يعد حدثاً كبيراً، حيث يثبت قدرة البرلمان على ممارسة سلطاته في مراقبة الحكومة. قد يؤثر هذا الإجراء على هيبة الحكومة ويزيد من التوترات بين السلطة التنفيذية والتشريعية. في هذه الحالة، سيترتب على حجب الثقة أن رئيس الجمهورية سيكون مضطراً إلى اتخاذ خطوات سريعة لتعيين حكومة جديدة، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في سياسة الحكومة.

التداعيات السياسية الداخلية: على الصعيد الداخلي، حجب الثقة يمكن أن يُسبب ارتباكاً في الساحة السياسية. يمكن أن يؤدي إلى صراع داخلي بين الأحزاب السياسية في الجمعية الوطنية. في حالة حكومة بارنييه، سيكون لهذا الحجب تأثير على صورة الحكومة داخل فرنسا، حيث سيكون لها تأثير على مستوى الثقة الشعبي في الحكومة الحالية والائتلاف الحاكم. الأحزاب المعارضة قد ترى في هذا التصويت انتصاراً سياسيًا، مما قد يعزز من موقفها في الانتخابات المستقبلية.

التداعيات السياسية الخارجية: من الناحية الخارجية، حجب الثقة قد يؤثر على صورة فرنسا في الساحة الدولية. فالتغيير الحكومي المفاجئ يمكن أن يخلق انعدام استقرار في السياسة الخارجية، وهو ما قد ينعكس سلباً على علاقات فرنسا مع الدول الأخرى أو على التزاماتها الدولية، سواء في الاتحاد الأوروبي أو على مستوى العلاقات الثنائية. علاوة على ذلك، يمكن أن يثير الحجب تساؤلات حول الاستقرار السياسي في البلاد ومدى قدرة الحكومة الجديدة على الوفاء بتعهداتها الدولية.