الثلاثاء 18 مارس 2025 10:40 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. أنور محمود زناتي يكتب: الاقتصاد الإسلامي يزين مناهج كلية كامبريدج كيب البريطانية

د. أنور محمود زناتي _ جامعة عين شمس
د. أنور محمود زناتي _ جامعة عين شمس

في خطوة رائعة تؤكد عظمة الإسلام والفكر الاسلامي عموما والاقتصادي خصوصا قامت كلية كامبريدج كيب البريطانية Cambridge KIPP بإضافة مادة الاقتصاد الإسلامي إلى منهاجها الدراسي وذلك تماشيا مع توجهات بريطانيا الاقتصادية التي تهدف إلى أن تصبح مركز التمويل الإسلامي بمؤشر جديد في بورصة لندن.

قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن لندن تهدف لتصبح عاصمة التمويل الإسلامي حيث استضافت المدينة في 29 - 31 أكتوبر عام 2013، المنتدى الإسلامي العالمي الأول خارج العالم الإسلامي. حيث تم إدراج المؤشر الإسلامي ضمن بورصة لندن للأوراق المالية، وتعمل وزارة المالية على الجوانب العملية لإصدار الصكوك (سندات) بقيمة نحو 200 مليون جنيه استرليني (323 مليون دولار) في وقت مبكر من العام المقبل؛ وقد تم تصميم المقترح لجذب حصة من الاستثمار الإسلامي العالمي إلى المملكة المتحدة والمقدر بنحو 1.3 تريليون جنيه استرليني (2.1 تريليون دولار).

والاقتصاد الإسلامي هو مجموعة المبادئ والأصول الاقتصادية التي تحكم النشاط الاقتصادي للدولة الإسلامية التي وردت في نصوص القرآن والسنة النبوية، والتي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان. ويعالج الاقتصاد الإسلامي مشاكل المجتمع الاقتصادية وفق المنظور الإسلامي للحياة. ومن هذا التعريف يتضح أن الأصول ومبادئ الاقتصاد الإسلامية التي وردت في القرآن والسنة، هي أصول لا تقبل التعديل لأنها صالحة لكل زمان ومكان بصرف النظر عن تغير الظروف مثل الزكاة. والاقتصاد الإسلامي جزء من الإسلام وهو مرتبط ارتباطاً تاماً بالدين: فلا تنفصل الأنظمة الاقتصادية في الإسلام عن المبادئ والقيم والأخلاق التي جاء بها الإسلام.

ومن الجدير بالذكر أن عقيدة الاقتصاد الإسلامي تقوم على مبدأين:
-المال مال الله والإنسان مستخلَف فيه: وبذلك فالإنسان مسؤول عن هذا المال، كسباً وإنفاقاً، أمام الله في الآخرة، وأمام الناس في الدنيا. فلا يجوز أن يكتسب المال من معصية أو ينفقه في حرام، ولا فيما يضر الناس.
- دور المال: المال أداة لقياس القيمة ووسيلة للتبادل التجاري، وليس سلعة من السلع. فلا يجوز بيعه وشراؤه (ربا الفضل) ولا تأجيره (ربا النسيئة).

خصائص الاقتصاد الإسلامي:
أهم خصائص الاقتصاد الإسلامي يمكن تصنيفها كما يلي:
-المشاركة في المخاطر: وهي أساس الاقتصاد الإسلامي وعماده، وهي الصفة المميزة له عن غيره من النظم. فالمشاركة في الربح والخسارة، هي قاعدة توزيع الثروة بين رأس المال والعمل، وهي الأساس الذي يحقق العدالة في التوزيع.
- موارد الدولة: لا ينفرد هذا النظام عن غيره في هذا الباب إلا في وجود الزكاة كمورد ينفرد به الاقتصاد الإسلامي. وهي أشبه شيء بالضرائب، لكنها تعطى للفقراء، وهي جزء صغير من أموال الأغنياء، بالإضافة إلى الجزية وهي تؤخذ من غير المسلمين ولاتؤخذ منهم زكاة وهي مقابل أن تحميهم الدولة وتوضع في أموال الدولة
- الملكية الخاصة: يحمي النظام الإسلامي الملكية الخاصة، فمن حق الأفراد تملك الأرض والعقار ووسائل الإنتاج المختلفة مهما كان نوعها وحجمها. بشرط أن لا يؤدي هذا التملك إلى الإضرار بمصالح عامة الناس، وأن لا يكون في الأمر احتكاراً لسلعة يحتاجها العامة. وهو بذلك يخالف النظام الشيوعي الذي يعتبر أن كل شيء مملوك للشعب على المشاع.
-الملكية العامة: تظل المرافق المهمة لحياة الناس في ملكية الدولة أو تحت إشرافها وسيطرتها من أجل توفير الحاجات الأساسية لحياة الناس ومصالح المجتمع. وهو يخالف في ذلك النظام الرأسمالي الذي يبيح تملك كل شيء وأي شيء.
- نظام المواريث في الإسلام، يعمل نظام المواريث على تفتيت الثروات وعدم تكدسها. حيث تقسم الثروات بوفاة صاحبها على ورثته حسب الأنصبة المذكورة في الشريعة.
-الصدقات والأوقاف: وتعد الصدقات والأوقاف من خصائص الاقتصاد الإسلامي التي تعمل على تحقيق التكافل الاجتماعي، وتغطية حاجات الفقراء في ظل هذا النظام.
- تغليب المنفعة العامة على المنفعة الخاصة عند التضارب
-مراقبة السوق ولكن دون التدخل في تحديد السعرعن طريق بما يسمى المحتسب.
- الشفافية - حض الإسلام على الشفافية من خلال منع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- التجار من تلقي القوافل القادمة (منع تلقي الركبان).
المحظورات في النظام الاقتصادي الإسلامي
- تحريم الربا: الربا محرم في الإسلام. بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة.
- تحريم الاحتكار:وهو محرم من السنة والأحاديث النبوية الشريفة. لما فيه من الإضرار بمصالح العامة والاستغلال لحاجاتهم. وما يتسبب فيه من قهر للمحتاج، وربح فاحش للمحتكر.
- تحريم الاتجار في القروض: القروض هي إحدى صور المال. فلا يجوز الاتجار به، إذ أن المال لا يباع ولا يشترى.
- تحريم بيع ما لا يمتلكه الفرد - وذلك لمنع المخاطرة أو المقامرة.
- تحريم بيع الغرر، وبيع الغرر هو بيع غير المعلوم، مثل بيع السمك في الماء، أو أنواع المقامرة التي نراها منتشرة في مسابقات الفضائيات وشركات الهواتف، اتصل على رقم كذا لتربح أو أرسل رسالة لتربح. وهي كلها من صور المقامرة التي حرمها الله عز وجل.
- تحريم الاتجار في المحرمات، فلا يجوز التربح من ماحرّم الله عز وجل، من التجارة في الخمور أو المخدرات أو الدعارة أو المواد الإباحية المختلفة، وغيرها من المحرمات، لأنها لا تعتبر مالاً متقوماً في الإسلام.
- تحريم بيع العينة، وهو شكل من أشكال التحايل على الربا، حيث يقوم الفرد بشراء شيء ما من شخص على أن يتم السداد بعد مدة، ثم يقوم ببيعها مرة أخرى إلى صاحبها بسعر أقل من الذي اشتراه به فيقبض الثمن، ثم يعود بعد المدة المتفق عليها ويقوم بدفع المبلغ الذي يكون أكثر من المبلغ الذي قبضه، فيكون هذا ظاهره بيع وباطنه ربا.

إن العقيدة الاسلامية منحت المسلم تصورًا للحياة الدنيا والآخرة والذي يبحث هذا التصور في كتاب الله تعالى وفي سُنّة رسوله يجد فيها الارشاد والطريق الذي يجب على المسلم ان يسلكه لكنه لا يوجد فيهما التفصيل العلمي لجميع الأمور الاقتصادية، هنا يأتي دور الكتب العلمية المتخصصة.

في حالة النظام الاقتصادي فإن هذه الإرشادات التي اخذها من العقيدة التي تحددالسلوك الاقتصادي فيما يتعلق بالإنفاق والادخار، قال تعالى : ﴿ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تَبسُطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا﴾ الإسراء: 29 .

إن النظام الاقتصادي الإسلامي لا يعمل بمعزل عن الكتاب والسنة النبوية المطهرة، بحيث يستنبط المسلم القواعد العامة التي تحكم السلوك الاقتصادي من خلال الآيات والأحاديث النبوية التي يجد من خلالها التوجيه الاقتصادي

عند المقارنة بين نظام الإسلام الاقتصادي والنظام الرأسمالي نجد أن النظام الرأسمالي يسعى اولا لتحقيق المصلحة الشخصية وعندما يحقق المصلحة الشخصية عندها تحقق المصلحة العامة المشتركة بينه وبين المجتمع، يقول العالم الاقتصادي آدم سميث: "إننا لا نتوقع أن يتكرم علينا الجزار أو الخباز بطعام العشاء، لكننا نتوقعه من اعتبارهما لمصلحتهما الشخصية، ونحن لا نخاطب إنسانيتهما لكن نخاطب حبهما لنفسيهما، ولانتحدث عن ضروراتنا، لكن عن مكاسبهما ".

الفرق بين النظرة الإسلامية الى الاقتصاد انه يعتبر النشاط الاقتصادي من العبادات حيث ان العمل والاستثمار والتجارة احدى الوسائل للتقرب الى الله تعالى، ويهتم النظرة الإسلامية الى الاقتصاد بمصلحة الآخرين والمجتمع قبل المصلحة الشخصية،عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

نور/زناتب