أيمن سلامة : هل تنجح الممرات الإنسانية البحرية إلي قطاع غزة ؟


يدل مصطلح الممر الإنساني علي منطقة خالية من الوجود العسكري، يقوم طرف ثالث بحمايتها عادة ما تكون قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أو الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر، ويكون هذا الطرف خارج النزاع القائم، فيمكث المدنيون بعيدا عن الأخطار التي تهدد حياتهم، كما تعني مناطق خالية من الوجود العسكري يجري الإعلان عنها أثناء الاضطرابات أو نزاع مسلح بقصد حماية المدنيين، وإيصال المساعدات والخدمات الإنسانية لهؤلاء بواسطة طرف ثالث.
توفرالممرات الإنسانية حلا مثاليا للمنظمات الإنسانية فيما يتعلق بعملياتها من أجل توفير الحماية والمساعدة للذين يتضررون من جراء الحرب، حيث يتطلب موافقة كافة الأطراف المحاربة وكسب ثقتهم بالنسبة إلى تسليم المساعدات الإنسانية، لكن أحيانا تفرض هذه الممرات والمناطق المحمية جبرا حين يصدر بصددها قرار من مجلس الأمن تأسيسا على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والمثال الصارخ الذي يضرب في هذا الصدد المناطق الآمنة التي أنشئت في جمهورية البوسنة والهرسك أثناء الحرب اليوغسلافية في منتصف التسعينات من القرن المنصرم 1991-1995، ويطلق على هذه الممرات عدة تسميات منها: الممرات الإنسانية الآمنة، والملاذات الآمنة أو المناطق الإنسانية الآمنة.
قامت الأمم المتحدة بإنشاء الممرات الإنسانية البحرية أثناء النزاعات المسلحة لغوث المحتجين لهذه المساعدات ، وتعد الحالة الأوكرانية فور اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية الحالية نموذجا ساطعا لما قامت به منظمة الأمم المتحدة تجاه المدنيين الأوكرانيين المحاصرين في المدن الساحلية الأوكرانية .
لقد تم تنسيق الممرات الإنسانية البحرية من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، حيث أنشأت الأمم المتحدة ومنظمات أخري الممر البحري من أوديسا إلى ميناء روماني في أغسطس 2022، وسمح الممر البحري بتصدير الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية، أيضا أنشأت الأمم المتحدة الممر البحري من ميناء خيرسون إلى ميناء ميكولايف في أكتوبر 2022، وسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى مدينة خيرسون.
ثار الحديث مؤخرا عن ضرورة انشاء ممر إنساني بحري من قبرص إلي قطاع غزة ، نتيجة الفظاعات الوحشية التي ارتكبتها قوات جيش الاحتلال الإسرائيل تجاه المدنيين الفلسطينيين الذين هبوا لاستلام ما يعينهم علي البقاء في ظل الحصار الجائر المفروض علي القطاع ، فضلا عن استمرارا جيش الاحتلال الإسرائيلي في قصف القطاع برا و بحرا و جوا .
نافل القول ، تعد الممرات الإنسانية البحرية ضرورية لتوصيل المساعدات المنقذة للحياة للأشخاص أثناء النزاعات المسلحة ، ومع ذلك، فإن إنشاء هذه الممرات وتأمينها ،صيانتها يأتي مصحوبًا بعدد من التحديات والتهديدات .
يمثل إقناع إسرائيل دولة الاحتلال المحاربة أكبر تحدي يواجه انشاء وتشغيل الممرات الانسانية البحرية إلي قطاع غزة ، فقد دأبت إسرائيل علي عرقلة سير المساعدات الإنسانية التي تصل للقطاع عبر مضيق رفح المصري ، ووصل الأمر لقصف الممرات
والطرق من ناحية معبر رفح الفلسطيني و ذلك لحرمان الفلسطينيين من هذه المساعدات ؛ لذلك يعد الاتفاق على موقع الممر البحري وتشغيله تحديًا دبلوماسيًا معقدًا.
أيضا ليس من السهولة بمكان ضمان توفر السفن والموارد المتاحة لتلبية احتياجات الأزمات الإنسانية واسعة النطاق في قطاع غزة ؛ فقد ثبت أن حجم المساعدات الإنسانية التي وصلت للقطاع حتي الآن غير كافية علي وجه الاطلاق .
يمكن أيضا أن تؤدي الظروف الجوية القاسية إلى تعطيل العمليات البحرية وتأخير تسليم المساعدات، و الأخطر من ذلك أنه حتي حين تصل المساعدات إلي الميناء الذي ستقوم الولايات المتحدة بتجهيزه في قطاع غزة قد تكون هناك تحديات لوجستية في تفريغ الإمدادات وتوزيعها بكفاءة.
ختاما: يتعين على المجتمع الدولي أن يعمل للضغط علي إسرائيل كي تحترم أمان وفاعلية الممرات الإنسانية البحرية المزمعة، وتحسين التنسيق بين وكالات الإغاثة والحكومات والجيوش بغرض تبسيط الخدمات اللوجستية وضمان تسليم المساعدات بسرعة.