أيمن سلامة : مبدأ التمييز بين الأهداف المدنية و العسكرية أثناء النزاعات المسلحة


يرجع التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية إلى سببين يماثلان تماماً السببين اللذان أوجبا التمييز بين المدنيين والمقاتلين. فالأهداف العسكرية تسهم مساهمة فعلية في العمل العسكري، ومن ثم تجوز مهاجمتها أو أن تدميرها يحقق ميزة عسكرية أكيدة، أما الأعيان المدنية فليس لها مثل هذه المساهمة الفعلية، ولا يحقق تدميرها أو تعطيلها أو إتلافها أي ميزة عسكرية تذكر، ومن هنا عدم جواز مهاجمتها.
إن انتهاك الدول المتنازعة للقواعد الدولية الإنسانية الواجب تطبيقها أثناء النزاعات المسلحة، يتطلب في البداية بيان المعايير المعتمدة لتعريف الأعيان المدنية. وقد اختلفت الآراء في مؤتمر الخبراء الحكوميين للعمل على إنماء وتطوير القانون الدولي الإنساني المطبق في أوقات النزاعات المسلحة، حول المعيار الذي يتخذ أساسا التعريف الأهداف المدنية. فاتجه البعض إلى الأخذ بمعيار طبيعة الهدف، بينما رأى البعض الآخر الأخذ بمعيار الغرض المخصص من أجله الهدف ومعيار استخدامه. وبناء عليه تم تعريف الأهداف المدنية بأنها تلك التي لا تنتج مباشرة الأسلحة والمواد العسكرية ووسائل القتال، أو تلك التي لا تستخدم مباشرة وفي الحال بواسطة القوات المسلحة، كما قدم اقتراح أخر في المؤتمر، يعرف الأهداف المدنية بأنها تلك الأهداف الهامة والأساسية، والمعدة بصورة بارزة الاستخدام السكان المدنيين، وأن تلك الأهداف تصبح أهدافاً عسكرية إذا احتلها أفراد عسكريون، أو استخدمت في الأغراض العسكرية. وقد أخذت اتفاقية لاهاي لحماية الأعيان الثقافية لعام 1954 المعيارين معا.
وفي سبيل ذلك تقدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بتعريف للأعيان المدنية، يعتمد على وظيفة الهدف. وقد جاء على النحو الآتي: الأعيان المدنية هي تلك الأهداف المخصصة بصفة أساسية وضرورية للسكان المدنيين. وأضاف التعريف إلى ذلك بعض الأعيان التي تعد مدنية، مثل المساكن والمنشآت التي تؤوي السكان المدنيين، والتي تحتوي على مواردهم الغذائية ومصادر المياه. كما أضافت اللجنة تعريفا للأهداف العسكرية فوصفتها بأنها: الأهداف التي بطبيعتها واستعمالها تسهم إسهاما فعالا ومباشرا في المجهود الحربي للخصم، ويتضح من هذا التعريف أنه اعتمد على المعيارين معا: معيار طبيعة الهدف وكذلك معیار استخدامه.