أيمن سلامة : عملية صنع القرار في الولايت المتحدة الأمريكية


تعد عملية صنع القرار في الإدارة الأمريكية عملية معقدة تتضمن العديد من العوامل والأشخاص الفاعلين ،ويبدأ الأمر برئيس الولايات المتحدة، الذي يتمتع بسلطة دستورية واسعة النطاق لاتخاذ القرارات، ومع ذلك، فإن الرئيس لا يصنع القرارات بنفسه، بل يعتمد على إدارته، التي تتكون من كبار المسؤولين التنفيذيين من مختلف الإدارات الحكومية.
تلعب الإدارات الأمريكية دورًا أساسيًا في عملية صنع القرار، فهي مسؤولة عن تقديم المشورة للرئيس بشأن القضايا المهمة، وتنفيذ سياساته، ومتابعة نتائجها. تختلف الإدارات في حجمها وتأثيرها، ولكن جميعها تلعب دورًا في تشكيل السياسة الأمريكية.
بالإضافة إلى الإدارات، تؤثر مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى على عملية صنع القرار في الإدارة الأمريكية منها:
- الكونغرس: يتمتع الكونغرس بسلطة تشريعية، مما يعني أنه يمكنه تمرير القوانين التي تقيد قدرة الرئيس على اتخاذ القرارات.
- الرأي العام: يميل الرئيس إلى اتخاذ قرارات تتوافق مع آراء الرأي العام.
- الأحداث العالمية: يمكن أن تؤثر الأحداث العالمية، مثل الحروب والكوارث الطبيعية، على عملية صنع القرار في الإدارة الأمريكية.
يمكن أن تكون عملية صنع القرار في الإدارة الأمريكية بطيئة ومعقدة، ومع ذلك، فهي ضرورية لضمان أن تعكس سياسات الولايات المتحدة مصالح الشعب الأمريكي.
فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية عمل عملية صنع القرار في الإدارة الأمريكية:
أولا : عندما أعلن الرئيس جو بايدن في أبريل 2021 عن خططه لسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر 2021، كان قد استشار إدارته بشأن أفضل طريقة للقيام بذلك، وقد أصدر أمرًا تنفيذيًا في مايو 2021 يحدد إطارًا زمنيًا وخطة للانسحاب.
كانت وزارتي الخارجية ووزارة الدفاع قدمتا المشورة للرئيس بشأن العوامل الأمنية والسياسية التي يجب مراعاتها عند اتخاذ القرار، وقد أخذ الرئيس أيضًا في الاعتبار آراء الكونغرس والرأي العام. فقد كان هناك دعم واسع النطاق في الولايات المتحدة للانسحاب من أفغانستان بعد 20 عامًا من الحرب، لكن بعض المسؤولين الأمريكيين وبعض الخبراء شككوا في قدرة الحكومة الأفغانية على الصمود في وجه طالبان بعد انسحاب القوات الأمريكية.
لقد واجهت عملية الانسحاب انتقادات كثيرة بسبب الفوضى التي رافقت عمليات الإجلاء، حيث لقي 13 جنديًا أمريكيًا مصرعهم في هجوم انتحاري خارج مطار كابول في 26 أغسطس ، وقد أثار الانسحاب أيضًا مخاوف بشأن مستقبل أفغانستان، حيث استعادت طالبان السلطة بسرعة بعد انسحاب القوات الأمريكية.
في المقابل ، فقد دافع الرئيس بايدن عن قراره بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، قائلًا إنه كان من الضروري إنهاء الحرب التي كانت مكلفة للغاية للولايات المتحدة. ثانيا : عندما وَقّع الرئيس دونالد ترامب على قانون خفض الضرائب في عام 2017، فقد فعل ذلك بعد أن عملت إدارته مع الكونغرس لصياغة القانون، ولقد سعى أيضًا إلى الحصول على دعم الرأي العام من خلال حملته الترويجية للقانون.
لقد قدّم البيت الأبيض اقتراحه الخاص بالإصلاح الضريبي إلى الكونغرس في مايو 2017، وشرع الكونغرس في العمل عليه بعد ذلك، وقد تم تمرير القانون في ديسمبر 2017 بأغلبية بسيطة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
سعى الرئيس ترامب إلى الحصول على دعم الرأي العام من خلال حملته الترويجية للقانون، إذ أقام تجمعات جماهيرية في جميع أنحاء البلاد للترويج للقانون، وتحدث عن فوائده الاقتصادية، وقد زعم أن القانون سيخلق المزيد من الوظائف والنمو الاقتصادي.
وقد واجه القانون انتقادات من بعض الاقتصاديين، الذين قالوا إنه سيزيد العجز الفيدرالي، وقد زعموا أيضًا أن القانون سيستفيد بشكل غير عادل من قبل الأغنياء والشركات، ومع ذلك، فقد دافع الرئيس ترامب عن القانون، قائلاً إنه كان ضروريًا لتحسين الاقتصاد الأمريكي.
ثالثا : عندما وقع الرئيس باراك أوباما على قانون الرعاية الصحية في عام 2010، فقد فعل ذلك بعد أن واجه معارضة شديدة من الجمهوريين في الكونغرس. لقد استعان بدعم المحكمة العليا، التي أيدت القانون في النهاية. وقد تم تمرير القانون في مجلس النواب بأغلبية بسيطة من الديمقراطيين، وفي مجلس الشيوخ بتصويت 60-39، مع دعم جميع الديمقراطيين ومعارضة جميع الجمهوريين
وقد استعان الرئيس أوباما بدعم المحكمة العليا، التي أيدت القانون في النهاية، فقد حكمت المحكمة العليا في قضية "كونغرس الولايات المتحدة ضد سيتشل"، التي صدرت في يونيو 2012، حيث قررت المحكمة أن القانون لا ينتهك التعديل الخامس عشر للدستور الأمريكي، الذي يضمن المساواة في الحقوق.
وقد واجه قانون الرعاية الصحية انتقادات من بعض الخبراء، الذين قالوا إنه كان سيزيد من النفقات الطبية ويضر بالرعاية الصحية في الولايات المتحدة، وقد زعموا أيضًا أن القانون كان سيفرض عبئًا كبيرًا على الشركات الصغيرة والعائلات. ومع ذلك، فقد دافع الرئيس أوباما عن القانون، قائلًا إنه كان ضروريًا لتوسيع نطاق التغطية الصحية للمواطنين الأمريكيين، وقد قال أيضًا إن القانون سيساعد على خفض التكاليف الطبية وتقليل التفاوت في الرعاية الصحية، وقد أدى قانون الرعاية الصحية إلى زيادة نسبة الأمريكيين الذين لديهم تأمين صحي، فقد ارتفعت نسبة الأمريكيين الذين لديهم تأمين صحي من 85٪ في عام 2010 إلى 91٪ في عام 2020.
صفوة القول ، رغما أن الدستور الأمريكي يمنح سلطات و اختصاصات دستورية واسعة لرئيس الولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن الرئيس لا ينفرد بصنع القرارات بنفسه، بل يتشارك معه هيئات ومؤسسات حكومية أخري .