فرقة قنا …”٦٢ سنة فنون شعبية”


في مثل هذا اليوم ١٦ يونيو من العام ١٩٦١ انطلقت فرقة قنا للفنون الشعبية على يد مؤسسها الفنان العبقري سيد جاسون والتي تعد تاريخيا واحدة من الثلاثة الكبار في مصر مع فرقة رضا و الفرقة القومية ، وعلى مر تاريخها المرصع بالامجاد والجمال والابداع قدمت رقصات تتفجر بالصدق والفن ، سواء بالكلمة من عمنا سيد جاسور والشاعر مبارك ومن بعدهما حمل الراية الشاعر صفوت البططي او بالحركة من تصميم المبدع محمد حسن او الجمل الموسيقية الجميلة والسلسة والمبهجة لكل من المتمكن احمد علي والموهوب عبدة اسماعيل .
وصور في هذه الرقصات راقصوا الفرقة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الرائع محمد حسن وصفوت لبيب وعزالعرب الديري وعبده مرتضى مرورا برمضان محمود وسمير ارمندو وفاضل صابر ومحمد كشك وعبدالوهاب معوض ومصطفى ابوالمجد واحمد عاشور وبهاء عيسى وشقيقه ضياء ومها فتحي وزيري وصولا الي احمد فؤاد ورفاقه باجسادهم وقائع تصور انفعالات مجتمعنا القنائي فى أفراحه واتراحه ، فى جموده وانطلاقاته بإحساس غني بالمعاني ، والإجتراحات الفريدة، على صعيدي الشكل والمضمون. حتى انه شبهت بانها لوحات على صدر الزمن .
ويكفي قنا فخرا فخر ان هذه الرقصات اصبحت تدرس في اكاديميات الفنون في عدة دول من قارات العالم لصدقها وروعة تجسيد راقصيها للكلمة والجملة الموسيقية في لوحات تشكيلية بارعة الرسم .ومنها رقصات :السد العالي التي تقول كلمات أغنيتها خبر ايه ...خبر ايه.. خبر ايه ...القطر اتأخر ليه ...ياخبر ليفوت طوالي ...ورئيسنا وعدنا عليه ...جنروح يابوي على اسوان ...حنقضي فيها ايام وليالي ...جدي يابوي بني الخزان ...وانا اللي حبني السد العالي ، كلمات في منتهى العبقرية لخصت اللحظة ، وأرخت للحدث ، وشحنت الوجدان بعشق الانتماء واعطت دوافع وحوافر للبناء وابرزت التحدي في وجه الاعداء واعطت للدنيا درس في الاصرار على البقاء في عزة واباء .
من ابرز رقصات الفرقة "رقصة التحطيب" والتي تقول كلمات أغنيتها التي رقص عليها راقصيها "انا صعيدي وأبويا صعيدي من قنا ،فخر واصل ونسب من زينا، لو لفيت الدنيا من شرقها لغربها ما تلاقي مثلنا" ، وكان لهذه الرقصة دورا كبيرا في لفت انتباها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في اضافة"التحطيب"إلى قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي للبشرية
والتحطيب أداة ورمز، لها جذورها في التراث الصعيدي حيث تعد إحدى الظواهر الشعبية فى الصعيد التى ترمز فى مجملها إلى القيمة نفسها؛ وهى البطل الشعبى ابن النيل فى مواجهة التحدى وتحقيق الانتصار ليس للذات.إنما لموطن انتمائه
والتحطيب اداة الشجعان قديمة قدم التاريخ بل بدات قبل ظهور الحضارة نفسها و تركت لنا العصور الحجرية القديمة وعصور ما قبل التاريخ العديد من الرسوم المنقوشة على صخور التلال الحجرية للمعابد المتناثرة فى مصر بامتداد النيل وبصفة خاصة على جدران معبد الكرنك ومنها خرجت جميع أنواع العاب المبارزة .
وتميزت رقصة "القلل التي احدثت بما يشبه الثورة عند عرضها في القاهرة من حيث الاداء والكلمة والجمل الموسيقية والكلمة التي قالت:الصيف ما بقاش عندنا حاجة...وقدرنا نقابله بميت حاجة
عندنا تكييف من صنع لطيف...واحنا اللي بدعنا التلاجة ...تلاجة بلدي وشعبية...مضمومة يا بوي مية المية...وتمنها قرش يا بلدية...أرخص من كده عاوز حاجة...الصيف ما بقاش عندنا حاجة:.علاوة على تابوهات ،القهوة والسوقوالرقصة الدينية واستعراض الربابة.
والرقص الشعبي القنائي وحي من نبع الحياة و رمزاً صميماً لأصالتنا فى أروع معانيها ، وعمق بساطنها وصفاء سجيتها وروعة مكانتها ويظهر هدا جليا في اللوحات الاستعراضية التي قدمتها الفرقة والتي استمدت من حكاياتنا الشعبية التى تعد من أهم ذخائرنا ، ونفائس تراثنا المتدفق من أعماق جذورنا الضاربة فى إغوار الماضى ، وسجل حاضرنا الذى نعيشه.
شكرا الي "قنا" الارض التي ربتنا والهمتنا تراث لا يفنى وحضارة لا تموت ومواهب شاهدة على ان قنا موطن الإبداع والإلهام التي كانت لي فيها ايام مليئة بكل الوان البهجات ، رسمت في أعماقي قلب عشقت به الجمال ونبض يغرد تحت الضلوع مطمئنا في حماها حتى بلع من حنوها منتهاه.