أيمن سلامة : كيف يفرض مجلس الأمن وقف اطلاق النار في السودان بقوة السلاح ؟


يتعين على الأمم المتحدة أن تتعامل أكثر فأكثر مع الحالات التي لا تحصل فيها على "الموافقة" الكاملة لتنفيذ أهدافها لحفظ السلام حين تحاول منظمة الأمم المتحدة نشر المراقبين العسكريين ،و الشرطيين ،و المدنيين غير المسلحين في منطقة الصراع المسلح ، وبالتالي تواجه الأمم المتحدة معضلة غير سارة تتمثل في الانسحاب من منطقة المهمة (سيناء-مصر) كما حدث حين رفضت مص في مايو 1967 استمرار قوة الطوارئ الدولية الأولي للأمم المتحدة ، والقيام بأنشطتها أثناء القتال المحتدم فيما بعد في يونيو 1967 مع إسرائيل .
كما يمكن لمجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة استخدام سلطة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لفرض السلام بالوسائل العسكرية التي تتسلح بها تشكيلات انفاذ السلام كما حدث في جمهورية يوغسلافيا السابقة (البوسنة و الهرسك 1992-1995) والصومال في مطلع تسعينات القرن الماضي .
هناك ظاهرة جديدة في مجال (انفاذ السلام) تتمثل في استخدام االوحدات و التشكيلات المساهمة في عملية (انفاذ السلام) لضمان التسليم الآمن للمساعدة الإنسانية في حالات الصراع المسلح حيث لا يوجد وقف لإطلاق النار ، ولكن تبذل جهود صنع السلام ،والمشهد السوداني الحالي مرشح و لكن بشروط عديدة مسبقة .
المثالان الصارخان لعمليات انفاذ السلام المنظمة لغرض ضمان إيصال المساعدة الإنسانية هما عملية الأمم المتحدة الأولي في الصومال (عملية الأمم المتحدة الأولى في الصومال (UNOSOM I ، قبل وصول فرقة العمل الموحدة في ديسمبر 1992 ، تحت قيادة الولايات المتحدة) ، وعملية قوة الأمم المتحدة للحماية في يوغوسلافيا السابقة(1992-1995) في كلتا الحالتين ، حاولت الأمم المتحدة العمل كوسيط محايد للتوصل إلى اتفاق سلام ، بينما كانت تحاول إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين الذين فاجأهم الصراع.
لكن فعل تقديم المساعدة أو محاولة إيصالها لم يُعتبر دائمًا محايدًا ، لا من قبل الفصائل المتحاربة ولا من قبل غالبية السكان، وتزايد إطلاق النار على موظفي المساعدة الإنسانية التابعين للأمم المتحدة أثناء أدائهم لواجبهم ، لأنه نُظر إليهم على أنهم يساعدون القوات المعادية.
في هذه الحالات ، تبدو مسألة الموافقة من قبل الدولة المضيفة لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام موضع نقاش في غياب سلطات سيادية واضحة في أرض المهمة المرتقبة لحفظ السلام مثل البوسنة والهرسك ،والصومال، ومالي ، وجمهورية الكونجو الديمقراطية تدليلا .
أيضا في السياقات الأمنية المغايرة ،والتي تصبح فيها الأمم المتحدة في وضع لا يسمح لها بالحفاظ على السلام ، بل هي منخرطة في الحرب، كما حدث في تسعينات القرن الماضي في جمهورية البوسنة و الهرسك ،والصومال ، كان على هذه العمليات النظر في اللجوء إلى ردود عسكرية على الأرض ، مثل فتح النار على المتاريس قبل مهاجمتها ، ونشرت الأمم المتحدة أسلحة أثقل بكثير في أرض المهمة بدعم من الدول المساهمة في عملية انفاذ السلام الدولية .
يشير (انفاذ السلام) عمومًا إلى الحالات التي يُسمح فيها لقوات الأمم المتحدة ، التي كانت تتمركز في البداية بين الجانبين كجزء من عملية (حفظ السلام )التقليدية بموافقة تلك الأطراف ، باستخدام القوة في حالة انتهاك وقف إطلاق النار، وسيكون هذا هو الوضع ، إذا قامت الأمم المتحدة ومنظمه دولية مثل الناتو بتدخل عسكري هجومي لفرض أحكام أي خطة سلام محتملة كما حدث في البوسنة و الهرسك والصومال في تسعينات القرن الماضي .
مثل هذه القوة الدولية لن تعمل فقط دفاعًا عن النفس ، ولكن أيضًا لإسكات الأطراف المتحاربة التي تصر على انتهاك وقف إطلاق النار، ففي العملية الأمم المتحدة الثانية في الصومال في تسعينات القرن الماضي ، ُصرح لجنود الأمم المتحدة باستخدام القوة للدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات أو ضد الأطراف التي تستخدم القوة لمنعهم من تنفيذ مهمتهم المتمثلة في خلق بيئة آمنة لعمليات المساعدة الإنسانية.
ختاما ، يستطيع مجلس الأمن في ظل المشهد الإنساني المأساوي في السودان أن يأمر بنشر قوات ( إنفاذ السلام) بموجب قرار يتأسس علي الفصل السابع من ميثاق المنظمة ، من أجل وقف اطلاق النار في السودان ، بغرض ضمان تقديم المساعدات الإنسانية ، و في هذه الحالة لا يستلزم موافقة الدولة المضيفة علي نشر مثل هذه القوات .