أيمن سلامة : الاجراءات الانتقامية الاسرائيلية ضد فلسطين محظورة في القانون الدولي


لجأت فلسطين المكلومة منذ عام 1967 بأطول احتلال عسكري غاصب في التاريخ الحديث ، إلي محكمة العدل الدولية – بواسطة الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة – لتستفتي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة في مسائل قانونية جد مهمة مفادها ، تكييف ماهية الاحتلال الإسرائيلي العسكري الذي طال أمده ، وما إذا كان ذلك الاحتلال يشكل حالة من حالات الاستعمار المحظورة بموجب قرارات المنظمات الدولية والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية .
لكن الأهم في ذات الصدد ، أن الجمعية العامة للمنظمة طالبت المحكمة بأن تدلي برأيها الاستشاري حول تعطيل الاحتلال الإسرائيلي لنيل الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره ، و الأخير أي حق الشعوب في تقرير مصيرها يمثل قاعدة آمرة من القانون الدولي و تحظي بحجية مطلقة تجاه الكافة .
بادرت إسرائيل من فورها باتخاذ إجراءات انتقامية يحظرها القانون الدولي العام ؛ وقامت بقرصنة الأموال الفلسطينية بما يناهز مليارات الشواقل الإسرائيلية ،والإجراءات الانتقامية الإسرائيلية اتخذتها دولة الاحتلال لمجرد إصرار الشعب الفلسطيني علي نيل حقه في تقرير مصيره ، و هو الحق الدولي الذي لا يسقط بالتقادم ، و لا يجوز تجزئته أو الانتقاص منه أو حتي المساس به .
تُفهم الأعمال الانتقامية علي أنها إجراءات إكراه مخالفة للقواعد العادية للقانون الدولي، تتخذها دولة ما إثر أعمال غير مشروعة ارتكبتها ضدها دولة أخري، و تهدف إلي إجبار هذه الأخيرة، بواسطة الضرر، علي احترام القانون. كما تعني هذه العبارة نزعة عدوانية لإلحاق الضرر بالآخرين انتقاما منهم .
يُقصد بعبارة حظر الأعمال الانتقامية امتناع أطراف النزاع عن القيام بأفعال إزاء الطرف الآخر بقصد إرغامه علي الموافقة علي تسوية النزاع الذي كانت هي سببا في نشوئه نتيجة إخلالها بالتزام يقرره القانون الدولي، كما عرفه البعض بأنه فعل قسري منافٍ للقانون يتخذ ردا علي فعل مماثل مناف للقانون . وقد سبق أن عرفت أعمال الانتقام بأنها " أفعال غير مشروعة دوليا و مضرة تتخذها دولة إزاء دولة أخري، استثناءً مسموحا به لإكراه الدولة الأخيرة علي قبول التسوية المناسبة للخلاف الناجم عن جريمة دولية".
تكون الأعمال الانتقامية في زمن السلم، حتي ولو اشتملت علي استخدام القوة، أعمالا شرعية إذا توافرت فيها ثلاثة شروط أساسية ، وهي 1- أن يكون عمل الدولة المذنبة غير شرعي، 2- أن يكون العمل الانتقامي "غير شرعي" قد سبقه " طلب بالتعويض ولم يلب ذلك "، 3- يجب أن يكون هناك درجة معقولة من التناسب بين العمل الأصلي و العمل الانتقامي .
ختاماً ، تُعد الإجراءات الانتقامية الإسرائيلية انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي ، وفي الصدارة من هذه المبادئ القواعد الآمرة ، فضلا عن قرارات الشرعية الدولية، الأمر الذي يتطلب موقفا دوليا حازما تجاه هذه الانفلات الإسرائيلي .