الثلاثاء 19 مارس 2024 10:29 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

أيمن سلامة : ذكري رحل الفارس المصري الإفريقي بطرس بطرس غالي

النهار نيوز

مرت خمس أعوام ونيف ،علي رحيل بطرس بطرس غالي المصري العربي الإفريقي القادم ، ولأول مرة من الجنوب ، ليبهر الشمال المتغطرس بألمعيته ، ويباغت الغرب المتغول بحنكته .

رحل أسطون القانون الدولي ، و فحل المنظمات الدولية ، ومحتكر السابقات، وسيد الإنجازات ، وعظيم الاسهامات ، ومتعدد المناصب ، وكريم المناقب ، وعزيز الشمائل ، و جَوّاد الفضائل .

رحل مهندس السلام ، و الشاهد على استلام المرحلة الأخيرة من سيناء المحررة في العريش ، المعضد لبطل الحرب و السلام حين عزفت الكرة الكاثرة ، لكن رؤيته المبصرة ، وخبرته الذاخرة ، و فطنته الباهرة ، مكنته من إدراك القائم واستشراف القابل .

رحل أول أمين عام لمنظمة الأمم المتحدة يدافع عن استقلالية وحيادية المنظمة من غول "اليانكي "، و التسلط الأنكي ، والتجبر الأشري ، للإمبريالية المقيتة التي ما برحت سُنة تليدة و ممارسات عتيدة للغرب الأبيض .

رحل أول أمين عام لمنظمة الفرنكوفونية وحاز اجماع الدول الافريقية قاطبة لم يحظ به أي أمين عام لأي منظمة دولية .

بالرغم أن بطرس غالي الراحل الكبير تعامل مع الجني الأمريكي في نيويورك ، وبالرغم من إهانة الأمريكية مادلين أولبرايت له غير مرة حين تشبث بالقانون في مواجهة البهتان و الظنون ، للحد الذي سخرت منه وقالت له : " لا تنسي من يدفع لك راتبك " ، فلا مشاحة أن قصر حجتها أطال لسانها ، فغفلت عن أن لكل مقام مقال و لكل منظمة رجال .

هاجمه البعض لفشل المنظمة في يوغوسلافيا السابقة و الصومال ، و كأن المنظمة الدولية لديها جيش جرار عرمرم دائم ، فكان رده الحاسم :الاتهام يوجه للئام الذين رفضوا مطالبات المنظمة ، وفضلوا مصالحهم على مصالح الجماعة الدولية قاطبة ، وكانت مصالحهم الذاتية دوما غالبة .

رحل الأكاديمي المُخبّر ، و الدبلوماسي الأغر، و الوزير الأقدر، فصاغ أول " خطة للسلام " ، و دشن أول " دبلوماسية وقائية أممية " ، وحشد أول " اجتماع رئاسي لمجلس الأمن " .

رحل نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة للشؤون الخارجية فنزع فتيل الأزمات المصرية الإفريقية ، وأعاد مصر للاشتراك في قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام الدولية ، بعد عزوف دام ما يربو عن ثلاثة عقود 1961-1991 ، فذهبت قوات حفظ لسلام المصرية إلى يوغسلافيا السابقة والصومال في بداية التسعينات في معتركين حاميين الوطيس .

رفض غالي الإذعان للتسلط الأمريكي على حساب الأمم المتحدة ، و رد علي مبارك بحماسة متقدة : " يا ريس الفيتو الأمريكي على تجديد ولايتي أثقل ميزان ،وأسطع تبيان لما حققته للأمم المتحدة " .

رفض غالي قرار السادات تعويض أسرة باشا غالي عن التأميم الذي طال أسرتهم عام 1952 قائلا : " أرفض أن يتم تمييز أسرتي على أحد أحاد المصريين " .

كان الفقيد مقاتلا عنيدا ، وبطلا صنديدا ، و الصورة دوما أصدق من الكتب ، فالمباحثات الماراثونية في كامب ديفيد عام 1979 لم تكن مفاوضات الحملان و لا مشاورات الحيتان ، بل كانت قتال الأضداد ونزال الأنداد ، وكان هناك في ساحة الوغي ، الأسمرالرهوان بن النيل الديدبان .

أما قبرص عام 1978 وحين سحبت مصر اعترافها بقبرص بعد الحادث الإرهابي ضد طائرة الركاب المدنية الفلسطينية ، لم يجد السادات أذكي من غالي كي يغامر به في الحادث الأنكي ، ففعلها غالي و عاد بأبطال الصاعقة المصرية بقدهم وقديدهم ، وكامل أسلحتهم و معداتهم من مطار لارناكا القبرصي .

أما العريش فقد شهدت أبرز " إنذار " باللغة الدبلوماسية و القانونية وجهته مصر لإسرائيل في أبريل عام 1982 على لسان بطرس غالي ، حين رفضت إسرائيل الانسحاب عن الموعد المجدول مسبقا .

ختاما ، لم يفلح غالي في منصبه ولم يرتفع في مرتبه بدون جهود الثلة المنتقاة من الدبلوماسيين المصريين : هشام الزميتي ، وفايزة أبو النجا ، و محمد العرابي ، وعلى الحفني .