الأربعاء 20 أغسطس 2025 08:06 صـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

السياسة والبرلمان

الدكتور أيمن سلامة : قيود استخدام الأسلحة المتفجرة في المدن المأهولة بالسكان .

النهار نيوز

يثير النزاع المسلح الدولي المندلع منذ أسبوعين في الخاصرة الشرقية لأوروبا " أوكرانيا " فضلا عن عديد النزاعات المسلحة الأخرى الدولية وغير الدولية أيضا في مدينة بورسعيد المصرية أثناء حرب السويس 1956 ،وغزة - إسرائيل غير مرة ، والعراق عام 2003 ،وأفغانستان 2001- ، 2021، وفيتنام 1964-1975 والحرب الاسبانية الاهلية 1936-1939 ، المخاوف و الشواغل بشأن شرعية استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان ، بالنظر إلى العواقب الإنسانية الكارثية علي المجنيين والاعيان المدنية ، والتي تطالها هذه الأسلحة المتفجرة تحديدا .

ذهبت اللجنة الدولية إلي أن الأسلحة المتفجرة التي لها آثار واسعة النطاق يجب ألا تُستخدَم في المناطق المكتظة بالسكان بسبب الاحتمالية الكبيرة أن يفضي استخدام هذه الأسلحة آثارًا عشوائية، وهو ما يعني أن استخدامها ضد أهداف عسكرية موجودة في مناطق مأهولة من المرجح أن يخالف أحكام القانون الدولي الإنساني التي تحظر الهجمات العشوائية وغير المتناسبة، في إشارة صريحة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمبادئ عديدة من مبادئ القانون الدولي الإنساني و أهم هذه المبادئ: التمييز بين المدنيين والمحاربين

يمكن تعريف الهجمات العشوائية بأنها:" تلك الهجمات التي من طبيعتها أن تصيب أهدافًا عسكرية ومدنيين أو أعيانًا مدنية دون تمييز، لا سيما لأنها تستخدم وسائل وأساليب للحرب لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد أو لا يمكن حصر آثارها على النحو المطلوب في القانون الدولي الإنساني.

يحظر مبدأ التناسب أحد مبادئ القانون الدولي الإنساني الهجوم " الذي يمكن أن يُتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضرارًا بالأعيان المدنية، أو أن يُحدث خلطًا من هذه الخسائر والأضرار، يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة".

يجب أيضا أن يحسب المهاجم الحسابات الدقيقة التي تقارن بين المزايا العسكرية التي يتفوق بها علي خصمه المحارب مع الأضرار الجانبية أو العرضية الي يمكن أن تقع في صفوف المدنيين المخالطين أو القريبين من الأهداف العسكرية المشروع استهدافها ، وذلك يبرز في هذه الحالة مبدأ "الاحتراز أثناء الهجوم - وهو أحد أحكام القانون الدولي الإنساني – و الذي يلزم أطراف النزاع المسلح بتوخِّي الحذر الدائم في إدارة العمليات العسكرية من أجل تجنيب السكان المدنيين والأشخاص والأعيان المدنية الآثار المترتبة عليها." يعني ذلك أن المحارب المهاجم ، حين يخطط للهجوم ، أو يقرر الهجوم علي الأعيان العسكرية المشروعة أن يحتاط ويتخذ جميع الاحتياطات المستطاعة عند اختيار وسائل وأساليب الهجوم من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم أو الأضرار بالأعيان المدنية، وعند إدارة الأعمال الحربية في المناطق المأهولة بالسكان، يلزم حكم الاحتياطات أطراف النزاع باختيار أكثر الأسلحة المتاحة دقةً أو التماس أسلحة و/أو تكتيكات بديلة.

بدهي أن أي قائد عسكري يتوافر لديه البيانات و الأدلة الكافية التي يحصل عليها من خلال الاستطلاع و جمع المعلومات و في الحروب الحديثة من خلال الوسائل المتقدمة تكنولوجيا و منها الأقمار الصناعية ، ويستطيع القائد العسكري نفسه أن يجري ومستشاروه تقييم ما إذا كان الهجوم عشوائيًّا أو غير متناسب، وهذه العملية الضرورية بموجب القانون الإنساني يجب أن تسبق الهجمات التي يعتزم القائد العسكري القيام بها ، وتشمل هذه المعلومات الآثار المتوقعة للأسلحة التي تحت تصرفه في ضوء خصائصها الكامنة، وكذلك ملابسات استخدامها، ومنها البيئة المادية التي يوجد فيها الهدف العسكري وإمكانية استضعاف السكان المدنيين وتعريض الأعيان المدنية في المناطق المحيطة للخطر.

بالرغم من ذلك و حتى بعد اتخاذ كل هذه التدابير والاحتياطات، من قِبل المحارب المهاجم فإن أسلحة متفجرة مُعيَّنة قد يكون لها آثار عرضية ملموسة فورية وعلى الأمد الطويل على المدنيين والأعيان المدنية عند استخدامها في المناطق المأهولة بالسكان، لذلك تبدو أهمية التقييم المبدئية التي يقوم بها القائد العسكري.

في كل الظروف والأحوال، يتحمل القائد العسكري مسؤولية تقليل الآثار العرضية للهجوم على المدنيين، وتزداد هذه المسؤولية في بيئة يُشكِّل فيها المدنيون والبنية الأساسية المدنية الخصائص الرئيسية لمسرح العمليات، والمشهد الأوكراني الحالي أصدق من الكَلَمِ. أحيانا يتعمد الطرف الخصم " الأضعف" الاختلاط بالمدنيين لحماية أنشطته العسكرية، وهذا السلوك يخرج عن السلوك الشرعي للمحاربين بموجب المواثيق الدولية للقانون الإنساني ، وبالرغم من ذلك فلا يجوز للمحارب المهاجم أن يبرر سلوكه في المقابل بالتحلل من مبادئ الإنسانية و التمييز و الاحتياطات قبل الهجوم وعدم الحاق ضرر جسيم لا طائل منه ، لذلك تتطلب حرب المدن عملية تحليلية أكثر استقصاء أثناء مرحلة التخطيط، وكذلك في العملية المعقدة لاتخاذ القرارات في الحالات الواقعية، وكما هو مُبيَّن سالفاً، ينبغي للقائد العسكري أن يأخذ في الحسبان عددًا أكبر من العوامل عند إدارة الأعمال الحربية في المناطق المكشوفة