الخميس 27 نوفمبر 2025 05:02 مـ
النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز
  • جريدة النهار نيوز

رئيس مجلس الإدارة د. يحيى عبد القادر عبد الله

رئيس التحرير جودة أبو النور

المقالات

د. محمود ابوعميرة يكتب يوم الإمارات الوطني… حكاية مجد لا يعرف النهاية

النهار نيوز


في الثاني من ديسمبر من كل عام، تُشرق على سماء الإمارات شمسٌ ليست ككلّ الشموس، شمسٌ تحمل في ضيائها ذاكرة وطن، وحكاية اتحاد، ومسيرة شعب حمل الحلم على كتفيه، فصار الحلم وطناً، وصار الوطن رايةً ترفرف في قلب التاريخ.
إنّه اليوم الوطني الإماراتي؛ المناسبة التي تستعيد فيها الإمارات العربية المتحدة لحظة الميلاد العظيم عام 1971، يوم ولدت دولة حملت في جوهرها معنى الوحدة، وفي روحها رسالة الحضارة، وفي خطاها عزيمة القادة العظماء الذين أعادوا رسم ملامح الخليج والمنطقة والعالم.
نعم لقد كان ميلاد الاتحاد بمثابة صوتٌ يعلن معه بداية عصر جديد، فلم يكن الثاني من ديسمبر يوماً عادياً، بل كان تتويجاً لرؤيةٍ حكيمة بدأت في 18 يوليو 1971، حين اجتمعت إرادة ست إمارات عاشقة للاتحاد: أبوظبي، دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، والفجيرة، لتقول للعالم إن الوحدة قوة، وإن القلوب إذا اتحدت تصنع المستحيل، ثم جاءت إمارة رأس الخيمة في العاشر من فبراير 1972 لتكمل العقد، فاكتمل اتحادٌ أصبح من أعظم التجارب السياسية والتنموية في العصر الحديث.
فلم يجتمع حكّام الإمارات على وثيقة فحسب، بل اجتمعوا على قيمة، على مصير واحد، ورؤية مستقبلية لمكانٍ أرادوا له أن يكون وطناً يليق بأبنائه، وحضناً يحتضن أحلامهم، وسفينة تعبر بهم نحو الغد، نعم لقد كان الداعين والمؤسسيت للدولة قادة من نور، استطاعو ان يسطروا صفحات المجد باحرف من ذهب.
ويقف في مقدمة هذا الإنجاز التاريخي القائد المؤسس، المغفور له الشيخ / زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الرجل الذي جمع الحكمة بالرحمة، والرؤية بالإيمان بقدرة الإنسان، وحوله وقف اشقاءه حكّام الإمارات، رجالاً من نور، أدركوا أن مستقبل المنطقة يحتاج إلى وحدة لا إلى تشتت، وإلى اتحاد لا إلى انقسام.
وبعزيمتهم، وحكمتهم، وحنكتهم السياسية، تحوّل الاتحاد إلى لوحة واحدة تحمل اسم “دولة الإمارات العربية المتحدة”، دولة تملك اليوم علماً واحداً، جوازاً واحداً، نشيداً واحداً، وقلباً واحداً يخفق بحب الأرض والإنسان.
فما إن وُلد الاتحاد، حتى انطلقت الإمارات في مسيرة نهضتها الكبرى من رمال الأمس إلى قمم العالم ، فأصبحت دولة تمثل نموذجاً عالمياً في: الاستقرار السياسي الذي جعلها من أكثر دول العالم أماناً ورسوخاً، وفي الاقتصاد المتين الذي حوّلها إلى مركز مالي عالمي وقبلة للاستثمار، وفي التنمية البشرية التي جعلت الإمارات في مقدمة العالم في جودة الحياة والتعليم والصحة، وكذلك في التخطيط العصري المذهل الذي جعل مدنها درراً مضيئة على خارطة العالم، والابتكار والفضاء وقدمت مشاريع كبرى لا تُقاربها إلا الأمم العظمى.
إنها دولة صنعت لنفسها مكانة حضارية تُرفَع لها القبعات، وتجد صدى حداثتها اليوم في أبوظبي ودبي والشارقة وبقية إمارات الوطن، حيث الإبداع يتنفس والنهضة تنبض.
ومع كل هذا الاندفاع نحو المستقبل، لم تنس الإمارات جذورها، ولم تتخلّ يوماً عن هويتها، فقد نبعت من تراث أصيل وهوية لا تنكسر، فالتراث الإماراتي ليس مجرد موروث ثقافي، بل هو روحٌ حية، وهويةٌ نابضة، وجمالٌ متأصل في: مجالس الرجال التي يملأها السمر والحكمة، وفي الشعر النبطي الذي يشبه الخليج في اتساعه وعذوبته، والصقارة والفروسية وسباقات الهجن التي تروي قصص الشجاعة والنبل، وفي العمارة التقليدية برمليّاتها وأقواسها، التي تقف شامخة بجوار أبراج الزجاج الحديثة.
فتراث دولة الامارات ليس ماضياً يروى، بل جذراً يمد المستقبل بقوته، وهوية تزرع في القلوب الانتماء، وتُعلّم الأجيال أن الحداثة حين لا ترتبط بالأصل تفقد معناها.
نعم أصبحت الإمارات اليوم دولة تحتضن العالم، لانها تعبر عن شعب واحد وقلب واحد وولاء واحد، فأكثر من 200 جنسية تعيش على أرضها بانسجام واحترام، ليبقى قلب الإماراتيين هو النبض الحقيقي الباعث على جودة الحياة وروعة الانسان.
وأصبح علمٌ الدولة يرفرف فوق كل بيت ومؤسسة ومدينة، يُذكّر أبناء الوطن بأنهم أبناء قصة فريدة، وأنهم ينتمون إلى وطن يعلّم العالم معنى الاستقرار، ومعنى الإنسانية، والطموح الذي لا يعرف سقفاً.
لقد أصبح اليوم الوطني هو يوم الوفاء والاعتزاز ففي يوم الثاني من ديسمبر، لا تحتفل الإمارات بذكرى تأسيس الدولة فقط، بل تحتفل: بروح قادتها الذين أسسوا الحلم، وبمسيرة الإنجاز التي استمرت حتى اليوم، وبشعبها الذي حافظ على الوحدة كما يحافظ على نبضه، وبتراثها الذي يمنحها الهوية والجمال، وبمستقبلها الذي تضيئه رؤية قيادة حكيمة تمضي بالإمارات نحو المراكز الأولى عالمياً.
إنه يوم تقول فيه الإمارات للعالم: إن الاتحاد ليس كلمة بل قدر، وإن الوحدة ليست شعاراً بل حياة، وإن الوطن حين تُبنى أعمدته على المحبة يصبح أقوى من الزمن، وان اليوم الوطني الإماراتي ليس مجرد ذكرى عابرة، بل هو أغنية وطنية تُنشد في القلوب قبل الألسن، وملحمة تُروى للأجيال جيلاً بعد جيل.
نعم لقد أصبح اليوم الوطني يوما يذكرنا بأن هذه الأرض لها جذوراً ضاربة في العراقة، وفروعاً تمتد إلى عنان السماء، وأن الإمارات، التي بدأت بخطوة حكيمة قبل عقود من الزمان، أصبحت اليوم منارة حضارية، وقصة نجاح، ورمز وحدة يضيء دروب الشعوب التي تبحث عن طريقها.
كل عام والإمارات بخير… كل عام وراية الاتحاد ترفرف في سماء العزة والكرامة والمجد… كل عام والوطن العزيز أغلى وأجمل وأعظم من كل ما مضى.

اليوم الوطني الإماراتي الامارات