جودة أبو النور يكتب: قطر: نموذج عالمي في استضافة الأحداث الرياضية، ملتقى القارات، وواحة للأمن والتسامح والإرث الحضاري

أصبحت قطر نموذجًا عالميًا في استضافة الأحداث الرياضية خلال العقود الماضية، بعدما شهدت تحولًا كبيرًا في مجال الرياضة لتصبح واحدة من أبرز الوجهات العالمية للبطولات الكبرى. ولم يقتصر إنجازها على تنظيم المباريات فحسب، بل شمل تطوير البنية التحتية، وتطبيق أحدث التقنيات، وتقديم تجربة استثنائية للرياضيين والجماهير على حد سواء، مما جعلها ملتقى القارات رياضيًا وقادرة على استقطاب الجماهير من مختلف أنحاء العالم.

اعتمدت قطر على الاستثمار في الإنسان، فبنت كوادر وطنية مؤهلة في الإدارة الرياضية والهندسة والخدمات اللوجستية والأمن والضيافة. وقد برز هذا التفوق جليًا خلال استضافة كأس العالم FIFA 2022، لتكون أول دولة عربية تستضيف هذا الحدث العالمي، مع ملاعب ذكية وتقنيات تبريد صديقة للبيئة وتجربة جماهيرية مميزة. كما نظمت البطولة في وقت غير تقليدي، ما أكسبها إشادة كبيرة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA).

استضافت قطر أيضًا مجموعة واسعة من البطولات الرياضية، أبرزها كأس العرب 2021، وكأس الخليج العربي في عدة نسخ، وبطولات آسيا للشباب. وفي مجال الرياضات الأولمبية، كانت الألعاب الآسيوية 2006 علامة فارقة، حيث شاركت فيها أكثر من 40 دولة وتميزت المرافق الرياضية بقدرتها على استيعاب آلاف الرياضيين والجماهير، مع دمج الثقافة المحلية والمعايير الدولية. كذلك استضافت قطر بطولة العالم لألعاب القوى 2019، وسباقات الفورمولا 1 (جائزة قطر الكبرى)، وبطولات التنس الدولية (ATP وWTA)، وبطولات الغولف، إلى جانب الرياضات التقليدية والفروسية مثل سباقات الخيول الدولية وكأس الأمير، وبعض فعاليات الكريكيت.

ولم تقتصر الإنجازات على الجانب التنظيمي، بل حظيت قطر بإشادات واسعة من مختلف الاتحادات الدولية. فقد أثنى الاتحاد الدولي لألعاب القوى (IAAF) على بطولة العالم 2019، وأشاد اتحادات التنس (ATP وWTA) ببطولة قطر المفتوحة، كما أشاد اتحاد السيارات الدولي (FIA) بتصميم حلبة الفورمولا 1 وتجربة الجماهير. وامتدت الإشادات لتشمل وسائل الإعلام العالمية التي أبرزت قدرة قطر على تنظيم بطولات ضخمة بكفاءة عالية، مع التركيز على الابتكار في البنية التحتية والخدمات الذكية.

تتميز قطر أيضًا بمستوى عالٍ من الأمن والأمان، حيث توفر بيئة مستقرة لمواطنيها والمقيمين والزوار. يعيش في قطر مئات الجنسيات المختلفة، جميعها تنعم بحقوق متساوية دون أي تمييز بين الجنسيات أو مع المواطنين القطريين. وتكاد تكون قطر الدولة الوحيدة التي لا تقحم الجاليات المقيمة على أرضها في أي خلافات تنشب بين دولها الأصلية، مما يعكس التزامها العميق بالتعايش السلمي والاحترام المتبادل. هذا المجتمع المتعدد الجنسيات يعزز روح التسامح والانفتاح، ويجعل قطر نموذجًا عالميًا للسلام المجتمعي والتعاون بين الثقافات.

لم تكن البطولات الرياضية في قطر مجرد أحداث رياضية، بل كانت منصات لتعزيز الهوية الثقافية والحضارية، حيث انعكس التراث القطري في تصميم الملاعب والمرافق وفي الفعاليات المصاحبة التي عرّفت العالم بالثقافة العربية، ما جعل التجربة الرياضية متكاملة من حيث التنظيم والثقافة والضيافة.

من خلال موقعها الاستراتيجي، وبنيتها التحتية المتقدمة، وكفاءاتها البشرية، وإرثها الحضاري، إضافةً إلى الأمن والاستقرار والمجتمع المتسامح، أثبتت قطر أنها قادرة على تنظيم أكبر الأحداث الرياضية بكفاءة وتميز. ومع البطولات المقبلة مثل كأس العالم تحت 17 سنة 2025 وكأس العرب 2025، تواصل قطر ترسيخ مكانتها مركزًا رياضيًا عالميًا يجمع الشعوب والثقافات ويعكس قيم الابتكار والأمان والتسامح، ليصبح نموذجًا يُحتذى به عالميًا في استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى.