حين يختبئ الخطأ خلف الثغرات

في حياة الناس نوعٌ من البشر يثير العجب،

ذلك الذي كلما ارتكب خطأً، لا يواجه نفسه، ولا يعترف بزَلّته، بل يبحث عن ثغرةٍ هنا أو هناك، يظنها بابَ نجاةٍ من الحساب. يعيش في ظلال المراوغة، يفتّش في هفوات الآخرين ليُخفي عورته، ويُقنع نفسه أنه بمنأى عن العقوبة.

هو لا يُخطئ فحسب، بل يُزيّن خطأه بخيوط التبرير، ويتخذ من التلاعب درعًا واقية. فإذا شعر بأن الخطر يقترب، رفع لواء التهديد والإيذاء، ظنًّا منه أن الخوف سيكتم الأفواه، وأن الصمتَ سيتكفّل بإخفاء الحقيقة.

إنها شخصيةٌ واهنة من الداخل، تحيا على الوهم وتغتذي من الخداع. تتقن فنَّ الهروب من المسؤولية، لكنها تجهل أن العدالة — وإن تأخّرت — لا تُخطئ هدفها.

فما من ثغرةٍ تكفي لتُخفي ظلَّ الذنب، وما من صوتٍ عالٍ يستطيع أن يخرسَ ضميرًا صاحيًا.

ويبقى الحقُّ في النهاية كالشمس، لا يحجبه غبار الحيلة، ولا يخنقه دخان التهديد.

فالصدق نور، ومن اختبأ خلف الزيف إنما يختبئ عن نفسه أولًا… ثم يسقط، لا بعقوبةِ غيره، بل بوزنِ ذنبه.