الكاتب الصحفي مصطفى جمعة يكتب: أيمن أبو عايد… له بين الصحفيين المتميزين مهنيًا وأخلاقيًا ذكرٌ في العُلا خلدًا


استعادت محافظة قنا التاريخية بريقها داخل أروقة مؤسسة الأهرام العريقة، سواء على مستوى الكلمة أو الإدارة، بعودة الصحفي القدير أيمن أبو عايد إلى موقعه مشرفًا عامًا على القسم الرياضي.
أيمن ليس مجرد زميل مهنة، بل هو تجسيد للخلق والمهنية معًا، سليل عائلةٍ لها من الذكر الطيب ما بقيت الذاكرة، وعلامة بارزة في سجل الكرامة الصحفية والمهنية.
قنا تصنع رجالها
عاد أبو عايد لينضم إلى قافلةٍ من أبناء قنا الذين حملوا راية المجد، ورفعوا عناوين الكرامة، وكانوا في حياتهم عنوانًا للعلو في المواقف، والنزاهة بالكلمة، والوفاء بالعهد.
قنا، التي أطلق عليها اليونانيون القدماء اسم “كاينيبوليس”، أي المدينة الجديدة، أنجبت رجالًا جعلوا من الكلمة سيفًا للحق، ومن القلم وسيلةً لبناء المجد. ولم تكن العودة إلى “الأهرام” إلا استمرارًا لهذا الإرث، الذي يتجلّى في شخصية أيمن أبو عايد بكل وضوح.
سليل حضارتين
أيمن أبو عايد ليس نتاج حاضرٍ فقط، بل هو ابن حضارتين:
- حضارة فرعونية عمرها سبعة آلاف عام
- وحضارة إسلامية عمرها أكثر من أربعة عشر قرنًا
هذا المزيج الحضاري منح قلمه نكهة خاصة، ومنحه القدرة على بناء الجسور بينه وبين قرّائه. تتجلى أعماله الصحفية في وحدة عضوية متماسكة، ذات رؤية ناضجة، وشخصية تنضح بالمصداقية.
الصحافة عنده… عبادة وكلمة حرة
منذ أن التحق بمؤسسة الأهرام، حمل أيمن أبو عايد قلمه كمن يحمل رسالة. لم تكن الصحافة لديه وظيفة، بل عبادةٌ خالصةٌ وقربى إلى الله، وصناعة للأمل، وانتصارٌ للمظلوم بالكلمة الصادقة.
صياغاته الصحفية، خصوصًا في المجال الرياضي، كانت تحمل مضمونًا فريدًا، إذ يتعامل مع كل مقال وكأنه قطعة أدبية، لا تخلو من التجديد، والدهشة، واستدعاء المعلومات بدقة وعمق.
المقال عنده بناء لا اجتهاد
كل فقرة في مقالاته لها دلالتها، وكل عبارة لها مغزاها، وكل كلمة في محلها. فهو لا يكتب بانفعال عابر، بل يبني مقالاته كمن يشيد بنيانًا متينًا، له قواعده ومعماره، وتفاصيله الدقيقة.
وهذا التميز في الأسلوب والجوهر هو ما جعله محل ثقة داخل مؤسسته، ودافعًا لاختياره مشرفًا عامًا على أكثر الأقسام الصحفية ديناميكيةً وتأثيرًا.
قادم من أبوتشت… وفي قلب الصحافة
من مركز أبوتشت شمال قنا، ذاك الطريق المؤدي إلى الصحراء، خرج أيمن ليضيء سماء الصحافة، كما أضاءها أبناء بلدته من قبل، بالكلمة الحرة، والموقف النزيه، والصوت الصادق.
قلمه يشبه نيل قنا الخالد، وسيرته تشبه عيدان القصب، إذا هبت الريح نطقت بما في داخلها من طِيب، وإذا استقرّت، منحت الناس سُكّرًا ومعنًى.
في الختام… كامل من الكمالات
إن أيمن أبو عايد ليس فقط صحفيًا متميزًا، بل هو مجموعة من الكمالات:
القدرة الكاملة، المحبة الكاملة، العدل، الوفاء، النُبل.
وهو بحقّ واحد من أولئك القلائل الذين تركوا بصمة لا تُمحى في بلاط صاحبة الجلالة، وأثبتوا أن الصحافة الحقيقية ما زالت تنبض بالحياة.